وحسب المصادر، جاء هذا القرار بعد التشاور بين الإدارة ورئاسة الجامعة، في إطار التوجه نحو التعليم المدمج، الذي يجمع بين تقديم المواد الأساسية حضوريًا وتدريس المواد الأخرى عن بُعد. لكن الأمر لاقى اعتراضات في الفرع الثاني في الفنار، الذي يطالب بالتعليم الحضوري على اعتبار أن المنطقة آمنة. لذا عاد رئيس الجامعة وطلب وقف التعليم الحضوري واعتماد التعليم أونلاين دون استثناءات، تفاديًا لأي حساسيات بين مكونات الجامعة. هذا رغم أن تجربة التعليم الحضوري شمالاً كانت ناجحة ولا سيما لطلاب السنة الأولى. فهؤلاء غير معتادين على التعليم من بعد، بمعزل عن مشاكل شبكة الانترنت، ومن المستحسن تعليمهم حضورياً.
تحديات
بالنسبة للبعض، يمثل التعليم عن بُعد فرصة ثمينة بمرونته، خاصة لأولئك الذين يوازنون بين الدراسة والعمل. ومن هؤلاء، تومي جميل، طالب سنة ثانية في قسم التاريخ بكلية الآداب - الفرع الثاني في الفنار، الذي عبّر عن ارتياحه لهذا النظام قائلاً: "الدروس أونلاين تناسبني، وأتمنى أن يُعتمد دائماً، خاصة أنني موظف، وهذا النظام يختصر عليّ الكثير من الوقت." لكنه يتأسف: "كنت أتمنى لو كان الوضع الأمني أفضل، وليس هو ما أجبرنا على الأونلاين."
في المقابل، هناك من يرى في هذا الأسلوب انتقاصاً من التجربة التعليمية الكاملة، خصوصاً فيما يتعلق بالتطبيقات العملية التي تعتبر جوهرية لتكوينهم الأكاديمي. جاكي الحلو، طالبة في كلية الصحة، الفرع الخامس في صيدا، تسلط الضوء على معاناة طلاب التمريض، قائلة: اختصاص التمريض يتطلب دراسة نظرية وتطبيقية، وكان من المفترض توزيعنا على المستشفيات بين صور، صيدا، والنبطية. لكن بسبب تدهور الوضع الأمني، يتم الحديث عن احتمال فتح سنة رابعة لتتمة الحصص التطبيقية (ستاج)."
في ظل التحديات المتزايدة التي تواجه الجامعة اللبنانية، لجأت الكليات إلى التعليم عبر تطبيق "تيمز"، مع تسجيل المحاضرات لمراعاة ظروف الطلاب، خصوصاً أن الجامعة تضم شريحة واسعة تعاني من صعوبات اقتصادية وتقنية. إلياس بوغوس، أحد طلاب الجامعة، في العمادة، يعكس واقع هذه الصعوبات شارحا أن "هناك الكثير من الشكاوى على مجموعات الواتساب. فالعديد من الطلاب، خصوصاً النازحين، يعانون من صعوبة الحضور بسبب ضعف الإنترنت أو انقطاعه، إضافة إلى عدم القدرة على التركيز بسبب ظروفهم الصعبة في مراكز الإيواء".
التحول إلى مركز إيواء
"توجهت إلى الجامعة كي احصل على ايصال القسط، للوهلة الأولى يصعب عليي وصف شعوري لهول ما شاهدته. الجامعة التي كانت جزءا من ذكرياتي، أتبادل تحت سقفها الضحات مع أصدقائي وأبني أحلامي، صارت اليوم مكاناً مليئاً بالوجع". بهذه الكلمات، عبّرت ي.ق، طالبة في الجامعة اللبنانية، عن زيارتها إلى كلية الإعلام، الفرع الأول.
تتحدث ي.ق، الطالبة النازحة من الضاحية الجنوبية، عن معاناتها كطالبة في سنتها الجامعية الثالثة، وهي تستعد للتخرج وسط ظروف الحرب. بصدقٍ يعكس ثقل الواقع، تقول: "الإنترنت متوفرة واللابتوب معي، لكن التركيز والأوضاع وظروفي الشخصية لا تسمح لي بالتركيز".
مع بداية العدوان الإسرائيلي، تحولت الجامعة اللبنانية في العديد من المناطق إلى مراكز إيواء، بينما بقي مصيرها الأكاديمي غارقاً في الضبابية. وفي الوقت الذي اتخذت فيه الجامعات الخاصة قرارات واضحة بشأن مسار العام الدراسي، وجد الكثير من طلاب الجامعة اللبنانية أنفسهم أمام خيارات صعبة، ما دفع البعض إلى التراجع عن التسجيل.
فرح محمود، خريجة كلية الآداب، الفرع الخامس في صيدا، واحدة من هؤلاء الطلاب. تروي لـ"المدن" قصتها: "تخرجت العام الماضي وكنت أنوي متابعة دراسة الماجستير، لكن الظروف والوضع العام، وعدم وضوح مصير الجامعة اللبنانية، جعلني أتردد. ما كان واضحاً أن السنة ستُلغى أو تكون أونلاين، إضافة إلى موقعها غير الآمن، فقررت أن أترك الأمور ليهدأ الوضع".
بدوره يعتبر الأستاذ في الجامعة، باسل صالح، أن رئاسة وإدارة وكليات واساتذة وموظفي ومدربي الجامعة اللبنانية يبذلون جهوداً لضمان عدم ضياع العام الجامعي. والجامعة تعمل بكل طاقاتها، كي لا يضيع العام الجامعي على الطلاب، محاولة في الوقت نفسه عدم إرهاق الطلاب والأساتذة في هذه الظروف الحرجة. لذلك، اعتمدت الجامعة، لاسيما في بعض الكليات، نظام التعليم المتزامن وغير المتزامن، متيحة الفرصة أمام الاساتذة لتحميل المحاضرات او اعطائها بشكل متزامن، كما طالبت تسجيل المحاضرات متيحة المجال امام الطلاب لاستعادتها في الوقت الذي يناسب أوضاعهم."
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها