بالفيديو: على خطّ الذاكرة: رحلة بالباص بين سككٍ تنتظر القطار

نغم ربيعالأحد 2025/10/12
سكة القطار في صوفر (نغم ربيع)
ينتظر لبنان اليوم الذي تتخذ فيه الحكومة القرار بإطلاق صفارة الانطلاق من جديد (نغم الربيع)
حجم الخط
مشاركة عبر

 

ما تبقى من محطات القطار

في مشهدٍ بدا كرحلة في ذاكرة لبنان، قاد المدير العام لمصلحة سكك الحديد والنقل المشترك، زياد شيا، جولة ميدانية على متن إحدى حافلات النقل المشترك، انطلقت من محطة مار مخايل واتجهت صعودًا نحو بعبدا وعاليه وصوفر، مرورًا ببحمدون. جولة حملت في طيّاتها شيئًا من الحنين وشيئًا من الأمل، كأنها محاولةٌ لإيقاظ الحديد من سباته الطويل وإعادة وصل الحاضر بزمنٍ كان فيه صوت القطار جزءًا من إيقاع البلاد..

48 محطة قطار في مختلف المناطق اللبنانية، منها ما هو قائم، ومنها مرمّم، وما ينتظر الترميم، تمتدّ بمسار على طول 403 كيلومترات.

 

"بوابة الشرق"

كانت الطريق تصعد ببطء، تتلوّى بين الجبال والبيوت الحجرية القديمة التي لا تزال تشهد على زمنٍ كان القطار يمرّ فيه صفيرًا وغبارًا ونشاطًا.

بين الأشجار الكثيفة وأبنية المحطات المتهالكة، كانت ملامح الماضي تُطلّ من النوافذ المكسورة، ومن لوحاتٍ معدنية لا تزال تحتفظ بنقوشها رغم الصدأ.

على أطراف السكك، تظهر بين حينٍ وآخر فنادق صغيرة وأوتيلات مهجورة، شرفاتها معلّقة على المنحدرات، كانت يومًا تستقبل مسافرين ينتظرون القطار القادم من بيروت إلى دمشق. كانت تلك الفنادق ملاذًا للعابرين، ومقاهيها ملتقى لتجارٍ وجنودٍ وطلابٍ ومهاجرين، يتبادلون الأخبار قبل أن يفترقوا على وقع صفّارة القطار.

كانت الجولة بحثًا عن أثرٍ في زمنٍ غابر. قبل 130 عامًا، انطلق أول قطار من بيروت إلى دمشق، فاتحًا للبنان أبواب العالم ومانحًا إياه لقب "بوابة الشرق". تلك السكك التي كانت يومًا شرايين نابضة بالحياة الاقتصادية والاجتماعية، تربط المدن والقرى وتنعش التجارة والثقافة، تحوّلت اليوم إلى معالم تراثية صامتة… لكن الحلم ما زال حيًّا: أن تعود القطارات لتشقّ دروبها من جديد، وأن يُسمع مجددًا صفير الحديد بين الوديان.

أما شيا، الذي بدا كمن يرافق ضيوفه في متحفٍ مفتوح على الطبيعة: ذكّر بأن "الحفاظ على الممتلكات العامة مسؤولية وطنية"، مؤكدًا أن المصلحة تعمل على إزالة التعدّيات عن مسارات السكك الحديدية استعدادًا لـ"اليوم الذي تتخذ فيه الحكومة القرار بإطلاق صفّارة الانطلاق من جديد".

 

مشاريع واستثمارات

بدأت الجولة من محطة مار مخايل، التي يعاد تأهيلها بمبادرة من السفارة الإيطالية ووكالة التنمية الإيطالية، بالتعاون مع الأونيسكو وUN-Habitat. وفي هذا السياق، قال شيا لـ"المدن": "نحن نسعى إلى تنفيذ مشاريع استثمارية تدرّ إيراداتٍ على خزينة الدولة والمصلحة، من دون المساس بجوهر دور المصلحة ووظيفتها الأساسية".

وبين محطةٍ وأخرى، بدا أن هذه الجولات ليست فقط لاستعادة ماضٍ هندسيّ، بل لاستحضار روح بلدٍ كان يحلم بأن يكون مركز عبور لا هامش انتظار. ولعلّها أيضًا تذكيرٌ بأن لبنان، مهما طال وقوفه على الرصيف، لا يزال ينتظر قطاره.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث