الجمعة 2023/05/19

آخر تحديث: 20:18 (بيروت)

توثيق لحملات ترحيل اللاجئين قسرياً.. وحفنة عونيين تتظاهر ضدهم

الجمعة 2023/05/19
توثيق لحملات ترحيل اللاجئين قسرياً.. وحفنة عونيين تتظاهر ضدهم
75 لاجئًا من المرحلين أعادت السّلطات السورية تسليمهم إلى مهربي بشر (علي علوش)
increase حجم الخط decrease

حوالى الثلاثين شاباً وشابة من طلاب الجامعات في جبيل وكسروان، هم مجموع من لبّى دعوة التيار الوطني الحرّ لتظاهرة احتجاجية أمام مقرّ المفوضية السّامية لشؤون اللاجئين في منطقة الجناح –بيروت، عصر اليوم الجمعة 19 أيّار الجاري، تحت عنوان "خلصنا نزح". شبابٌ يافع بستراتٍ رمادية تتوسطها عبارات مثل "بتحب لبنان، وظف لبناني"، وغيرها من شعارات التيار الشعبويّة، حملوا الأعلام اللبنانيّة ومكبرات الصوت والرذاذ الملّون كرمزٍ للجهوزية والتحضير لفعل شغبٍ مؤجل. كتبوا على جدران المفوضيّة ومدخلها وأرضية الشارع العام شعاراتهم باللغتين العربيّة والفرنسيّة بأخطاء إملائيّة مكرّرة (على غرار عنوان التظاهرة) أثارت سخرية بعض المتفرجين، ثمّ طالبوا بإخراج اللاجئين وإدخال جبران باسيل تحت شعار "السوري برا برا وباسيل جوا جوا"، معبرين عن رفضهم لكل ما هو سوري، وحاججوا الإعلام بخريطة حملها بعضهم تُظهر المساحات "المُحررة والآمنة" التّي يُمكن للاجئين العودة إليها. ثمّ انتهت التظاهرة بصورة جماعية التقطها كاميرات الإعلام الحاضر بوفرة كما التعزيزات الأمنيّة، على خلاف المتظاهرين القليلي العدد.

سجال التّرحيل
التظاهرة الرمزيّة بجمهورها المحدود والمشرذم، والتّي كان قد دعا إليها مكتب جامعات كسروان -جبيل في "التيار الوطني الحرّ" على مدار اليومين الفائتين، والتّي كان من المزمع إقامتها في تمام السّاعة الرابعة من عصر اليوم، وتأخر المتظاهرون فيها عن الوصول حوالى السّاعة،  وعلى النحو الذي يقتضيه السّيناريو المتوقع، لم تحمل أي جديّة أو تصعيدٍ استثنائي، فيما لم تخلُ من لحظات خجولة حاول فيها بعض الشبان مناكدة الأجهزة الأمنيّة، وتجاوز أوامرهم في التراجع عن مداخل المفوضيّة، والتوقف عن رش الرذاذ الملّون على جدرانها. لكنها في الواقع تعكس مزاج الدولة اللبنانيّة التّي تستمر حتّى اللحظة بحملة الترحيل القسريّ والتعسفي للاجئين السّوريين في لبنان.

هذا المزاج المشوب بخليط من الشحن التحريضي المزمن ودعاية السّلطة التعبويّة، قد انسحب تدريجيًا ليصير معممًا على الغالبية السّاحقة من المجتمع اللبناني، الذي تبنى بدوره وعلى اختلاف أطيافه ومشاربه خطاب التيار الوطني الحرّ نفسه منذ بداية توافد اللاجئين إلى لبنان، ومحاربتهم وتنغيص تواجدهم فيه ومضاعفة نكباتهم. وفيما يبدو أن السّلطات مصرّة على استئناف حملاتها بمعزل عن الرفض الدوليّ والحقوقيّ، مستمدةً الشرعية والقبول الشعبي من الشارع اللبناني المغمور بدعايتها التحريضيّة (والتّي أتاحت له الطريق للتعبير عن ترحيبه بحملاتها كما اليوم ولم تقمعه كما قمعت اللاجئ سابقًا في التعبير عن رفضه للحملات هذه) مستندةً في خطابها بـ"عودة الأسد إلى الحضن العربي"، وبأن سوريا أصبحت آمنة إلى حدٍّ كبير، من دون أن تُقدم هي أو حتّى النظام السّوري أي شواهد وضمانات عملانيّة أو ملموسة.

بل وبالتزامن مع هذه العمليات الرسميّة يعيش اللاجئون في ذعرٍ مستمر وخطرٍ مُحدق جراء عنصريّة بعض اللبنانيين الذين وصل بهم الأمر حدّ الاعتداء الجسديّ على اللاجئين. وقد سُجلت في الآونة الأخيرة عشرات الحوادث المشابهة، آخرها كان حادثتين، أولهما اعتداء الرجل السبعيني الياس التنوري على الطفلة ثريا س. والتّي تبلغ من العمر عشرة سنوات بالضرب ظنًا بأنها سوريّة في بلدة الكرك في زحلة، أمام أخوتها، نهار الخميس الفائت 11 أيار الجاري، حسب ما أشارت صحف محلية، وثانيهما تعرض شابان سوريان للضرب من قبل مجموعة شبان من سكان الأشرفية في بيروت، وضعت واحد منهما في حالة صحيّة خطرة وذلك في 13 أيار الجاري. 

استحالة العودة الطوعية
وردًا على الحملات الأمنيّة والافتراضيّة العنصريّة هذه، فضلاً عن الإصرار الخبيث للسلطات اللبنانيّة على استئنافها، من دون الأخذ بالاعتبار أوضاع اللاجئين السّياسيّة في الداخل السّوري، طامعةً بالمزيد من الدعم ومال المساعدات، طالب مركز وصول لحقوق الإنسان في بيان نشره صباح اليوم الدولة اللبنانية بوقف عمليات الترحيل فورًا، موثقًا أعداد اللاجئين المُرحلين وظروف توقيفهم وتسليمهم لقوات النظام، الذي بدوره لا يزال يحتجز أعدادًا ضخمة منهم. وأشار مركز وصول في مستهل بيانه أنه وفي الآونة الأخيرة "تكاثرت تصريحات سياسية لبنانية تعتبر أن النزاع المسلح قد انتهى، وأن اللاجئين السوريين في البلاد يجب أن يخضعوا لخطة "العودة الطوعية" التي اقترحتها الحكومة اللبنانية في أواخر العام 2022، والتي تقوم على إعادة 15 ألف لاجئ شهريًا، مع غياب أي مشاركة رسمية لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين، ومن دون الأخذ بالاعتبار تقييم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية حول حقيقة الوضع في سوريا يقوم التوجه السياسي الأخير في لبنان بإجبار اللاجئين السوريين على العودة إلى بلدهم، ويتضمن هذا التوجه سياسات تزيد من انعدام الأمن القانوني للاجئين السوريين في لبنان، حيث شهد نيسان/ إبريل 2023 تصاعد الحملات الأمنية التعسفية ضد أماكن سكن اللاجئين في عدة مناطق في لبنان، مثل برج حمود وحارة صخر ووادي خالد والهرمل، إلى جانب قضاء الشوف وقضاء كسروان. وتم اعتقال العديد من اللاجئين السوريين تعسفيًا وترحيل آخرين قسريًا".

وأضاف: "في الواقع، لم تبلغ سوريا حالة من الأمان المناسب لعودة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم الأصلية، حيث انهار الاقتصاد جراء النزاع القائم في البلاد، وتدمرت العديد من البنى التحتية والمرافق العامة والأبنية السكنية، من دون أي ملامح واضحة حول توقيت إعمارها بتنسيق دولي، ونتيجة لذلك، يعيش أكثر من 80 بالمئة من السكان في سوريا تحت فقر مدقع، فضلًا عن استمرار الأعمال العدائية في بعض المناطق، والاعتقالات التعسفية من قبل مختلف أطراف النزاع، على رأسهم الحكومة السورية، حيث يتهم ضباط المخابرات السورية اللاجئين العائدين إلى بلادهم بعدم الولاء أو "مشاركتهم بأعمال إرهابية" أو إجبارهم على تأدية الخدمة العسكرية الإلزامية، وهذا استهداف واضح بسبب قرارهم بالفرار من سوريا خوفًا على حياتهم من النزاع المسلح".

حصيلة حملة الترحيل
أما في محصلة حملة الترحيل فيُشير المركز لكونه قد وثق منذ بداية نيسان 2023 حتى 16 أيار2023، ما لا يقل عن 22 عملية مداهمة أمنية نفذها الجيش اللبناني في أماكن سكن لاجئين سوريين في مختلف أنحاء البلاد، بالإضافة إلى ما لا يقل عن حاجزين أمنيين مؤقتين أحدهما في جونيه والآخر في زحلة دوار الرحاب. تم على أثر كل ذلك اعتقال 808 لاجئًا اعتقالًا تعسفيًا من (بينهم 17 لاجئًا يملكون أوراق إقامة قانونية، و13 من النساء، و24 من القاصرين، و2 من أفراد مجتمع الميم عين)، حيث تعرض بعضهم للضرب و/أو المعاملة القاسية و/أو اللاإنسانية و/أو المهينة من قبل أفراد في الجيش اللبناني. فيما تم ترحيل ما لا يقل عن 336 لاجئًا من المعتقلين/الموقوفين إلى خارج الحدود اللبنانية قسرًا، (بينهم 12 لاجئاً يملكون أوراق إقامة قانونية، و13 من النساء، و22 من القاصرين، و2 من أفراد مجتمع الميم عين).

قائلاً إن 75 لاجئًا من المرحلين أعادت السّلطات السورية تسليمهم إلى مهربي بشر المتواجدين على الحدود اللبنانية والتفاوض معهم لإعادتهم إلى لبنان لقاء مبالغ مالية تتراوح بين 150 و300 دولار أميركي للفرد الواحد، بينما وصلت المبالغ المالية إلى نحو 3000 دولار أميركي للأفراد الذين يواجهون أخطاراً أمنية مباشرة في سوريا. وأكّد 51 لاجئًا منهم أن الجيش اللبناني قام بتسليمهم إلى السلطات السورية بشكل مباشر.

وفي خاتمة بيانه، شدّد المركز الحقوقي على توصياته للمفوضية حاثًا إياها على تفعيل دور مكتب الحماية التابع لها، وتوفير التمثيل القانوني، والإجابة على الطلبات العاجلة لمساعدة اللاجئين المعرضين للترحيل، وإعطاء الأولوية دائمًا لحماية اللاجئين المعرضين لخطر الترحيل، وتفعيل سياسات إعادة التوطين أو الحماية المؤقتة في البلدان الثالثة، وتوفير المأوى للاجئين الذين يفتقرون إلى الأمان في أماكن إقامتهم. موصيًا المجتمع الدولي والجهات المانحة العمل على الضغط على الحكومة اللبنانية، لاتخاذ قرارات صارمة لمكافحة الترحيل القسري، ودعوتها بالتراجع عن قرارات الترحيل القسري والاعتقالات العشوائية الدورية بحق اللاجئين والمدافعين عن حقوق الإنسان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها