"تشرين الوردي": للتوعية بسرطان الثدي والأمل بالشفاء المبكر

نغم ربيعالثلاثاء 2025/10/07
GettyImages-1389973365.jpg
اكتشف الأطباء اصابتها بسرطان الثدي من طريق الصدفة أثناء إجراء فحوص روتينية (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

"أصعب لحظة كانت حين كنت أمشّط شعري ويطلع بين إيديي... المرأة أنوثتها بشعرها، وأنا لم يعد لدي شعر". بهذه الكلمات تختصر ليلى عجم، أمّ لأربعة أولاد، واحدة من أكثر مراحل مرضها وجعًا، اللحظة التي رأت فيها أنوثتها تتساقط خصلة بعد خصلة.

يُعتبر شهر أكتوبر شهرًا عالميًا للتوعية بسرطان الثدي، ويُعرف بـ"أكتوبر الوردي". وتعود فكرة تخصيص شهر للتوعية بسرطان الثدي في الولايات المتحدة إلى عام 1985، وكانت في البداية أسبوعًا من الحملات الترويجية للكشف المبكر باستخدام الأشعة السينية. 

 

"عندك كانسر"

قصة ليلي وصراعها مع المرض الخبيث يختصر وجع النساء. تساقط شعرها شعرة، شعرة، لم يكن أكثر ما آلام ليلي، بل نظرات الناس وكلماتهم: "هيدي المريضة... هيدي القرعة... هيدي اللي معها سرطان."

قبل أن تصبح "المريضة" في أعين الآخرين، كانت ليلى امرأة عادية، تمشط شعرها أمام المرآة كل صباح، تتهيأ ليوم جديد بين بيتها وأولادها. إلى أن جاء ذلك الصباح الذي غيّر كل شيء. رنّ الهاتف. الطبيب على الخط: "ليلى، عندِك كانسر."

تجمّدت للحظة. "شو يعني كانسر؟ كيف يعني معي كانسر؟"، تسأله، وهي تحاول استيعاب الكلمة التي ستقسم حياتها إلى ما قبلها وما بعدها. كان ذلك عام 2006. لم تكن تشعر بأي عارض، فقد اكتشف الطبيب الورم بالصدفة أثناء إجراء فحوص روتينية. منذ ذلك اليوم، بدأت أولى رحلاتها مع العلاج والانتظار والرجاء.
تقول: "كنت تلميذة شاطرة، طبّقت كل إرشادات الأطباء بحذافيرها". 

 

الانتكاسة والتصالح

بعد 14 عاماً على التجربة الأولى، عاد المرض. في عام 2020، قرّر الطبيب أن يُزال أحد ثدييها. لكنها طلبت أن تُزال كِلاهما. سألني: "لماذا؟" قلت له: "لا أريد أن أعيش عورة."

وحين أزال الثدي الآخر، تبيّن أنّ فيه سرطانًا لم يكن ظاهرًا في الصور.

اليوم، تعيش ليلى من دون أثداء، ولا يمكنها تركيب بديل اصطناعي لأسباب طبّية تتعلق بنوعية العلاج السابق. ومع ذلك، تقول بابتسامة تعبّر عن رضا: "تعلّمت أن أتقبّل كل شيء يقدمه الله لي". 

 

أكتوبر الوردي: شهر النجاة الممكنة

رغم خطورته، يبقى سرطان الثدي من أنواع السرطان القابلة للعلاج والشفاء بدرجة عالية إذا اكتُشف مبكرًا. وخصص شهر أكتوبر شهرًا عالميًا للتوعية على سرطان الثدي وانطلقت الحملة عالميًا عام 2006 لتشجيع النساء على الفحص المبكر والتقصي الدوري، باعتبار أن الكشف المبكر يرفع احتمالات الشفاء إلى أكثر من 90 بالمئة. 

في لبنان، تكتسب هذه الحملة طابعًا أكثر إلحاحًا مع الانهيار الاقتصادي وتراجع خدمات القطاع الصحي. فالعلاج بات عبئًا ماليًا ثقيلًا، والأدوية أحيانًا مفقودة، بينما يتحوّل الفحص المبكر إلى رفاهية لا تقدر عليها كثيرات.

ورغم ذلك، لا تزال وزارة الصحة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات تطلق في أكتوبر حملات توعية مجانية، تُقدَّم خلالها فحوص الماموغرافيا والدعم النفسي والاستشارات الطبية في عدد من المستشفيات والمراكز.

 

لبنان في مرمى السرطان

تجربة ليلى ليست حالة فردية. فهي تختصر معاناة آلاف النساء اللواتي يواجهن سرطان الثدي في لبنان والعالم، في ظلّ تفاوت كبير في فرص الشفاء بين بلدٍ وآخر.

بحسب دراسة حديثة نشرتها المجلة الطبية البريطانية الأسبوعية "ذا لانسِت" سجّل لبنان أعلى زيادة في حالات ووفيات السرطان خلال 33 سنة بنسبة بلغت 80 بالمئة من بين 204 دول شملها البحث بين عامي 1990 و2023.


الدراسة قيّمت 47 نوعًا من السرطان، ووضعت لبنان في موقع مقلق على خريطة المرض عالميًا.

وتشير طبيبة الأمراض الداخلية ديانا عبود، التي تعمل في مركز نايف باسيل للسرطان، أنّ هذه الأرقام ليست مجرد مصادفة، بل نتيجة تراكمات طويلة من الممارسات غير الصحّية: التدخين المفرط، التلوث الهوائي، المولدات الكهربائية الخاصة، الغذاء غير الصحي، وضعف الرقابة البيئية والصحية وتضيف "الوضع في لبنان مهيّأ للإصابة بالعديد من الأمراض".

السرطان في لبنان لا يميّز بين كبير وصغير، لكنه يصيب النساء بنسبة لافتة، خصوصًا بسرطان الثدي الذي يُعدّ الأكثر شيوعًا بين النساء اللبنانيات، ويحتلّ المرتبة الأولى في مسببات وفيات النساء المرتبطة بالأورام. في هذا السياق، تقول عبود: "أكثر أنواع السرطان انتشارًا هو سرطان الثدي، ولذلك تُسجَّل أعلى نسبة إصابة بين النساء، خصوصًا مع ازدياد حملات التوعية والفحوصات المبكرة التي تُسهم في الكشف عن المرض."

بحسب منظمة الصحة العالمية، تُسجَّل كل عام أكثر من 2.3 مليون إصابة جديدة بسرطان الثدي عالميًا، أي تُسجل حالة جديدة كل 14 ثانية تقريبًا. وهو ثاني أكثر أسباب الوفاة بالسرطان في صفوف النساء بعد سرطان الرئة.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث