الجمعة 2023/09/15

آخر تحديث: 13:13 (بيروت)

"بورش" و"فولكسفاغن" تفجران مفاجأة: تقنية لامتصاص الكربون من الهواء

الجمعة 2023/09/15
"بورش" و"فولكسفاغن" تفجران مفاجأة: تقنية لامتصاص الكربون من الهواء
تقنية تستخرج جزيئات الكربون اللازمة لإنتاج العديد من المنتجات بطريقةٍ مستدامة (الانترنت)
increase حجم الخط decrease

لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري والحد من آثارها المدمرة، ولتصنيع الوقود الإلكتروني الذي يمثل مستقبل محركات الاحتراق الداخلي، تعمل شركتا "بورش" و"فولكسفاغن" الألمانيتان لصناعة السيارات، على تدشين أول مصنعٍ في العالم يتمتع بتقنية الالتقاط المباشر للهواء، والتي تسمح باستخلاص كمياتٍ كبيرة من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي بطريقةٍ صديقة للبيئة، واستخدام ثاني أكسيد الكربون المجمع في عمليات إنتاج الوقود الإلكتروني، ما يعطيها دوراً هاماً في مكافحة تغير المناخ.

أول منشأة من نوعها في العالم
تتطلع شركة "بورش" المصنعة للسيارات الرياضية بالتعاون مع مجموعة "فولكسفاغن" للابتكار، إلى دمج هذه التقنية الجديدة في مصنعٍ لإنتاج الوقود الإلكتروني، حيث يمكن استخدام هذه المنشأة الأولى من نوعها على مستوى العالم لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الهواء واستخدامه في إنتاج الوقود الإلكتروني في مصنع "هارو أوني" التجريبي في تشيلي. وسيشرح مخططو المشروع في الأيام القليلة المقبلة كيف تتناسب التقنية الجديدة مع استراتيجية "بورش"، وسيوضحون بالتفصيل كيف يمكن أن تعمل المنشأة.

وقد شرح مايكل شتاينر، عضو المجلس التنفيذي للبحوث والتطوير في شركة "بورش"، أهمية هذا المشروع قائلاً "لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، من الضروري تقليل الانبعاثات وإزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى ثاني أكسيد الكربون كمادةٍ خام في العديد من عمليات الإنتاج. لذا، قررنا دمج التقنيتان في منشأةٍ واحدة. وبالتعاون مع الفريق ذي الخبرة في "فولكسفاغن"، وشريكنا المؤسس في مجال الوقود الإلكتروني "eFuels HIF Global"، نقوم بدراسة تكامل تقنية الالتقاط المباشر للهواء بمصنع الوقود الإلكتروني في تشيلي. ونحن نعتبر أن هذه التقنية تمهد لآفاقٍ جديدة في المستقبل لأنه يمكن استخدامها لاستخراج جزيئات الكربون اللازمة لإنتاج العديد من المنتجات بطريقةٍ مستدامة".

من جهتها، علقّت باربرا فرنكل، عضو المجلس التنفيذي للمشتريات في "بورش"، على المشروع الجديد بالقول "من وجهة نظرنا، تُعدّ تقنية الالتقاط المباشر للهواء، تقنية جديدة مهمة للمستقبل لاستخراج الطاقة وخصوصاً فيما يتعلق بالمناخ. يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون النقي في العمليات الصناعية أو تخزينه بشكلٍ دائم في الأرض. ويمكن استخدامه أيضاً لإنتاج الوقود الإلكتروني، وهو ما نخطط للقيام به كخطوة أولى. يُعدّ الوقود الإلكتروني هذا مكملاً مفيداً للتنقل الإلكتروني، حيث ستظل هناك العديد من مركبات الاحتراق الداخلي على الطرقات حول العالم لعقودٍ مقبلة".

كيف تعمل التقنية؟
لاستخراج ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، يتم أولاً تنظيف الهواء المحيط من الجزيئات الكبيرة الملوثة، وتوجيهه عبر مادةٍ مرشحة تشبه الحصى. بعد ذلك، يتم استخراج ثاني أكسيد الكربون المترسب هناك من المادة، ليُصار إلى تجميعه في شكلٍ عالي النقاء واستخدامه لاحقاً كمادةٍ خام. 

يمكن استخدام ثاني أكسيد الكربون المستخرج من الغلاف الجوي بعدة طرقٍ مختلفة كجزء من الاقتصاد التدويري. وفي المستقبل، يمكن استخدامه كمادةٍ خام في إنتاج المواد البلاستيكية غير الأحفورية. كما يمكن استخدامه لإنتاج الوقود الاصطناعي بالكامل، المعروف أيضاً باسم الوقود الإلكتروني. وهذا بالفعل ما تخطط له الشركتان الألمانيتان في مصنع "هارو أوني" في مدينة بونتا أريناس، التي تقع على بعد حوالى 3100 كيلومتراً جنوب العاصمة التشيلية سانتياغو. إذ سيعمدان لتصنيع الوقود الإلكتروني عبر دمج ثاني أكسيد الكربون مع الهيدروجين لتكوين الميثانول، ثم تحويله بعد ذلك إلى وقودٍ إلكتروني. 

وفي حالة المركبات، يمكن مزج الوقود الإلكتروني بالوقود الذي أساسه الزيت ثم حرقه في المحرك نفسه، ما سيؤدي إلى إطلاق كمية أصغر من الملوثات في الهواء.

البدء بإنتاج الوقود الإلكتروني
باشرت شركة الوقود الإلكتروني "eFuels HIF Global"، والتي تمتلك "بورش" حصة فيها، في كانون أول 2022، الإنتاج الصناعي للوقود الإلكتروني في مصنع "هارو أوني" التجريبي في بونتا أريناس. وسيتيح هذا الوقود التشغيل شبه المحايد للكربون لمركبات الاحتراق الداخلي، خصوصاً أنه سيتم تصنيعه من الطاقة المتجددة وثاني أكسيد الكربون المتجدد والهيدروجين المستخرج من الماء.

من المقرر إنتاج الوقود الإلكتروني بحوالى 130 ألف لتر سنوياً في المرحلة التجريبية لمصنع تشيلي. وسيتم استخدام الوقود في البداية فيما يُعرف بـ"مشاريع المنارة"، أي المسابقات التي تنظمها "بورش" وفي التجارب على السيارات الجديدة. وتتضمن الخطط المستقبلية إنشاء مصانع كبيرة بالقرب من المنشأة التجريبية في تشيلي والتي من شأنها زيادة إنتاج الوقود الإلكتروني بمرور الوقت.

ويوفر جنوب تشيلي الظروف المثالية لإنتاج الوقود الإلكتروني، حيث تهبّ فيه الرياح لمدة 270 يوماً تقريباً في السنة، ما يمكّن توربينات الرياح من العمل بكامل طاقتها. كما أن موقع بونتا أريناس بالقرب من مضيق ماجلان يعطيها ميزة تتمثل بإمكانية نقل الوقود الإلكتروني طريقة نقل أنواع الوقود التقليدية ذاتها باستخدام البنية التحتية المتوفرة حالياً.

وتجدر الإشارة أن شركة "بورش" استثمرت بالفعل أكثر من 100 مليون دولار أميركي في تطوير وإنتاج الوقود الإلكتروني. ومن هذا المبلغ، تم تخصيص 75 مليون دولار للاستحواذ على حصة في شركة "eFuels HIF Global" في نيسان 2022. إضافةً إلى ذلك، تقوم الشركة بوضع الخطط وبناء وتشغيل مصانع الوقود الإلكتروني في تشيلي وأوروغواي والولايات المتحدة وأستراليا.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها