الجمعة 2023/06/09

آخر تحديث: 14:22 (بيروت)

"خطة تربوية" لإرضاء الدول المانحة.. الاساتذة والمدراء لا يعرفونها!

الجمعة 2023/06/09
"خطة تربوية" لإرضاء الدول المانحة.. الاساتذة والمدراء لا يعرفونها!
يطمح الحلبي إلى إعادة بناء قطاع التربية على أسس الشفافية والحوكمة (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
فيما تستعد وزارة التربية لإنجاز الامتحانات الرسمية بموعدها، وتعمل على تأمين التمويل اللازم لها، بدأ الوزير عباس الحلبي بوضع بعض الخطوات لخطة إصلاحية للقطاع التربوي. فتجربة العامين المنصرمين أثبتت أن استمرار الأمور كما هي حالياً، من شأنها القضاء على ما تبقى من تعليم رسمي في لبنان.

ثلاثة أسسس للخطة
وكان وزير التربية عباس الحلبي عرض "خريطة طريق الاصلاح التربوي" أمام وسفراء وممثلين عن المنظمات الدولية والجهات المانحة مساء أمس في السرايا الحكومية. وذلك بغية استقطاب التمويل للنهوض بالقطاع وتلافي الأوضاع المأسوية والمشكلات التي كادت تطيح بكل القطاع التربوي، ولإعادة بناء القطاع على أسس جديدة تقوم على الشفافية والوضوح والحوكمة، كما أكد الحلبي أمام المانحين.

الخطة الإصلاحية كما عرضتها الوزارة تهدف إلى استمرارية القطاع وتأمين جودة التعليم. وهي مقسمة إلى ثلاثة أسس: الأول يتعلق بالتعليم العالي والدمج المدرسي. والثاني بالحوكمة وإدارة المال وتطوير القدرات الإدارية في الإدارة المركزية والمناطق التربوية والمدارس، وفي التعليم المهني والتقني، والمركز التربوي للبحوث والإنماء. والثالث يعنى بوسائل خفض النفقات وترشيدها ومنع الهدر في المصاريف، وذلك عبر دمج المدارس وتوزيع المعلمين والإفادة من الفائض وتوزيعه على المدارس المحتاجة. وتأمين الطاقة الشمسية لكل المدارس والمهنيات ودور المعلمين".

مطالب المجتمع الدولي
هذه الأفكار الطموحة، التي عرضتها الوزارة، ما زالت عبارة عن خطوط عريضة ولم تصبح "خطة" لها استراتيجية للتنفيذ، تقول مصادر مطلعة في الوزارة. فخطوة الإطلاق أتت سريعاً حتى قبل نقاش هذه الأفكار في وحدات ومديريات الوزارة.
وتشرح المصادر، أن أحد مستشاري المدير العام بالإنابة عماد الأشقر وضع بعض الأفكار التي يطلبها المجتمع الدولي من الوزارة قبل معاودة تمويل برامج ومشاريع الوزارة. فالدول المانحة طالبت بالحوكمة الرشيدة وخفض الإنفاق والشفافية المالية، والأهم من ذلك وضع خطة تربوية تضمن استدامة واستمرارية التعليم. بينما اكتفى مستشارو المدير العام بكتابة خطوط عريضة وأرسلوها إلى مديري الوحدات في الوزارة، لاطلاعهم عليها قبل عرضها أمام الجهات المانحة. أي لم يطلب منهم وضع تصورات لكيفية وضع خطة تربوية قابلة للتنفيذ، من خلال اشراك المناطق التربوية ومدراء المدارس والأساتذة، للوقوف عند المشكلات التي حالت دون انتظام العام الدراسي، والتي يمكن أن تتجدد العام المقبل، في حال بقيت الأمور على حالها.
وتضيف المصادر، أن إعداد خطة تربوية يحتاج إلى استعدادات ونقاشات مع كل المعنيين، بدءاً من المدرسة ووصولاً إلى المديرية المعنية. بمعنى آخر، لا يمكن وضع خطط على الأوراق من قبل خبير من هنا أو هناك من دون معرفة الواقع التربوي في المناطق. وبالتالي، ما تم عرضه ليس "خطة إصلاحية للقطاع" بل خطوط عريضة يطالب بها المانحون. وهي ليست كافية طالما أن التمويل مرهون بانتظام التعليم بداية.

خلافات داخل الروابط
مصادر في روابط المعلمين أكدت أنهم علموا بالخطة قبل عرضها بيومين. فقد وصلتهم الدعوة لحضور المؤتمر فحسب. أي لم يقم أي أحد في الوزارة بالتشاور معهم في وضع الخطة، خصوصاً أن غالبيتهم مدراء مدارس، ويفترض أن تنفيذ أي خطة يقع على عاتقهم. فهم يعرفون واقع مدارسهم وأساتذتهم والتحديات والمشكلات التي تعاني منها المدارس.

وأضافت المصادر، أن اكتفاء الوزارة بتوجيه دعوة للروابط للمشاركة بالمؤتمر، أحدث بعض الخلافات داخل رابطة التعليم الأساسي. فقد اعترض البعض على هذا الأسلوب بوضع الخطط من دون إشراكهم ومعرفة مشاكلهم وتصوراتهم للحلول الممكنة. ورفضوا اسقاط خطط عليهم من دون التشاور معهم.
وذكّرت المصادر بالمؤتمر المماثل الذي عقد في اليونيسكو العام الفائت مع المانحين، عندما عرضت الوزارة رؤيتها ومتطلباتها لإطلاق العام الدراسي. فحينها اكتفت الوزارة بدعوة الروابط وحضر ممثلون عنها، ولم يتم اشراكهم بوضع الحلول والخطط قبل التوجه إلى المانحين. وانتهى الأمر بأن العام الدراسي لم ينتظم بسبب تمنع الأساتذة عن التعليم، نظراً لعدم إيفاء الوزارة بوعودها بتحسين ظروفهم المعيشية.

حلول مناطقية
ورأت المصادر أن الوزارة لم تغير النهج السابق لناحية إشراك المعنيين مباشرة بالقطاع، أي الأساتذة ومدراء المدارس، بأي خطة عليهم تنفيذها. وقد دلّت تجربة التعليم العام الحالي أن الوزارة والمسؤولين فيها كانوا في مكان والمدارس في مكان آخر. وتعليم الطلاب لأسابيع معدودة ما كان ليتم لولا توسط المدراء في مناطقهم لمتمولين دعموا المدرسة والأساتذة. ولو تركت الأمور على همّة الوزارة لما عاد الطلاب وتعلموا، بعدما فكت روابط المعلمين الإضراب.

ويقول أحد المدراء أن بقاء الأمور على حالها العام المقبل سيجبرهم على التوسط لدى أحزاب وزعامات ومتمولي مناطقهم قبل افتتاح العام الدراسي، لتأمين التمويل اللازم لتسيير الدروس في مدارسهم. أي بمعنى آخر، توسيع تجربة العام الحالي وتعميمها. وسيكونون مرغمين على هذه الحلول المناطقية لتأمين افتتاح مدارسهم، طالما أن الحلول المركزية مستعصية.     

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها