تدخل انتخابات اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع في دوامةٍ جديدة من التعطيل، بعد فشل عدّة جلسات متتالية لانتخاب رئيس ونائب للرئيس، لتتحول بعدها الانتخابات إلى ساحة كباشٍ محليٍّ وسياسيّ، تتخلّله اتهامات متبادلة بالعرقلة في ظلّ غياب تام للتفاهم بين أعضاء الإتحاد الأربعة عشر (ببنين، العبدة، المحمّرة، برج العرب، مجدلا، القرقف، مار توما، قبة شمرا، وادي الجاموس، جديدة القيطع، الحميرة، سيسوق، بقرزلا، برقايل، وعيون الغزلان).
جلساتٌ في حلقة مفرغة
وفقاً لمصادر "المدن"، وصل عدد جلسات محاولة انتخاب رئيس الاتحاد إلى أربع، انفضّت جميعها من دون اكتمال النصاب. ففي الجلستين الأولَيين حضر الفريق الداعم لرئيس بلدية برقايل عبد الرحمن الحسن والمؤلف من سبعة اعضاء، فيما قاطعهما الفريق المؤيد لممثل ببنين زاهر الكسّار والمؤلف من سبعة أعضاء هو الآخر. وفي الجلستين اللاحقتين انعكست الصورة، إذ حضر فريق الكسّار وغاب فريق الحسن، ليبقى النصاب مفقودًا في كلتا الحالتين، ويستمر معه التعطيل والتأجيل.
وأشارت المصادر إلى أن مفتي عكار كان قد طرح مبادرةً للخروج من المأزق تقوم على اعتماد "القرعة" لاختيار الرئيس العتيد كحلّ أخير يرضي جميع الأطراف، غير أنّ هذا المقترح لم يلقَ أذاناً صاغية ما أعاد الأزمة إلى المربع الأول.
وكان محافظ عكار عماد اللبكي وجّه كتابًا إلى وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجار أبلغه فيه بفشل جلسات الانتخاب الأربع، مطالباً بإيجاد مخرج قانوني لإنهاء هذا التعطيل. وعلى ضوء ذلك، سيكون التوجه نحو تكليف المحافظ لبكي (الذي لم يبلّغ رسمياً حتى هذه الساعة) لتسيير أمور الاتحاد، لا سيّما تلكَ التي لا تحتمل التأجيل، وهناك مشاريع مموّلة لكن متوقفة يُنتظر البت بها.
التعطيل لم يكن خيارنا
في حديثهِ لـ"المدن"، يكشف رئيس بلدية برقايل عبد الرحمن الحسن عن كواليس الجلسات الأخيرة قائلاً: "طلبت من وزير الداخلية خلال لقاءٍ جمعني به أن تكون الانتخابات نزيهة وبعيدة عن أي تدخل سياسي، واقترحت أن يجمع كل الأطراف في جلسة واحدة للخروج بحلٍّ يرضي الجميع".
وعن أسباب تغيّب فريقه عن الجلستين الثالثة والرابعة، قال الحسن: "في الليلة التي سبقت الجلسة الثالثة، أُطلق النار على شقيق رئيس بلدية وادي الجاموس رامي العكاري، فكان من الاستحالة أن يشارك في الجلسة . أما في الجلسة الرابعة، فقد تعذر حضور رامي العكاري نفسه بسبب دخوله المستشفى".
وحول ما يقال عن أنّ بلدة ببنين "هي أكبر بلدات الاتحاد ولها أحقيّة بالرئاسة" يوضح: "أنا لست ضد ببنين إطلاقًا. لقد وافقت على اقتراح انتخاب رئيس بلديتها محمود جوهر لرئاسة الاتحاد، لكن على قاعدة المداورة، ثلاث سنوات لببنين ومثلها لبرقايل".
فصل اتحاد بلديات وسط وساحل القيطع
أما مرشح بلدية ببنين، زاهر الكسّار فقال لـ"المدن": "كنا نتمنى التوافق وكنا قريبين منه. ذهبت حتى النهاية مع الجميع. أمثل منطقة تضم 17 ألف ناخب و50 ألف نسمة، وتساهم بأكثر من 40 بالمئة من عائدات الاتحاد، وقلت لهم تعالوا لنكون شركاء ونعمل على قاعدة المناصفة، لكنهم رفضوا".
وأوضح الكسار سبب عدم مشاركة فريقه في الجلستين الأوليَين، قائلاً: "تركنا المجال لمبادرة مفتي عكار للوصول إلى توافق. ورفضنا اقتراح إجراء القرعة لاختيار الرئيس لأنه لا يجوز التقليل من شأن وحجم ببنين وباقي البلدات. ففي كل اتحادات لبنان، البلدة الأكبر تتولى الولاية الأولى. نحن عرضنا أول ثلاث سنوات لببنين لكنهم رفضوا".
وطالب كسار بفصل اتحاد وسط وساحل القيطع إلى اتحادين مستقلّين، مضيفاً أن مناطقهم محرومة حتى من مركز للصليب الأحمر، هذا فيما تملأ النفايات الشوارع.
مشهد مأزوم
الاتحاد الذي أُنشئ لتنسيق العمل الإنمائي وتطويره ورفدهِ بالحيوية بين 14 مجلساً بلدياً، بات اليوم حلبةً لصراعٍ على المناصب تجسد حالة انقسام محلي وسياسي، تخفي خلفها حسابات الانتخابات النيابية القادمة والمصالح الضيّقة. أربع جلسات فاشلة، رصاص يسبق الجلسة الثالثة، تغيّب متبادل، ومشاريع معلّقة تنتظر الحلول.
وبينما تتجه الأنظار نحو تسلّم المحافظ عماد اللبكي لمفاتيح الاتحاد، تبقى الرئاسة معلّقة في انتظار تسويةٍ ما، تعيد اللُحمة إلى شقّيه المتصدعين وتعيد معها إلى وسط وساحل القيطع الحد الأدنى من مقومات العمل الجاد الذي يبعد عنها شبح الحرمان والتهميش.
