14 شهراً أو ما يزيد على ذلك ترك أحمد سرحان بلدته كفركلا ، تهدّم منزله، فقد عدداً كبيراً من أقاربه، لكنه في تمام الساعة السادسة صباحاً عاد اليها، بطريقته الخاصة كما يقول: " انطلقت مع رفاقي من عكار الى صيدا، ظهر يوم أمس، وقبل موعد وقف اطلاق النار وصلنا الى منطقة الزهراني، لنصل الى مدخل البلدة حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحاً"، مشاهد الدمار المخيفة في القرى الأمامية لم تكن مانعاً للعودة، حتى أن أحمد ورفاقه سمعوا أصوات اطلاق النار على من عبروا أمامهم بدراجاتهم النارية، ما جعلهم يعودون الى النبطية، لأنه "على مداخل البلدة حرس غير مرئيين" يقول أحمد، " لقد صرخ أحدهم من بعيد قائلاً، لا تقتربوا، لا تلمسوا، لا تلتقطوا الصور"، لافتاً الى أن المشهد المرعب للدمار كان متوقعاً، لكن ما هو غير متوقع هو القدرة على الوصول في هذه السرعة، عبر طريق وادي الحجير كون طريق نهر الخردلة مقطوعة ويعمل الجيش اللبناني على فتحها.
أعمال رفع الانقاض
أبناء حولا، وصل معظمهم صباحاً أيضاً، الى القرى القريبة، لأن الدخول الى حولا صعب جداً بسبب الحفر الكبيرة في أسفل وادي السلوقي، الذي يصل البلدة ببلدتي شقرا ومجدل سلم، لكن رغم ذلك دخل عدد من شبان البلدة عبر الدراجات النارية، وبدأوا العمل على فتح الطرقات، رغم محاولة الجيش اللبناني منعهم من الدخول.
ومنذ ساعات الصباح الأولى بدأت الجرافات تعمل على فتح الطرقات في معظم القرى والبلدات الجنوبية، حتى أنه في بلدة الجميمجة ( مرجعيون) شوهدت جرافة تعمل على رفع الركام في تمام الساعة الرابعة صباحاً، أي منذ لحظة بدء وقف اطلاق النار، ما يعني أن أبناء القرى جهزوا أنفسهم لفتح الطرقات ومساعدة العائدين قبل ساعات من وقف اطلاق النار، كذلك الحال في بلدة شقرا ( بنت جبيل)، كانت الجرافات تعمل منذ الصباح، " لقد وصل عدد كبير من شبان البلدة قبل وقت وقف اطلاق النار، لتبدأ أعمال رفع الانقاض عن الطرقات وانتشال ما تبقى من جثامين الشهداء".
تدمير أحياء بأكملها
يقول صادق قطيش، الذي صمد في حولا سنة كاملة، قبل أن يغادرها، إن " الدخول الى البلدة يحتاج الى السير على الأقدام لمسافات طويلة، بسبب تدمير أحياء بأكملها، لكن رغم ذلك دخلنا بالعشرات، ونعمل على فتح الطرقات، أما السكن اليوم فهو صعب جداً، لعدم وجود مقومات الحياة من ماء وكهرباء ومحلات تجارية، لذلك سيسكن الأهالي في القرى القريبة والتي يمكن تأمين المواد الأولية اليها".
في حولا تم تدمير 240 مبنى سكنياً تدميراً كاملاً، من أصل 1400 مبنى، أي ما يعادل 17%، ما يعني بحسب قطيش أن " أبناء حولا يستطيعون السكن في البلدة خلال الأيام القادمة، ولن يضطروا الى السكن في بلدات او مناطق أخرى، بخلاف بلدات العديسة وكفركلا وعيتا الشعب وبليدا"، وتقول أمل الطويل ( كفركلا) " لن نتمكن من السكن في البلدة، لكننا عدنا الى قرى وبلدات النبطية، ويمكن لنا أن نستأجر المنازل في القرى القريبة، لمتابعة عملية اعادة بناء منازلنا".
في شقرا ( بنت جبيل) وصل عدد شهداء حزب الله الى 73 شهيدا، اضافة الى 25 شهيداً مدنياً، بقي عدد من الشهداء في العراء أو تحت الركام، وتم يوم أمس انتشال 6 شهداْ، ويعمل الأهالي ومن معهم من فرق الإسعاف على البحث عن المفقودين. لم تحبس مريم ( 25 سنة) دموعها، كغيرها من العائدين، بكت كثيراً، لا تعرف أهو بكاء الحزن أم بكاء الفرح، فتقول " لم نتأثر بمشهد الدمار، لكن الحزن كبير جداً على من رحل من خيرة شبابنا، أما الفرح فهو بسبب الاحساس بالقوة والكرامة، صدقوني أن ألم النزوح كان صعباً جداً، لذلك فان شعور الفرح بالعودة لا يمكن وصفه، رغم أن معظم المنازل غير المهدمة ليست مؤهلة للسكن بسبب انكسار الزجاج ووجود الحشرات والجرذان ومخلفات الحيوانات الشاردة. عدد كبير من الأهالي يحتاجون الى وقت للسكن في منازلهم لذلك يجب على الدولة الإسراع في اصلاح الكهرباء وتأمين الأدوية اللازمة لمكافحة الحشرات والجرذان".
ساعة بعد ساعة يزيد عدد العائدين، تمتليء القرى بسكانها بسرعة كبيرة، الأهالي بدأو ينظفون المنازل غير المهدّمة، وعدد من التجار بدأوا يجهزون محالهم غير المهدمة، لتنطلق الحياة مجدداً ومعركة جديدة، اسمها " معركة اعادة الاعمار".
أهالي الخيام ينتظرون الجيش
في ساعات الصباح الأولى وصل عدد من أبناء بلدة الخيام الى منازلهم، عبروا الطرقات الوعرة وأزالوا بعض الركام من الطرقات، لكن بعد ساعة من وصولهم أطقت النيران الاسرائيلية باتجاههم بهدف ترهيبهم وابعادهم عن البلدة.
كانت نقاط التمركز الاسرائيلية واضحة في عدد من حارات البلدة القريبة من الحدود، التقط عدد من الشبان صور دبابات الميركافا القريبة قبل أن يعودوا أدرجاهم الى خارج البلدة، ومنها الى منطقة النبطية وأماكن النزوح.
الدخول الى بلدة الخيام حتى هذه اللحظة صعب للغاية على الأهالي، بسبب التواجد الاسرائيلي الذي يمنع الدخول بانتظار وصول الجيش اللبناني. يقول مصدر بلدي من الخيام إن "العدو الاسرائيلي لن ينسحب من النقاط التي تمركز فيها داخل البلدة قبل دخول الجيش اللبناني، وهذا قد يستغرق وقتاً اضافياً، اذ من المفترض أن يتم الانسحاب على ثلاث مراحل، الأولى من منطقة القطاع الغربي في منطقة صور، والثانية من القطاع الأوسط القريبة من بنت جبيل، والثالثة من القطاع الشرقي الذي من ضمنه مدينة الخيام، ونحن نراهن على سرعة دخول الجيش اللبناني، كي يتمكن الأهالي من الدخول الى منازلهم، لكن رغم ذلك فان مقومات الحياة غير متوفرة في البلدة، بعد أن فجّر العدو الاسرائيلي عدداً كبيراً من المنازل، وجرف عدداً من الطرقات والأحياء بما فيها أعمدة الكهرباء، لذلك يحتاج الأمر الى أيام طويلة ليتمكن الأهالي من الدخول والسكن في البلدة".
قبل توسّع الحرب منذ 64 يوماً، كان 70% من نازحي بلدة الخيام يقيمون في منطقة النبطية، لذلك من المتوقع عودتهم الى هذه المنطقة. ويشير ابن البلدة حسين عواضة الى أنه " في البلدة أكثر من 5000 وحدة سكنية، ومن المتوقع تضرّر أو تهدم نحو 30% منها، لكن المتبقي يسمح باستيعاب جميع أبناء البلدة المقيمين فيها، اذا تم تأمين الكهرباء والمياه"، ويلفت الى أنه " من المتوقع في المرحلة الأولى عودة الكثير من المغتربين والمقيمين أصلاً في بيروت بهدف متابعة عملية اعادة الاعمار والتعويضات".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها