الثلاثاء 2024/11/26

آخر تحديث: 15:39 (بيروت)

"التربية" تتذرع باليونيسف: "مجزرة" الاستغناء عن آلاف الأساتذة

الثلاثاء 2024/11/26
"التربية" تتذرع باليونيسف: "مجزرة" الاستغناء عن آلاف الأساتذة
الدولة غير قادرة على تحمل أعباء قطاع التربية لأن الأموال تذهب لمحاولة إغاثة النازحين (المدن)
increase حجم الخط decrease
في غمرة المأساة التي يعاني منها اللبنانيون جراء الحرب، ونزوح آلاف المعلمين من قراهم، ارتكبت وزارة التربية "مجزرة" بحق الأساتذة المستعان بهم في فترتي قبل الظهر وبعده. إذ بدأت بالاستغناء عن خدمات أكثر من ألفي أستاذ ومعلمة، سواء من الذين يعلمون الطلاب السوريين في فترة بعد الظهر أو اللبنانيين قبل الظهر. وهذا يضاف إلى خفض ساعات آلاف الأساتذة المتعاقدين سواء مع وزارة التربية أو على حساب صناديق المدارس، جراء خفض الدوامات. أما بما يتعلق ببدلات الإنتاجية للأساتذة (ملاك وتعاقد) فهي أيضاً عرضة لبازار كبير، وسط الاصرار على عدم رفعها عمّا كانت عليه العام الماضي، رغم تدهور الظروف المعيشية.

الاستغناء عن الاف الأساتذة
أرسلت المناطق التربوية إلى مدراء المدارس، تبلغهم أن الوزارة قررت الاستغناء عن الأساتذة المستعان بهم قبل الظهر بسبب عدم وجود اعتماد مالي من قبل اليونيسف لدفع رواتبهم، ليتبين أن الوزارة استغنت عن أكثر من ألفي أستاذ دفعة واحدة.

مصادر مطلعة في وزارة التربية أكدت لـ"المدن" أن لا قرار رسمياً سيصدر عن الوزارة، بل تم الإيعاز للمناطق التربوية تبليغ المدراء لإبلاغ الأساتذة. أما السبب وراء هذا القرار غير الرسمي فهو عدم إمكانية الدولة اللبنانية تمويل التعاقد معهم، والجهات المانحة ترفض التمويل.

كان التعاقد مع هؤلاء الأساتذة مبرراً مع النزوح السوري العام 2014، ومع انخفاض عدد الطلاب السوريين في لبنان جراء الحرب من 160 ألف طالب إلى نحو 110 آلاف طالب، انتفت الحاجة للتعاقد معهم في ظل تخمة المتعاقدين. وكانت المفاجأة شمول القرار أساتذة فترة قبل الظهر المخصصة بتعليم الطلاب اللبنانيين. ارتأت الوزارة، حسب المصادر، أن لا حاجة لغالبيتهم، بسبب حصر الدوامات بثلاثة أيام، وتخفيض عدد الساعات الأسبوعية لتعليم الطلاب من 32 ساعة إلى 21 ساعة.

ووفق المصادر، لا يوجد قرار رسمي بالاستغناء عنهم. لكن لن تجدد العقود معهم. وقد أخذت الوزارة هذا القرار غير المعلن بناء على رأي رؤساء المناطق التربوية، لتأمين وفرة مادية ولاعتبار أن بإمكان أساتذة الملاك والمتعاقدين في فترة قبل الظهر ملء الفراغ. لكن هذا لا يعني أن الوزارة ستستغني عنهم جميعاً، بل سيتولى مدير المدرسة ورئيس المنطقة التربوية المعنية اختيار الأسماء. أما بما يتعلق بفترة بعد الظهر فسيصار إلى الاستغناء عن خدمات العديد منهم، لا سيما أن عدد المدارس التي كانت تعلم السوريين انخفض من نحو 300 مدرسة إلى أقل من مئة، هذا العام.

لا توجد حلول للأساتذة المستعان بهم الذين تم الاستغناء عنهم. قد يصار إلى التعاقد مع بعضهم على حساب صناديق المدارس، وعلى سبيل تنفيعات سياسية. هذا في وقت لم يصدر القرار عن منظمة اليونيسف بما يتعلق بعدم تمويل عقود الأساتذة المستعان بهم. صحيح أن هناك شح بالتمويل الدولي لمساعدة لبنان، ولا سيما بما يتعلق بالتعليم، لصالح الانشغال بالنازحين، لكن لم تقرر اليونيسف الاستغناء عن المستعان بهم، كما يشيع مسؤولون في وزارة التربية، وفق ما أكدت المصادر. فالوزارة هي التي تتعاقد مع الأساتذة وليس اليونيسف، ومستشارو الوزير عباس الحلبي ومدير عام التربية يتفاوضان مع اليونيسف. ولا أحد يعلم على ماذا تم التوافق بين الطرفين. جل ما حصل هو أن الوزارة ارتأت، ومن خلال رؤساء المناطق التربوية، أنها لم تعد بحاجة لآلاف المستعان بهم بسبب حصر الدوامات وتخفيض ساعات التدريس الأسبوعية. وقررت الاستغناء عنهم لتأمين وفر مالي للوزارة. فالدولة غير قادرة على تحمل أعباء هذا القطاع، لأن الأموال تذهب لمحاولة إغاثة النازحين.

غموض ملف تعليم السوريين
لطالما كان ملف تعليم الطلاب السوريين غامضاً في لبنان. فالوزارة كانت تستخدم أموال السوريين ليس لتعليم الطلاب السوريين بل اللبنانيين أيضاً. والأمر لا يقتصر على تغذية صناديق المدارس من أموال السوريين لتعليم اللبنانيين، بل كانت تستخدم الأموال لدفع جزء من بدلات الإنتاجية للأساتذة، فضلاً عن دفع بدلات اتعاب للموظفين في الوزارة وللمستشارين. واليوم ستعود والوزارة و"تركب طرابيش" في ميزانياتها لتأمن تمويل بدلات الإنتاجية وتغذية صناديق المدارس من أموال تعليم الطلاب السوريين. والاستغناء عن المستعان بهم يأتي في هذا السياق، ذاك أن انخفاض عدد الطلاب السوريين ينعكس حكماً انخفاضاً بتمويل اليونيسف، لأن الأخيرة تمول بحسب عدد الطلاب المسجلين. ولا تتدخل كيف تنفق الوزارة الأموال، طالما أن الهم هو وصول التعليم للسوريين.

مجزرة تخفيض الأعباء عن وزارة التربية لا يقتصر على الاستغناء عن المستعان بهم وعلى تخفيض ساعات المتعاقدين، بل يشمل أيضاً بدلات الإنتاجية للأساتذة في الملاك وللمتعاقدين. ووفق المصادر لن يحصل الأساتذة على أكثر من إنتاجية العام الفائت، أي 300 دولار. فالدولة غير قادرة واليونيسف لا تدفع بدلات إنتاجية بشكل مباشر. وقد حصل الأساتذة على ستة رواتب إضافية عن العام الماضي، مثل باقي الموظفين في القطاع العام. وثمة مداولات بأن بدلات الإنتاجية بالدولار لن تزيد عن مبلغ 340 دولاراً بالشهر للعام الحالي.

في المقابل، تؤكد مصادر نقابية أن روابط المعلمين تجري محادثات مع مدير عام التربية حول كل هذه الأمور التربوية. وبما يتعلق ببدلات إنتاجية، لن تقبل الروابط بالمبالغ التي تشاع هنا وهناك. بل يتركز التفاوض على دفع مبلغ شهري لا يقل عن 400 دولار، يضاف إلى 13 راتباً تدفعها الدولة للقطاع العام.

وبما يتعلق بالمتعاقدين، تشير المصادر، إلى أن جزءاً من المشكلة في طريقه للحل، وسيتم الاتفاق مع الوزارة على رفع الدوام من 21 إلى 24 ساعة أسبوعياً. لكن ستبقى المشكلة في المواد الإجرائية والرياضة والفنون، إذ سيخسر المتعاقدون ساعاتهم في هذه المواد.

أما بما يتعلق بالمستعان بهم فيوجد نحو 30 ألف تلميذ سوري يتلقون تعليمهم قبل الظهر، ولا يمكن اليونيسف التنصل من مسؤوليتها، في حال كانت هي من يعرقل الموضوع. لكن المشكلة أن الوزارة فاوضت اليونيسف ولم تفصح عن النتيجة، بخلاف العام الماضي عندما كان التفاوض يتم بعلم روابط المعلمين ولجان المستعان بهم. وبالتالي ليس معلوماً مكمن العرقلة. هل في رفض اليونيسف تمويل التعاقد مع المستعان بهم، أم أن الوزارة قررت الاستغناء عنهم. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها