newsأسرار المدن

العطش يتسبب بمقتلة في البقاع ويهدد بانفجار اجتماعي

بتول يزبكالخميس 2025/07/03
حجم الخط
مشاركة عبر

في حادثٍ يعكس توتّر المنطقة على خلفيّة نُدرة المياه، اندلع صباح اليوم خلافٌ بين عائلتي سيف الدين ونزها حول أولويّة تعبئة الخزّانات من بئرٍ يملكه آل النجّار في بلدة شمسطار – البقاع الشماليّ. وتطوّر الجدال سريعًا إلى إطلاق نارٍ أصاب شقيقين من آل سيف الدين: الجنديّ في الجيش اللبنانيّ محمّد حسين سيف الدين، الذي قضى متأثّرًا بجروحه، وفادي سيف الدين المنتسب إلى قوى الأمن الداخليّ، الذي نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة. أمّا الجريح الثالث فهو عليّ نزها، الذي كان الشقيقان يشتبكان معه، فيما تُشير المعلومات الميدانيّة إلى أنّ مُطلِق النار ينتمي إلى آل النجّار، اصحاب البئر.

على الرغم من خصوصيّة الحادثة الجنائيّة، فإنّ الخلفيّة واحدة: عطش يزداد حدّةً في سهول البقاع الشماليّ والأوسط، مع صيفٍ يُسجِّل ذروةً غير مسبوقة لأزمة المياه. فلبنان يعيش شتاءه الجافّ الثالث خلال 75 عامًا؛ إذ هبط الهطول في زحلة إلى 152 ملم فقط مقابل 285 ملم العام الماضي، فيما تراجع معدّل بيروت من 520 إلى 262 ملم — أي أقلّ من نصف المتوسّط التاريخيّ — بينما يُقدّر الانخفاض الوطنيّ بنحو 30 ٪.

 

ينابيع تحتضر

في بعلبك، لفظ نبع البيّاضة الشهير وبركته في رأس العين "أنفاسهما الأخيرة" بعدما جفّت قنواتهما ونفقت أسماك البركة، ما ضرب السياحة الصيفيّة وحرم الأهالي مصدر مياه الشفّة. مشهدٌ مشابه ظهر في صورٍ رسميّة لمجرى نبع عنجر — أحد أكبر ينابيع البقاع الشرقيّ — الذي جفّ بالكامل جرّاء قِصر موسم المطر واستنزاف المياه الجوفيّة.

الأمر لم يقف عند هذا الحدّ: نبع شمسين في البقاع الأوسط، المُزوِّد بنحو 22 ألف م³ يوميًّا، توقّف كليًّا، لتخضع أحياءٌ كاملة في برّ الياس لتقنينٍ قاسٍ يدفع العائلات إلى شراء مياه الصهاريج بأسعارٍ مُنهِكة، وسط اتّهاماتٍ بتعدّياتٍ على الشبكات وافتعال أعطالٍ تزيدها أزمة الكهرباء وضغط النزوح السوريّ.

انعكس انهيار الموارد السطحيّة على بحيرة القرعون أيضًا، الخزّان الاستراتيجيّ للبنان، التي انخفض مخزونها إلى 43 مليون م³ — أدنى مستوى منذ إنشاء السدّ عام 1959. توقّفت التوربينات الكهرمائيّة وتقلّص هامش المناورة في ريّ الأراضي المرويّة من الليطاني.

ومع تلوّح كارثةٍ لموسم القاسميّة–الزهراني (4000 هكتار من الحمضيّات والخضار)، قرّرت المصلحة الوطنيّة لنهر الليطاني في 27 حزيران تحويل كامل تصريف عين الزرقاء (نحو 800 ل/ث) إلى مجرى النهر لإنقاذ الزراعة جنوبًّا، ما حرم في المقابل بلدات البقاع الأوسط موردًا إضافيًّا للشفّة.

 

هدرٌ وهيكليّاتٌ مترهِّلة

لا يُختزل تفاقم الأزمة في المناخ؛ فشبكات نقل المياه المُهترئة تهدر نحو 50 ٪ من المياه المتداولة، فيما تُعاني مؤسّساتُ المياه تحصيل رسومٍ لا تتجاوز نصف المطلوب بسبب التوصيلات غير الشرعيّة والتهرّب، ما يُفرّغ صناديقها من أموال الصيانة والتجديد.

من دون إعادة تأهيل الشبكات، وضبط الحفر العشوائيّ للآبار، وفرض سياساتِ تقنينٍ عادلةٍ تحمي الفئات الأضعف، ستتكرّر مشاهد البيّاضة وعنجر وشمسين في ينابيع أخرى قريبًا. ومع تغيّر المناخ وسوء الإدارة، قد يتحوّل سهل البقاع، الخصِب تاريخيًّا، إلى أرضٍ عطشى يستجدي أهلُها «حقّهُم الطبيعيّ» في قطرة ماء.

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث