الأربعاء 2023/08/09

آخر تحديث: 15:33 (بيروت)

بيت اليتيم الدرزي:شكاوى من عنف وتحرش وسوء معاملة

الأربعاء 2023/08/09
بيت اليتيم الدرزي:شكاوى من عنف وتحرش وسوء معاملة
بعد انتشار خبر توقيف متحرش نشر عدد من الشباب قصص معاناتهم في الميتم على وسائل التواصل
increase حجم الخط decrease
تتوالى الأخبار عن انتهاكات تطال أبسط حقوق أطفال لبنان. والمقلق أن ما يُكشف يبقى عيّنة صغيرة من القضايا التي لم تمتلك امتياز الخروج إلى العلن وفضح مرتكبيها.

الجديد اليوم، ظهور شهادات عن تحرش جنسي وانتهاك حقوق الاطفال في بيت اليتيم الدرزي في عبيه (قضاء عاليه). هي صورة تعكس، في أحد وجوهها، الواقع المقلق الذي تعيشه مؤسسات الرعاية في لبنان (راجع المدن).

في النصف الثاني من تموز الماضي، تقدم أحد الاهالي بدعوى ضد (ر.ذ.) الموظف في بيت اليتيم الدرزي متهماً إياه بالتحرش بأطفال في الميتم، قبل إسقاط الدعوى نهاية الأسبوع الماضي.

التحقيق في حبيش
علمت "المدن" أن المدعى عليه (ر.ذ.) يخضع للتحقيق في مخفر حبيش منذ الخميس 27 تموز الماضي، بعد مداهمة منزله المجاور للمؤسسة في منطقة عبيه. بعد انتشار خبر الشكوى، توالت شهادات اتهمت العاملين في المؤسسة بتعنيف الأطفال وإساءة معاملتهم إلى جانب تردي جودة الطعام وسائر الخدمات.

يوم السبت الماضي، اكتفت إدارة المؤسسة ببيان أعلنت فيه عن "تعرضّها لحملة مدبرة ومكثفة هدفها زعزعة الثقة وضرب سمعتها، واتخاذها التدابير الإدارية والإجراءات الضرورية ولاسيما القضائية…". وشددت المؤسسة على استعدادها للتعاون مع القضاء لجلاء الحقيقة، مهددةً بمقاضاة كل من يسيء للمؤسسة من دون التطرق لأي تفاصيل إضافية. يُذكر أن معلومات تحدثت عن تقديم شكوى ضد (ه.ح.) وهو أستاذ في المؤسسة ايضا، بتهمة التحرش بالأطفال أيضاً.

شهادات عنف وتحرش وسوء معاملة
"يتعرض الأطفال للعنف من صفوف الروضات للبريفيه"، يقول أدهم (إسم مستعار) لـ"المدن"، وهو قد أمضى 12 عاماً في الميتم.
خلال الأسبوع الماضي، شهد أدهم في مخفر حبيش تأكيداً على ممارسات المدعى عليه (ر.ذ.) متذكراً أن أسلوب التواصل الوحيد مع الأطفال كان الضرب، بحجّة تأديبهم، وهو أمر يحصل في الصفوف وخلال أوقات تناول الطعام واللعب وغيره، ويتم أمام جميع الأطفال الموجودين في الميتم.

خلال حديثه مع "المدن"، يستذكر أدهم ممارسات المدعى عليه: "كلمة رعب قليلة لوصف لحظة دخوله الملعب، وهو حاول التحرش بي مرة. ويمكن اعتبار فئة القصار في صفوف الثامن والتاسع الأكثر عرضة لممارساته، خصوصاً أنه كان يحاول بناء علاقة صداقة مع فئة منهم". وحسب تعبيره، "كان يبتز الطلاب في حال تفكيرهم بتقديم أي شكوى من خلال فضحهم بمواضيع كالتدخين والهروب من الميتم". 

لم ينسَ أدهم الكثير من المواقف المؤلمة التي عايشها طوال 12 سنة، ومنها، اضافة إلى التحرش والتعنيف، إجبار الأطفال على تناول المأكولات التي لا يحبونها، واقتصار المأكولات الشهية على بعض الولائم التي تقدمها العائلات وبعض الجمعيات لأطفال الميتم. يستذكر "العصا والمسطرة والوجوه العابسة التي كانت تبتسم فقط عند استقبال الضيوف في الميتم".

"اقتصرت الشكاوى على حالات قليلة تقدم بها بعض الأهالي أو الأقارب، واعتمدت الإدارة مبدأ الدفاع عن الأساتذة دوماً باعتبار أنهم حريصون على مصلحة الأطفال"، يردف أدهم. ويعتبر المديرة التنفيذية للمؤسسة حياة النكدي من "الأشخاص المتعاونين"، لكن المشكلة في العاملين معها والذين يديرون المؤسسة "على راسهم".

لا تختلف شهادة أدهم عن شاب آخر تواصلت معه "المدن"، والذي يستذكر كل مشهد عاشه بعد قراءة تجارب ناجين آخرين نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. "تمر الصور أمامي كأنها جرت بالأمس. استذكر أحد أساتذة الرياضيات، الذي كان يتفنن بتعنيفنا بمجرد فشلنا في حلّ المعادلات الحسابية. كما اتذكر رفض طلبنا الحصول على مزيد من الطعام وطرق إيقاظنا البشعة وغيرها…".

واذا كان الشابان تحفظا عن ذكر اسميهما، فإن شابات كنّ أكثر جراة وكتبن على وسائل التواصل الاجتماعي بعضاً من معاناتهن، كما فعلت رشا نور الدين التي كانت في الميتم وتحدّت "كل من يقول أنه لم يكن هناك تعنيف وضرب وتنمّر، وكان قصاصنا تنظيف الحمامات". وسالت"اذا ابنتك تعرضت لضرب او تحرش او تنمّر، هل تقول لها انت فهمت خطأ؟". وتضيف" يمكن لهذا البيت ان يكون مصدر أمان وحب واحترام يتمتع فيه كل طفل بحقوقه ويعبر عن مشاعره وأن يتابعه اختصاصيون وليس اشخاصاً لديهم مشاكل نفسية واجتماعية". وسالت"من منكم يتذكر حين كانت فاطمة تستدعينا ليشوفنا عريس ويختار البنت التي تعجبه؟"...

هؤلاء الأطفال الذين أصبحوا اليوم شابات وشبان يحملون جروحاً يصعب أن تندمل من دون مساعدة ومن دون انصافهم بمعاقبة المعتدين على خصوصيتهم وحقوقهم.

بيت اليتيم: "لا مسايرة في هذا الموضوع"
خلال اتصال مع "المدن"، عبّرت النكدي عن أسفها للحملة التي تتعرض لها المؤسسة وفضّلت متابعة الملف قضائيأً والابتعاد عن الظهور الإعلامي. رفضت النكدي "اتهام أي جهة بقيادة الحملة ضد المؤسسة"، واعتبرت أن"التواصل جيد مع كافة الأطراف الحزبية التي ساهمت في صمود الميتم خلال الأزمة الاقتصادية".

علمت "المدن" أن المؤسسة تواجه صعوبات، وهو ما تُرجم بطرد عدد من الموظفين في السنتين الماضيتين. وجهت تهم لهؤلاء باستغلال مراكزهم للسرقة والتغيّب عن الدوام، إلى جانب مخالفة نظام الميتم. اليوم، تتهم الإدارة هؤلاء بتسريب المعلومات وهي بصدد الإدعاء عليهم ومقاضاتهم، حسب ما علمت "المدن".

في المقابل، أكّد محامي مؤسسة بيت اليتيم الدرزي، كميل فينيانوس، أن "لا مسايرة في هذا الموضوع، وفي حال ثبات التهم سيصرف المتهمون وستتم معاقبتهم، مشيراً إلى أن الإدارة لم تتلقَ أي شكاوى ضد (ر.ذ.) من قبل. وجزم الأخير أن كل ما يشاع عن حالات عنف "عارٍ من الصحة".

بانتظار وصول التحقيقات إلى خواتيمها وقول القضاء كلمته، تطرح قضية بيت اليتيم الدرزي مجدداً أزمة غياب الرقابة على دور الرعاية وتعرض الأطفال والمراهقين لتجارب مريرة تطبع حياتهم بعنف معنوي وجسدي واعتداء جنسي من دون محاسبة أحد، إلى أن يخرج صوت إلى العلن يفضح ما يتواطأ كثيرون على التستّر عليه كلّ لغاياته وأسبابه.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها