الخميس 2024/12/05

آخر تحديث: 13:09 (بيروت)

25 عاماً في "اللبنانية" انتهت بلا راتب ولا تثبيت

الخميس 2024/12/05
25 عاماً في "اللبنانية" انتهت بلا راتب ولا تثبيت
كرّمت الجامعة اللبنانية المتعاقدين الذين تقاعدوا باستبدالهم بأساتذة جدد بلا خبرة (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
والده نقولا نمّار، مؤسس كلية الفنون في الجامعة اللبنانية في ستينيات القرن الماضي، خاض صراعاً مع السلطة، تخلله اعتصامات وتظاهرات مطالبة بتأسيس هذه كلية، التي تعتبر من أهم الكليات في لبنان. أهميتها ليست بأنها خرّجت آلاف الطلاب والفنانين، بل لأنها صرح عام يستفيد منه كل أبناء الشعب اللبناني.

هو الدكتور ندي نمّار الذائع الصيت. يمثّل الأساتذة في لجنة المتعاقدين منذ زمن بعيد. مضى على تعاقده مع الجامعة اللبنانية في كلية الفنون الفرع الثاني 25 عاماً. منذ تعاقده كان عقده بنصاب كامل يزيد عن 200 ساعة. وصل مؤخراً إلى 400 ساعة نظراً لعدم توفر أساتذة بعد تقاعد العديد من أساتذة الجامعة أو هجرتهم خارج لبنان.

هذا العمر المديد في التعاقد مع الجامعة منحه لقب عميد المتعاقدين. كان يفترض أن يتفرغ في العام 2008 ولم يحالفه الحظ. ولم يرد اسمه مع جملة من تفرغوا في العام 2014، لا بل تم رفض اسمه. ومؤخراً، ورغم كل المحاولات، لم يبصر تفرغه النور أو يصار لضمه إلى ملاك الجامعة. بالمختصر، سيتقاعد الدكتور ندي في شباط المقبل. ويغادر الجامعة التي أفنى حياته فيها بلا حقوق أو ضمانات أو سند مالي.

تخلت الجامعة عنهم
مرت عشر سنوات على تفريغ أخر دفعة في الجامعة اللبنانية، ولم يبلغ ملف التفرغ نهايته المفترضة. عدد من الأساتذة بلغوا سن التقاعد أو فارقوا الحياة من دون نيل "شهادة" التفرغ، رغم أنهم يحملون أرفع الشهادات، ويستحقون التفرغ قبل مئات الأساتذة الذين أدخلوا بالوساطات و"البوسطات" في العام 2014.

الدكتورة عايدة إبراهيم واحدة من هؤلاء الأساتذة الذين أمضوا سنوات عمرهم المنتجة في الجامعة، وخرجوا إلى التقاعد من دون أي التفاتة لتضحياتهم.

كانت الدكتورة عايدة أستاذة محاضرة في كلية الفنون في الفرع الثاني لمدة 15 عاماً. تقصدها  يومياً من طرابلس إلى فرن الشباك، لتعليم الطلاب والأشراف على أعمالهم وابحاثهم. تحمل شهادة دكتوراه في اختصاص نادر عالمياً هو "صناعة الزجاج المعشق". أفنت عمرها في خدمة الجامعة وتخريج آلاف طلاب الفنون في اختصاص نادر، يستفيد منه لبنان عمرانياً وجمالياً. لكن السكين الطائفي وصل إليها العام الماضي وحال دون إقرار ملف التفرغ. بلغت سن التقاعد في الفصل الثاني من العام الماضي. ألغت الجامعة عقدها. التزمت بيتها بلا أي مورد مالي أو ضمان شيخوخة.

لا عدل ولا مساواة
"كرّمت" الجامعة الدكتورة عايدة بطريقة لم تخطر على بال، تم استبدال موقعها واختصاصها بالتعاقد مع أساتذة لا يحملون هذا النوع من الاختصاص. أساتذة جدد بلا خبرة، بينما تنتظر "رحمة" البعض كي "يمنوا عليها" بالتعليم من خلال الندوات في الجامعة. فالجامعة من خلال هذه "الندوات" توفر على نفسها أعباء مالية للتعاقد أو لتفريغ أساتذة. ذاك أن المستحقات المالية لهذه الندوات مخجلة مثلها كمثل أجر ساعة المتعاقد. ويصل أجر الندوة لمدة ساعتين ونصف إلى 800 ألف ليرة، لا تكفي بدل انتقال من طرابلس إلى بيروت.

كان يفترض أن يصدر عن المجلس النيابي قانوناً لحفظ حق المتعاقدين الذين تقاعدوا. فهؤلاء أمضوا القسم الأكبر من حياتهم المهنية في خدمة جامعة الوطن. لكن بقي مشروع القانون يتيماً، ولم يجد من يتبناه من النواب. كان الهدف منه، ضم الأستاذ الذي يستوفي الشروط إلى ملاك الجامعة مع بلوغه سن التقاعد قبل التفرغ. لكن لم يصدر أي قانون مماثل، على الرغم من أن عدد الذين باتوا في سن التقاعد أو سيتقاعدون بعد نحو سنة لا يزيد عن 40 أستاذاً.

الدكتور خالد الكردي من بين الأساتذة الذين سيتقاعدون بعد سنة ونيّف. هو أستاذ في التاريخ في كلية الآداب في الفرع الخامس في صيدا. يدرّس بنصاب كامل منذ العام 2012، وحائز على رتبة أستاذ. يقول عن تجربته مع التثبيت: "كان من المفترض أن أتفرغ في العام 2014. لكن حينها تم استقدام أساتذة بالطائرات من الخارج لتفريغهم عملاً بعرف المحاصصة الطائفية والسياسية". منذ خمس سنوات بات "يعمل باللحم الحي، لأن بدل أجر الساعة بلغ مستويات معيبة ومخجلة (4 دولارات)".

يختصر في كلامه معاناته وزملائه حيث يقول: "ضاع عمرنا في الجامعة. ها نحن نخرج إلى التقاعد بلا راتب ولا ضمانات صحية أو اجتماعية. على الرغم من أن الجامعة تقوم على اكتاف المتعاقدين. لكن لا عدل ولا مساواة في لبنان وفي جامعتنا".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها