معرض لأصحاب الاحتياجات الخاصة في الأميركية: العلاج بالفن

 " الهدف من العلاج بالفن هو خلق مساحة آمنة خالية من الأحكام المسبقة على الاشخاص أو على الرسومات.  يساعد ذلك الطلاب على التعبير عن أنفسهم بسهولة وراحة أكثر في الرسم من دون الشعور بالضغط بأن عليهم رسم لوحة رائعة في النهاية. بل الأهم هو الاكتشاف والتعبير بالألوان والأشكال، وذلك لتنمية مهارة التعبير عن النفس ".

هكذا تختصر المعالجة بالفن كارولين داغر لـ"المدن" بعضاً من أهداف المعرض الفني الذي تنظّمه الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن برنامج يحمل إسم "Next step" أو "مسيرتنا إلى الأمام" حيث يلتقي شباب يعانون من احتياجات مختلفة، مثل متلازمة داون أو التأخر الذهني، أو من التوحد، يوسعون آفاق خبراتهم وتجاربهم ومعلوماتهم ويعززون ثقتهم بأنفسهم. أقام هؤلاء الشباب معرضا فنيا في الجامعة الأميركية تحت عنوان "voice your colors" أو "صوّت بألوانك" الذي يتضمن لوحات للطلاب، رسموها في خلال هذا العام الدراسي بمساعدة المعالجة بالفن.

تقول داغر إن "بعض الرسومات تعبر بطريقة واضحة عن حالة يعيشونها أو عن أمور حدثت معهم سابقًا، كما أن بعض الطلاب يتمتعون بمهارة التحدث من خلال التعبير الشفهي لشرح الرسمة. أما البعض الآخر، يستعملون لغة الجسد للتعبير عن رسوماتهم وآخرون يعبرون عن أنفسهم بطريقة قد تبدو غير واضحة للآخرين، ولكنها واضحة بالنسبة إليهم، ولكن يصعب عليهم شرحها".

لوحات تحكي تجاربهم
"أسميت اللوحة “sadness” دلالة على شعوري بالحزن لأن أبي مات، وهذه اللوحة تجسد تابوته، وتظهر أن الشمس نفسها حزينة عليه".  هكذا وصف محمد إحدى رسوماته التي حاول فيها ترجمة مشاعره وحزنه. ويقول "من خلال رسوماتي، والتعبير عما أشعر به، أصبحت في حالة أفضل، وتقبلت الأمر".

أما عبد الكريم الذي تعرض وعائلته مؤخرا لحادث سير، جسد برسمته السيارة التي كان يقودها أبيه، واصطدمت بحائط. يقول لـ"المدن " شعرت بالخوف كثيرًا أثناء الحادث وبعده. وقررت رسم ما حدث لنا لأخبر الناس بأننا تعرضنا لحادث، ولم أرتح إلا بعد أن انهيت رسمتي".

أما رسوم عمر فتحكي قصة أخرى. معظم رسومه تضج بالألوان، وهو يقول"أحب الطبيعة والألوان كثيرًا، وأنا سعيد بأننا في فصل الربيع، حيث تبدأ الأزهار بالتفتح وقد حاولت أن أعكس السعادة التي أشعر بها والتي تشعر بها الطبيعة على الورق".

اكتساب الاستقلالية
في حديث أجرته المدن مع بعض أهالي الطلاب، عبروا عن فخرهم بما أنجزه أبناؤهم. وتوضح منى، وهي أم الطالب عمر أن "عمر يحب الاستقلالية كثيرا، وبرنامج "مسيرتنا إلى الأمام" عزز هذا الشعور لديه. تفاجأت كثيرا وفرحت أكثر برسوماته. جميل أن نكتشف زوايا مخفية في أولادنا".

أما فاتن، وهي والدة الطالبة مريم، فتؤكد أنها لاحظت تغيرًا كبيرًا في ابنتها بعد دروس الرسم. وقد شعرت بزيادة ثقة ابنتها بنفسها واستقلاليتها، كما أنها أصبحت متحمسة جدًا لممارسة هوايتها في الرسم وتحسنت فيها بشكل كبير. وفي المعرض اليوم، شعرت بالامتنان لأنها حصلت على فرصة لإظهار مواهبها وقدراتها.

الصحة النفسية أولا
تنعكس حماسة الطلاب ورضى الأهل على مديرة قسم "Next Step" منى آغا مكتبي التي تعبرّ بدورها عن الفخر بانجازات الطلاب "الذين لا يتوقفون عن مفاجأتنا" مشيرة إلى أهمية "الحصص الفنية العلاجية للطلاب التي تمنحهم قدرات أوسع للتعبيرعن أنفسهم".

وتؤكد أن "الصفوف العلاجية الفنية في الجامعة الأميركية مثل الرقص، الموسيقى، الرسم وغيرها تتيح مساحة واسعة للطلاب لاكتشاف أنفسهم وقدراتهم والتعبير عنها من دون حرج. وأنهم يفضلون هذه الحصص على الحصص الأكاديمية". وشددت على "اهتمام الجامعة الأميركية الكبير بصحة الطلاب النفسية توازيا مع اهتمامها بالشق الأكاديمي التعليمي ".

وختمت مشيرة إلى أن المعرض الفني الذي نظمه الطلاب "عززّ من ثقتهم بأنفسهم ومنحهم شعوراً بالثقة والاستقلالية وعدم الخوف من التعبير عن أنفسهم بالطرق المختلفة مثل الرسم أو الرقص والموسيقى".

في الإطار نفسه، أوضح وكيل الشؤون الأكاديمية في الجامعة الأميركية، الدكتور زاهر ضاوي إلى "أن هدفنا في المؤسسة التعليمية هو إعطاء الطلاب فرصًا لاستكشاف طاقاتهم بشكل أكبر ومساعدتهم في ذلك. والفن يساعد على اكتشاف طاقات الفرد والتعبير عنها.

وأضاف أنه تفاجأ بشغف وفخر الطلاب بما حققوه من إنجازات، وأُعجب بكيفية شرحهم لما رسموه. وأكد على أن برنامج “next step”، هو إضافة ثمينة ومميزة للجامعة ونحن فخورون بتقدم الطلاب وبإنجازاتهم.