الثلاثاء 2023/05/02

آخر تحديث: 15:59 (بيروت)

"الاتحاد الطلابي العام في لبنان" ينطلق: حركة صِدامية متمردة

الثلاثاء 2023/05/02
"الاتحاد الطلابي العام في لبنان" ينطلق: حركة صِدامية متمردة
نقابة طلابيّة تستهدف كل الطلاب والعمّال (من حراك طلاب الجامعة اللبنانية، الأرشيف)
increase حجم الخط decrease

صباح الأمس الأول من أيار الجاري، وبمناسبة اليوم العالمي للعمّال، اقتحمت مجموعة طلابيّة مقر الاتحاد العمالي العام في بيروت، معلنةً عن إطلاقها لإطار طلابي نقابي في مرحلته التأسيسيّة سُميّ بـ"الاتحاد الطلابي العام في لبنان". ومن جملة أهدافه "الدفاع عن حقّ التعليم وحماية المجتمع من التفتت". ذلك استكمالاً لنضالات الحركات الطلابية التّاريخيّة في لبنان وعلى رأسها "الاتحاد الوطني للطلاب". وقد انحازت المجموعة التّي تضمّ طلاب وطالبات من مختلف الجامعات والمعاهد والثانويات، للصداميّة المباشرة مع السّلطات اللبنانيّة ممثلةً بمسؤولي التربية والتعليم العالي وإدارة الجامعة اللبنانيّة، ولرفضها القاطع للمنهجية التهديميّة التّي اعتمدها أصحاب القرار في القطاع التعليميّ الرسميّ منه على وجه التخصيص. والذي أفضى أخيرًا لنكبة كادرٍ بشريّ بأمنه الاجتماعي والاقتصادي، وانهيار ما تبقى من مصادر التعليم والتربية في لبنان.

الهيئة التأسيسية
وفي حديثه مع "المدن" يشرح الناشط السّياسيّ والطالب في الجامعة اللبنانيّة وعضو الهيئة التنفيذية للاتحاد الطلابي العام، خضر أنور، عن حيثيات هذا الاتحاد وأهدافه فضلاً عن مكوناته قائلاً: "في البداية سعينا جاهدين لإيجاد حلّ لوضع الجامعة المأزوم، غضبنا، تظاهرنا، أضربنا لكننا لم نجدّ أي تغيير يُذكر، بل استفحلت الأزمة التّي طالت مجمل الكادر البشريّ في الجامعة اللبنانية تحديدًا، من أساتذة ومدربين، وموظفين، وأجراء، وطلاب. اليوم تبرز الحاجة الملّحة للانتظام ضمن إطار نقابي يعمل على تحصيل حقوق الطلاب، والذين اضطروا لاحقًا لأن يصبحوا عمالاً بسبب الأزمة المعيشية، وانتزاع كل المال المهضوم والمنهوب من النهاشين الذين جعلوا الجامعة اللبنانية موطئ قدم لفسادهم بكل صفاقة!"

و"الاتحاد الطلابي العام" هو نفسه الهيئة التأسيسية التّي قامت بعدّة خطوات تصعيديّة في 17 و26 من نيسان الفائت، والتّي اشتملت في مقدمتها على اقتحام مكاتب شركة طيران الشرق الأوسط وتعطيل أقفالها، وكتابة التهديد والوعيد على جدرانها، وترك زجاجات من "المولوتوف" أمامها، ذلك لكونها من المتهمين في هدر مال الجامعة العام، عبر استمرارها منذ نحو العامين إلى اليوم في احتجاز مستحقات الجامعة من فحوصات الـ"بي سي آر"، التّي قُدرت (منذ تموز عام 2021 حتّى 9 كانون الثاني من عام 2022)، بحوالى 52 مليون دولار أميركي (22 مليون دولار من مجمل الشركات و30 مليون دولار من شركة الطيران الأوسط للخدمات الأرضية وضمنًا الميدل إيست). ذلك بالرغم من القرار الصادر أواخر شباط من عام 2022 عن المدعي العام لدى ديوان المحاسبة، القاضي فوزي خميس، الذي ألزم الشركتين آنفتي الذكر بتسديد المبالغ المستحقة بالدولار النقدي، تمنعت الشركتان عن الالتزام بالقرار، فيما لا يزال ملف أموال "بي سي آر" مفتوحًا لدى النيابة العامة المالية.

ويؤكد أنور: "نحن مجموعة طلاب وطالبات من مختلف الجامعات والمهنيات والثانويات، لا تجمعنا خلفية سياسية واحدة، بل أصرينا على الاستثمار باختلافاتنا لإيجاد أرضيّة ديمقراطية تُرحب بالاختلاف السياسيّ والاجتماعي والاقتصادي، كجزء من نقابة طلابيّة تستهدف كل الطلاب والعمّال. بل ونُرحب بكل طالب مُقيم من أيّ جنسية كان، فحقوقنا هي واحدة، والتعليم هو من جملة هذه الحقوق". مضيفًا: "منذ لحظة إطلاقنا هذه الحملة التصعيدية المشتملة ومن ثمّ الاتحاد الطلابي العام، لاحظنا فضولاً لدى الطلاب من كل الخلفيات وزادت طلبات الانتساب والزخم الإعلامي، وندرك أن منشأ هذا الفضول هو الأمل بالتغيير بالمرتبة الأولى، وغضب الطلاب من واقعهم ثانيًا".

اقتحام الاتحاد العمالي العام
أما عن سبب اختيارهم للاتحاد العمالي العام لإطلاق اتحادهم يُشير أنور: "اخترناه لكونه عينة لفساد السّلطة التّي تدعي اكتراثها بحقوق العمّال، نحن طلاب وبتنا عمّالاً قسرًا، واليوم نحن في صدّد تمكّين هذا الاتحاد الذي يضمّ العشرات، لاسترداد اعتبارنا كطلاب وعمال". وقد اشتمل البيان الذي تُليّ بمستهل اقتحام المجموعة للاتحاد العمالي بعد محاولة القوى الأمنيّة عرقلة مساعيها في الدخول، على الدافع الأساس لإنشاء هذا الإطار: "الآن في ظلّ الانهيار وما آلت إليه الأمور من تفتت يدفع بالمجتمع بأكمله الى حاوية البؤس، تسعى قوى النظام الى إعادة إنتاج نفسها على حساب كل مجتمع وتحديدًا منَا نحن الطلاب، ليصبح تحقيق غاية مصالحهم الاقتصادية والاجتماعية على حسابنا بعدما راكموا ثرواتهم الأولى منّا عبر اعتماد نمط انتاج اقتصادي يحقق الربح لهم والانهيار والبؤس لنا".

ويستطرد البيان: "عقود من الزمن وهم يسخرون التعليم بكامله لمصالح نهبهم واستمرارهم، فالجامعة اللبنانية تشهد والتعليم الرسمي بأكمله ينهار وطلاب التعليم الخاصة أصبحوا موردًا ربحيًّا. فالحق بالتعليم يندثر ومجانتيه في راهنية مطامع قوى النظام. مما يفتح الآفاق أمام واقع اشد سوداوية واستغلالية لنا ولكل المجتمع. ولأن لا حلّ إلا بالانتظام نعلن تأسيس إطار نقابي طلابي عمالي ينطلق من واقعنا الاقتصادي والاجتماعي ودورنا في المجتمع كنقيض اساسي للسلطة وقوى النظام. إطار يحمل على عاتقه المسؤولية التاريخية من اجل انقاذ التعليم والمجتمع باسم "الاتحاد الطلابي العام- الهيئة التأسيسية".

أهداف الاتحاد
واليوم فيما يبدو هم هؤلاء الطلاب الذين يقاسون أسوأ أشكال خيبة الأمل والخوف على مستقبلهم، محكومين بهيئة منفردة في اتخاذ القرار ولا تشركهم في القرارات المصيرية، محملةً إياهم وزر فساد الجامعة وشلّلها، يصرّ الطلاب هؤلاء على أهدافهم والخطوات التصعيديّة لتحقيقها، داعين الطلاب المقيمين في لبنان للانخراط في المواجهة والمجتمع اللبناني إلى احتضانهم من أجل النهوض بمصالحهم المشتركة وأهمها: "حق التعليم ومجانيته وفي بيئة سليمة وجودة علمية متطورة، توظيف القدرات الطلابية والامكانيات الجامعية لبناء اقتصاد منتج وعادل اجتماعيًا، السّعي للتشبيك مع النقابات العماليّة والفئات الشعبية لبناء مجتمع جديد بوجه التفتت".

قد يكون هؤلاء الطلاب الذين لا يزالون يحلمون بغدٍّ أفضل وأكثر عدالة هم المحرّك الحيويّ لسيرورة النشاط السياسيّ التغييري في لبنان، وعلى المكونات التغييرية مواكبتهم والمواظبة على دعمهم، كيّ لا ينتهوا للمصير نفسه الذي انتهت إليه سائر المجموعات والتكتلات المعارضة في لبنان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها