ضرب الرضّع وتعنيفهم: مالكة الحضانة أُخلي سبيلها بمئة مليون

نغم ربيعالاثنين 2025/10/06
حضانة الجعيتاوي التي تعنف الأطفال (وسائل تواصل)
سحبت وزارة الصحة الترخيص من أصحاب حضانة الجعيتاوي في انتظار القرار النهائي للقضاء (وسائل تواصل)
حجم الخط
مشاركة عبر

أخلت قاضية التحقيق في بيروت كريستال ملكي سبيل مالكة حضانة Rouge et Bleu  ك. م. والمعلمة ب. ن. والمساعدة ع. م. بعد توقيف امتد لبضعة أيام. قرار بدا مستغرباً في القضية التي ضجّ بها الرأي العام، على خلفية تعنيف الأطفال والرضّع في الحضانة الكائنة في منطقة الجعيتاوي في بيروت. 

 

الخروج بكفالة مالية

وفي التفاصيل، أوقفت القوى الأمنية مالكة الحضانة والمعلمة ومساعدتها منذ أيام، بعد ورود شكوى من الأهل حول تعنيف أطفال داخل الحضانة. وبنتيجة الاستقصاءات والتحريات، ومراجعة كاميرات المراقبة، تبيّن أنّ بعض العاملات يقمن بضرب الأطفال وتعنيفهم. فجرى توقيفهن وإقفال الحضانة بالشمع الأحمر.

ووفق مصادر "المدن"، تركت القاضية ملكي سبيل الموقوفات رهن التحقيق، وبكفالات مالية بلغت 100 مليون ليرة، بعد أن جرى الادعاء عليهن بجرم إساءة معاملة عدد من أطفال الحضانة ومخالفة الأنظمة الإدارية. وبالرغم من أن عقوبة هذه الأفعال تصل عادة إلى ستة أشهر، بدا مستغرباً ترك سبيلهن بعد التحقيق معهم، لا سيما أن هذا النوع من القضايا باتت تتكرر على نحوٍ مستمر. وهذا بمعزل عن أن التحقيق لم يُختتم بعد، ومن المقرّر أن يُستكمل وفق الأصول القانونية إلى حين صدور القرار النهائي.

حضانة الجعيتاوي التي تعنف الأطفال (وسائل تواصل)

لكن خلف هذا الحدث القضائي، يبرز سؤال أكبركيف يُفترض أن تكون بيئة الحضانة؟ ومن يراقبها؟

 

إجراءات وتصحيح تدريجي؟

في أيلول الماضي، أُطلقت وزارة الصحة مبادرة "كارول"، بالتعاون مع الصليب الأحمر اللبناني ومركز ترشيد السياسات في الجامعة الأميركية في بيروت، تيمّناً بالطفلة التي توفيت خنقاً داخل حضانة. وتهدف المبادرة إلى تعزيز السلامة العامة، وتطوير كفايات العاملين في مجالات الإسعاف والاستجابة الطارئة، إضافة إلى اعتماد معايير جديدة للأمان في الحضانات. ووعدت الوزارة حينها بتشديد الرقابة على الحضانات، وإقفال المخالفة منها. فأين انتهت القضية؟

تقول باميلا زغيب، رئيسة دائرة الأم والطفل في وزارة الصحة، لـِ"المدن": "دورات الصليب الأحمر بدأت فعلاً، كما أُقفل عدد من الحضانات المخالفة". وتضيف: "سحبنا الترخيص من حضانة الجعيتاوي، ووفق القرار القضائي سنرى ما سيكون مصيرها". وتوضح أن "قطاع الحضانات في لبنان من أفضل القطاعات؛ إذ يلتزم نحو 70 في المئة منها بالمعايير، في حين تجري معالجة مخالفات الـ30 في المئة المتبقية بالتعاون مع القضاء والوزارة".

 

حين تتحوّل الرعاية إلى خطر

الحضانة، في مفهومها، هي المكان الذي يُستقبل فيه الأطفال الرضّع ودون سن المدرسة لتلقّي الرعاية اللازمة، ولا يمكن للأهل أن يوفّروها في المنزل.
تُعرّف المربية في هذا السياق بوصفها مقدّمة رعاية موقّتة، تؤدّي وظائف الأم من دون أن تكون بديلاً منها، فتُعنى بحاجات الطفل البيولوجية من طعام ونظافة، كما تساهم في تنشئته الاجتماعية عبر الحوار والتواصل والتعليم المبكر.

تقول رنا غنوي، الاختصاصية الاجتماعية وخبيرة الحماية، لـِ"المدنإنّ "التعامل مع الأطفال في الحضانات يجب أن يكون كما في أيّ بيت صحياً. يجب أن ينال الطفل رعاية متكاملة، اجتماعية، غذائية، ونفسية، ضمن سياسة حماية الطفل التي تضمن صحته ونموّه وسلامته". وتضيف: "كل حضانة ينبغي أن يمرّ فريقها بدورات تدريبية مكثّفة لتطوير القدرات، وأن يخضع لتدريبات دورية كل ثلاثة أشهر بإشراف وزارة الصحة، لضمان التعامل السليم مع الأطفال".

غير أن الواقع مختلف تماماً. إذ تشير غنوي إلى أنّ آخر حملة رقابة دورية على الحضانات جرت في العام 2014؛ أي قبل أحد عشر عاماً، وهذا "ما يعني غياب أيّة آلية رقابية متخصّصة أو متابعة منتظمة، إلا بعد وقوع شكوى أو حادثة".

 

مآسٍ تتكرر ومسؤوليات ضائعة

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها في لبنان. ففي العام 2023 أُقفلت إحدى الحضانات في بيروت نهائياً بعد ثبوت تعنيف الأطفال، وانتشار مقاطع مصوّرة صادمة أظهرت أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات يُجبرون على تناول الطعام تحت الصراخ والضرب. وفي الدكوانة، توفيت طفلة اختناقاً داخل الحضانة، في الوقت الذي كانت فيه الممرضة المسؤولة غائبة عن عملها. وفي آب الماضي، أقفلت مفرزة تحري الجنوب حضانة في بلدة رميش بالشمع الأحمر بعد ورود شكاوى عن تعنيف الأطفال تمارسه صاحبة الدار.

وفق المرسوم الصادر عن وزارة الصحة، يُفترض أن تؤمّن الحضانات بيئة تربوية وتعليمية وتثقيفية آمنة للأطفال، لكن الواقع يظهر هشاشة الرقابة. وتوضح هنا جوجو، رئيسة نقابة أصحاب دور الحضانة في لبنان، أنّ النقابة لا تملك صلاحيات رقابية، فـَ"الجهة المسؤولة فعلياً هي وزارة الصحة، التي تعاني من ضعف في القدرات البشرية نتيجة تقليص عدد الموظفين، وهذا ما يجعل الرقابة على مستوى المحافظات محدودة وغير كافية".

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث