الخميس 2024/08/01

آخر تحديث: 14:53 (بيروت)

الصراعات تنفجر بـ"الحكمة": تعيينات مخالفة للقانون ومحسوبيات كنسية بالتوظيف

الخميس 2024/08/01
الصراعات تنفجر بـ"الحكمة": تعيينات مخالفة للقانون ومحسوبيات كنسية بالتوظيف
في حال كانت التعيينات مخالفة للأصول لن تعترف وزارة التربية بها ولا بالتوقيع على الشهادات (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
يبدو أن الصراعات الداخلية في جامعة الحكمة بدأت تخرج إلى العلن. الصراعات ليست حديثة، لكن الجو العام المحافظ كان يمنعها من الخروج إلى العلن. وبعد التعيينات التي أقدم عليها رئيس الجامعة الدكتور جورج نعمة، مؤخراً (حل مكان الرئيسة السابقة لارا كرم البستاني)، بدأت مشاكل الجامعة تطفو على السطح. وبمعزل عن أن الخلافات تعود لأسباب سياسية بالدرجة الأولى، وكنسية أيضاً (تأخذ طابعاً إدارياً وشخصياً)، إلا أن الإشكالية الأكاديمية في التعيينات التي أقدمت عليها الإدارة، تعرّض الجامعة لمخاطر عدم قبول التواقيع في وزارة التربية.

تعيين نائب الرئيس
"المدن" حصلت على بعض قرارات التعيين التي حدثت مؤخراً في الجامعة، والتي تبين أنها مخالفة لقانون التعليم العالي 285 والقرارات التنظيمية التي صدرت عن وزارة التربية لتطبيق القانون. فبتاريخ 18 تموز صدر قرار حمل الرقم 20، عين بموجبه رئيس جامعة الحكمة إيلي أبي عاد نائباً للرئيس للشؤون الإدارية. وبمعزل عن أن أبي عاد موظف في وزارة المالية (يحق له التوظف لأنه قدم طلب استيداع)، وكان يشغل منصب المدير المالي في الجامعة، إلا أنه لا يحمل شهادة دكتوراه، بل يعمل حالياً على إنهاء دراسته في هذا الشأن. هذا فضلاً عن أنه لا يحمل أي رتبة أستذة، فيما يفرض القانون حصوله على رتبة أستاذ مشارك. وقد تواصلت "المدن" مع أبي عاد، لكنه لم يجب لا على الاتصال ولا على الرسالة للاستفسار عن التعيين. 

إلى هذه التعيينات وإشكالياتها القانونية، تضيف المصادر، أن ثمة تعيينات حصلت في الجامعة جعلتها تبدو كأنها مؤسسة عائلية. فثمة انتقادات في الجامعة توجه لمطران أبرشيّة بيروت المونسنيور بول عبد الساتر، بعد تعيين الإدارة أقرباء له في مناصب رفيعة في الجامعة. وتبين أن أحد التعيينات كان بمثابة تبليغ من رئيس الجامعة للعمداء عن التعيين، بواسطة بريد إلكتروني، أي ليس وفق قرار رسمي. 

أقرباء المطران والمضايقات
سبق وتم تعيين الدكتور أنطونيو أبو كسم عميداً لكلية العلوم السياسية، لوضع حد للفراغ في العمادة. وأتى التعيين لقرب الأخير من المطران، لكنه عاد واستقال بعد أقل من خمسة أشهر على التعيين. ويفيد القرار رقم 17 بتاريخ 3 تموز بأنه تم تكليف نائب الرئيس للشؤون الأكاديمية ريان هيكل عمادة الكلية نظراً لاستقالة أبو كسم. وتلفت المصادر إلى أن أبو كسم تعرض إلى مضايقات من قريب المطران عبد الساتر، وصولاً إلى دفعه لتقديم الاستقالة. وقد تواصلت "المدن" مع أبو كسم لكنه تحفظ عن الإجابة وامتنع عن التصريح.

تعيين آخر حصل لعمادة كلية الهندسة، تدور حوله إشكاليات مثل افتعال المضايقات لدفع الشخص إلى الاستقالة. يتعلق الأمر بالقرار رقم 18 بتاريخ 18 تموز، الذي عُين بموجبه الرئيس إيلي الأحمر عميداً لكلية الهندسة خلفاً للبروفسور أنطوان جدعون مؤسس الكلية منذ ثمانية سنوات. فهذه المضايقات أطاحت بأحد أعمدة الجامعة، لا سيما أن جدعون سبق وشغل منصب نائب رئيس جامعة السوربون في فرنسا، قبل العودة إلى لبنان بمهمة تأسيس كلية الهندسة في الجامعة. وقد تواصلت "المدن" مع جدعون الذي اكتفى بالقول إنه بعد ثمانية سنوات من تكريس جهده لتأسيس الكلية التي باتت من أهم كليات الهندسة، آن الأوان كي يستلم أحد غيره، بغية التغيير. وأضاف أنه قدم الاستقالة للانكباب على مشروع تحويل مدرسة الآباء البيض في البقاع إلى جامعة (مدرسة فرنسية قديمة قدمتها فرنسا لكنيسة الروم الملكيين الكاثوليك). فقد كلفه بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي مؤخراً ترؤس اللجنة التوجيهية لإنشاء الجامعة في منطقة الرياق.

تفسير مغلوط للقانون؟
التعيين الآخر الذي تعرض لانتقادات يتعلق بكلية الحقوق. فقد تم تعيين المحامي شادي سعد عميداً لكلية الحقوق من دون حيازة رتبة أستاذ مشارك. لكن الأخير قال لـ"المدن" إنه نشر أربعة أبحاث ولديه رتبة أستاذ مشارك.
"المدن" تواصلت مع رئيس الجامعة للاستفسار عن ملابسات التعيينات. وقد اكتفى بالقول: "المعلومات التي وصلتكم، كما تفسير القانون 285 للتعليم العالي ليست دقيقة. أدعوكم لزيارة الجامعة بعد عودتي من السفر في 14 آب لتزويدكم بما يصوب الأمور. كما أتمنى التعاون مع جريدتكم لتبيان الحقائق وإلقاء الضوء على رسالة الجامعة وورشتها لضمان الجودة وخطتها للتطوير الاستراتيجي".
مصادر "المدن" في وزارة التربية، أكدت أن مديرية التعليم العالي لم تتبلغ بهذه التعيينات التي أقدمت عليها الجامعة بعد. وتقول المصادر أنه عندما تتبلغ "المديرية" رسمياً ستفتح الملفات الأكاديمية لكل شخص معين وعلى أساسها تتخذ القرار المناسب. ففي حال كانت التعيينات مخالفة للقرارات والتعاميم لناحية الشهادة العلمية والرتبة الأكاديمية، ولا تراعي أصول كيفية تعيين الرؤساء ونوابهم والعمداء، ستعتبر التعيين كأنه غير موجود. أي أنه لن يتم الاعتراف بتواقيع الأشخاص المعينين، وتدخل الجامعة في إشكاليات قانونية هي بالغنى عنها.

عدم الاعتراف بالتواقيع
وفق القرار رقم 637/م، الذي صدر عن وزارة التربية، والذي أتى لحسن تطبيق القانون 285، يجب على رئيس الجامعة ونوابه والعمداء، حيازة شهادة دكتوراه المنصوص عنها في المادة 58 من قانون 285 (دراسة لمدة ثماني سنوات جامعية). ويشترط القرار حيازة رئيس الجامعة ونوابه وعميد الكلية ومدير الفرع الجغرافي رتبة أستاذ مشارك على الأقل. وعلى مؤسسات التعليم تنفيذ مضمون القرار في مهلة سنة تنتهي في آخر شهر آب الحالي.
وحول كيفية التحقق من حيازة الشخص المعيّن على الرتبة العلمية التي تؤهله تولي المنصب، لفتت مصادر "المدن" إلى أن النظام الأساسي للجامعة الخاصة يتضمن آلية التصنيف والترفيع والرتب. بمعنى أن الجامعة لديها قواعد خاصة فيها للتصنيف وللرتب الاكاديمية أو العلمية، وفق الأعراف الأكاديمية. وعندما ترفّع الجامعة أفراد الهيئة التعليمية وتعطيهم الرتب يجب أن تحترم النظام الأساسي، التي وضعته عند التأسيس. ومديرية التعليم العالي تستند في التدقيق بالملفات على نص النظام الأساسي، لتتأكد إذا الجامعة احترمته أما لا.
وتشرح المصادر أنه عندما تقرّ الجامعة في نظامها بأن الترفيع يتم بعد خمس سنوات خبرة تعليمية وبعد نشر خمس أبحاث أصيلة في مجلات محكمة، تتأكد "المديرية" إذا كانت هذه الشروط متوفرة بالشخص المعين في الجامعة. أي أنها تراجع العقود الموقعة مع الأستاذ، وأين درّس وعدد ساعات التدريس سنوياً، بعد نيله شهادة الدكتوراه. ولا تحتسب الساعات المنفذة قبل نيله الشهادة. وتتثبت إذا كانت الأبحاث منشورة في مجلات محكمة عالمية. وعندما تكون الجامعة قد اتبعت الأصول في التعيين تعترف المديرية "بالتوقيع". غير ذلك لا يتم الاعتراف بالتعيين وتعرض الجامعة نفسها لعوائق وشلل مؤسساتي، ينعكس على الشهادات التي تمنحها للطلاب لناحية عدم الاعتراف بها. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها