تخفيفاً للأعباء: ترفيع إداري لطلاب الجامعات السورية

إدلب - أحمد العقلةالثلاثاء 2025/10/14
طلاب سوريون في جامعة حلب (غيتي)
الترفيع الإداري لا يعالج المشكلات الجذرية مثل نقص المدرسين المؤهلين وتدهور البنية التحتية (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

تواجه سوريا تحديات أمنية واقتصادية أثرت سلباً على التعليم العالي، حيث تسبب انقطاع الكهرباء، وتدهور البنية التحتية، وارتفاع تكاليف المعيشة والاضطرابات الأمنية والعسكرية في المدن السورية في زيادة التسرب الأكاديمي وتراكم المقررات الدراسية على الطلاب. وأدت الأزمات إلى انقطاع بعض الطلاب عن الدراسة بسبب العمل أو الظروف الأمنية، ما زاد حالات التأخر الأكاديمي. وقد طالب الطلاب بتخفيض الرسوم الدراسية، وتحسين المرافق، وتوفير دعم أكاديمي لمواجهة صعوبات التعلم. وتلافي ضياع سنوات الدراسة أصدرت الحكومة المرسوم (192) للعام 2025، وفيه تمنح الترفيع الإداري، بهدف دعم الطلاب وإعادة دمجهم في النظام التعليمي، مع الحاجة إلى دعم تعليمي ولوجستي لضمان نجاحه.

 

 ترفيع أكاديمي

يهدف هذا القرار إلى تخفيف الأعباء الأكاديمية عن الطلاب الذين يواجهون تحديات أمنية واقتصادية، مع تعزيز استمراريتهم في التعليم العالي.

يتيح المرسوم للطلاب الذين يحملون أكثر من أربعة مقررات دراسية الانتقال إلى السنة الأكاديمية التالية، مع توفير فرص لامتحانات تكميلية خاصة بطلاب السنة النهائية. جاء هذا القرار بناءً على دراسة قدمها وزير التعليم العالي، الدكتور مروان الحلبي، الذي أكد أن الهدف الأساسي هو تحقيق العدالة الأكاديمية في ظل الظروف الصعبة. وأشار إلى أن الوزارة قررت تأجيل الدورة التكميلية لتتماشى مع أحكام المرسوم، ما يمنح الطلاب فرصة أكبر لتحسين أدائهم الأكاديمي. 

ويُعتبر الترفيع الإداري خطوة إيجابية لدعم الطلاب، حيث يتيح لهم مواصلة دراستهم دون خسارة سنة أكاديمية كاملة. كما يساهم في إعادة دمج الطلاب المنقطعين أو المفصولين في النظام التعليمي، ما يعزز استقرارهم الأكاديمي. ومع ذلك، يثير القرار مخاوف لدى البعض من تراكم المقررات الدراسية، ما قد يؤدي إلى زيادة الضغط الأكاديمي إذا لم يترافق مع دعم تعليمي ولوجستي كافٍ.

 

الحفاظ على جودة التعليم

في تصريح خاص لجريدة "المدن"، أوضح الدكتور أسامة رعدون، رئيس جامعة حلب، أن الجامعة وضعت خطة مؤسسية دقيقة لتطبيق المرسوم (192)، مع الحفاظ على جودة التعليم والعدالة الأكاديمية.

وأشار إلى تشكيل لجنة مركزية برئاسته لمتابعة تنفيذ القرار، بالتنسيق مع عمداء الكليات، بهدف تدقيق حالات الترفع الإداري ومنع تراكم المقررات. 

وتتضمن الخطة تعديل الجداول الزمنية لتكون أكثر مرونة، وإطلاق برنامج أكاديمي شامل يشمل دورات تعزيزية وإرشادية، مع تفعيل منصات التعليم الإلكتروني لتوفير محتوى تعليمي يسهل الوصول إليه.

وأكد رعدون أن الجامعة تعمل على إعادة تأهيل القاعات الدراسية والمختبرات بالتعاون مع جهات داعمة، بهدف توفير بيئة تعليمية مستدامة. وشدد على التزام الجامعة بتحقيق توازن بين العدالة الأكاديمية وجودة التعليم من خلال تبني أساليب تدريس تفاعلية وتقديم دعم لوجستي للكليات.

 

تفاؤل الطلاب بالترفيع

أثارت هذه الخطوة ردود فعل متباينة بين الطلاب. ففي تصريح لجريدة "المدن"، عبّرت الطالبة لينا محمد، من كلية الطب بجامعة حلب، عن تفاؤلها بالمرسوم، قائلة: "الترفع الإداري فرصة ذهبية لمواصلة دراستنا رغم التحديات الاقتصادية والأمنية. لكنه يحتاج إلى دعم أكبر في المناهج والإرشاد الأكاديمي لتجنب تراكم المواد. أتمنى أن توفر الجامعة دورات تعزيزية مكثفة تساعدنا على سد الفجوات الأكاديمية". 

وأضافت محمد أن تحسين البنية التحتية، مثل توفير مختبرات مجهزة ومكتبات حديثة، سيكون له تأثير كبير في تسهيل العملية التعليمية.

بدورها، تحدثت الطالبة مريم حسن، من كلية الاقتصاد، عن تجربتها مع الترفع الإداري، قائلة: "القرار منحني فرصة للاستمرار في دراستي بعد أن كدت أفقد سنة أكاديمية بسبب ظروفي الشخصية. لكن أخشى أن يؤدي تراكم المقررات إلى صعوبات في المستقبل إذا لم يتم توفير موارد تعليمية كافية". وأشارت مريم إلى أهمية توفير منصات تعليمية إلكترونية متطورة، خاصة في ظل انقطاع الكهرباء المتكرر الذي يعيق الوصول إلى المحاضرات عبر الإنترنت.

 

معالجة التحديدات المالية

من جهته، أعرب الطالب أحمد الخالد، من كلية الهندسة، عن دعمه للقرار، لكنه أشار إلى ضرورة معالجة التحديات المالية. وقال: "الدعم الأكاديمي خطوة مهمة، لكن ارتفاع الرسوم الدراسية يشكل عبئاً كبيراً على الطلاب. تحسين البنية التحتية وتخفيض التكاليف سيجعل التعليم أكثر عدالة واستدامة". 

وأضاف أن الطلاب بحاجة إلى برامج إرشادية مكثفة لمساعدتهم على تنظيم دراستهم وتجنب الضغط الناتج عن تراكم المقررات.

أما الطالب محمد الصغير، من كلية الحقوق، فعبّر عن قلقه من القرار، موضحاً: "الترفيع الإداري قد يكون حلاً مؤقتاً، لكنه لا يعالج المشكلات الجذرية مثل نقص المدرسين المؤهلين وتدهور البنية التحتية. نحن بحاجة إلى إصلاحات شاملة تشمل تحسين المناهج وتوفير بيئة دراسية مستقرة". واقترح محمد إنشاء برامج تمويلية للطلاب المتعثرين مالياً، بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الدراسية لتخفيف العبء الاقتصادي.

يطالب الطلاب بإصلاحات أوسع تشمل تخفيض الرسوم الدراسية، تحسين البنية التحتية، وزيادة الدعم الأكاديمي. كما يركزون على ضرورة توفير موارد تعليمية متاحة، مثل الكتب الإلكترونية ومنصات التعليم عن بُعد، لضمان استفادة الجميع من الترفيع الإداري. ويشددون على أهمية الإرشاد الأكاديمي لمساعدتهم على إدارة الضغوط الناتجة عن تراكم المقررات.

في المقابل، تعمل الجامعة على تقديم دعم شامل للطلاب من خلال برامج إرشادية ودورات تعزيزية، إضافة إلى تحسين البنية التحتية. ورغم التحديات، يبقى الترفيع الإداري خطوة إيجابية تهدف إلى دعم الطلاب في ظل الظروف الصعبة، شريطة أن تترافق مع إصلاحات شاملة تلبي طموحاتهم وتضمن استقرارهم الأكاديمي.

 

 يُعد الترفيع الإداري، بموجب المرسوم (192)، مبادرة مهمة لدعم الطلاب السوريين في مواجهة التحديات الاستثنائية. ومع ذلك، يتطلب نجاح هذه المبادرة تعزيزها بدعم تعليمي ولوجستي شامل، إلى جانب معالجة المطالب الطلابية المتعلقة بتخفيض الرسوم وتحسين البنية التحتية. من خلال تحقيق التوازن بين العدالة الأكاديمية وجودة التعليم.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث