الإثنين 2023/05/15

آخر تحديث: 15:08 (بيروت)

أساتذة "اللبنانية" يقاطعون الجمعيات العمومية يأسًا

الإثنين 2023/05/15
أساتذة "اللبنانية" يقاطعون الجمعيات العمومية يأسًا
قاعة المحاضرات في مجمع بيار الجميّل شبه الفارغة كانت تغصّ سابقًا بالأساتذة (السوشيال ميديا)
increase حجم الخط decrease

بين الشائعات المتناقلة والتوجهات الرسميّة الأقرب للشائعة منها إلى المنطق والتصديق، تتخبط الجامعة اللبنانيّة بكادرها التعليميّ وموظفيها في بحرٍ من الثغرات والأزمات البنيويّة، التّي كان لها المساهمات العُظمى في الاختلال التقنيّ والإداريّ والتشغيليّ الحاصل. ووسط تهافت البيانات وتسارع المعطيات وغياب الإمكانية لإيجاد أرضيّة مشتركة للنقاش بين المعنيين والرسميين والكادر البشريّ من أهل الجامعة، واستمرار حالة السّخط العام لدى شطرٍ واسع من روابط وتكتلات أساتذة الجامعة اللبنانيّة، إزاء آخر التسريبات التّي كان مفادها توجه رئاسة الجامعة لفرض نوع من تقييد الظهور الإعلاميّ للأساتذة على منوال ما ابتدعه نقيب المحامين (على سبيل المثال لا للحصر). يطفو على السّطح مؤخرًا واقع "مقاطعة" غالبية هؤلاء لآخر الجمعيات العموميّة المنعقدة، التّي بدورها وخلافًا للعادة والقانون مرعي الإجراء لم يُصدر بموجبها أي توصيات.

فعلى مدار الأيام القليلة الماضيّة، وصفحات ومجموعات أساتذة الجامعة اللبنانيّة تضجّ بآخر الصور المتداولة لواحدة من الجمعيات العموميّة التّي دعت إليها الهيئة التنفيذيّة لرابطة الأساتذة المتفرغين مطلع الشهر الجاري (في دورتها الثانية). والصورة تُظهر عددًا ضئيلاً من الحاضرين (من كافة أساتذة الفروع الثانيّة) على خلاف العادة. فقاعة المحاضرات في مجمع بيار الجميّل التّي كانت تغصّ سابقًا بالأساتذة الملبين للدعوة، كانت شبه فارغة صباح الخميس الماضي، 11 أيار الجاري.

الجمعيات العموميّة
وهذا التخلف ليس الأول من نوعه في الدورة الحاليّة (تعقد الجمعيات العموميّة عادةً مرتين سنويًا في كانون الثاني وأيار). فقد شَهدت الجمعية العموميّة لجميع أساتذة الفروع الأولى التّي عُقدت بتاريخ 9 أيار الجاري في مجمع رفيق الحريري الجامعي – فرع الحدث مشهدية المقاطعة نفسها، حسب ما أشارت مصادر "المدن" المتابعة في الجامعة. وفيما عزت المصادر هذا التخلف إلى سبب أساسي هو فقدان الأساتذة ثقتهم بالرابطة وأدائها العام، ناهيك بتعسر أحوالهم المعيشية التّي تحول طرديًا دون حضورهم لمثل هذه الجمعيّات، في حين نَفتْ المصادر وجود حالة "مقاطعة عامة" مُتفق عليها.

وفي هذا السّياق اعتبر المسؤول الإعلامي في تجمع "أساتذة لإنقاذ الجامعة اللبنانيّة" في حديثه إلى "المدن"، أن هذه "الجمعيات العمومية التي اضطرت الهيئة التنفيذيةّ إلى عقدها نتيجة وجع الأساتذة والضغط الإعلاميّ، ليست جديّة". لافتًا لكونها "جاءت تحت عنوان ممنوع الإضراب. والدليل خرق الهيئة -وفق مراقبين- للقانون بعدم إصدار توصيات، والخوف من الحضور الإعلامي، وغياب ثقة الأساتذة بالهيئة من خلال ندرة الحضور، وامتداد الجمعيات العمومية طيلة الفصل بلا نتيجة ملموسة كون الفصل يكون قد انتهى". قائلاً: "باختصار، إن إرادة الأحزاب هي المهيمنة في العمل النقابي للجامعة اليوم، فيما يُذل الأستاذ بصورة دوريّة بسبب عدم وجود نقابة قويّة بأداء مُتقن وجديّ. اليوم وأكثر من أي وقتٍ مضى تقدم الرابطة مثالاً للعمل النقابي "المهزوز"، عنوانه إذلال الأستاذ والإمعان في مراكمة صعوباته المعيشية والوظيفية من دون أي ضمان أو حماية له، التّي من المفترض للهيئة تقديمها".

مصادرة القرارات
وجاءت هذه الجمعيات في أعقاب موجة غضب عارمة عمّت جموع الأساتذة خصوصاً بعد تسريب خبر تدخل رئيس الجامعة بسام بدران مهدداً بأن الإضراب ممنوع، ومتوعداً الخروقات التّي يقترفها هؤلاء في إضراباتهم وتمنعهم عن استكمال العام الدراسي بالصورة المُعتادة، وبمحاسبة الأساتذة الذين في صدّد استكمال احتجاجهم. وضغط الأساتذة على الهيئة إعلاميًا لحثها على هذه الدعوة معبرين عن استيائهم من سياسات الرئاسة الترقيعية والتّي تنطوي على إصرار باستكمال المسار الأكاديمي بالرغم من انتفاء القدرة التشغيلية ونكبة الكادر البشريّ المعيشية، كيفما اتفق. ذلك وناهيك عن التوجه السّابق للمماطلة في الدعوة لعقد الجمعيات بعد تقديم الامتحانات النهائية. وبالتالي، فقدان الجمعيات جدوى إقامتها بالمرتبة الأولى.

ولفت أستاذ الفلسفة المتفرغ في الجامعة اللبنانية باسل صالح لـ"المدن" إلى كون واقع الجمعيات العموميّة الحاليّ هو محصلة سنوات من انهيار ثقّة الأساتذة بإطارهم النقابي، المتمثل برابطة الأساتذة المتفرغين، على غرار باقي الأطر التّي تُهيمن عليها أحزاب السّلطة. شارحًا: "في حين كان من المفترض أن تكون الجامعة كجسم تعليمي وصرح أكاديمي رأس حربة في مواجهة أنماط الانهيار الحاصل ومشروع تفتيت المدماك الأساسي في كل دولة وهو التعليم، نرى بالمقابل تمنع الأساتذة عن المشاركة. إذ أن الرابطة وعلى مدار السنوات الخمس السّابقة سعت إلى تقييد ومصادرة قرار الأساتذة وتهميش مطالبهم الحقيقية، ضاربةً بعرض الحائط موجبات العمل النقابي السّليم والصحيّ.. في حين مثلاً يشغل حوالى 75 بالمئة من الكادر التعليمي أساتذة متعاقدون بالسّاعة، وجدوا أن هذه الرابطة لا تمثلهم، ناهيك بملف تعيين الأساتذة المتفرغين في ملاك الجامعة بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء عام 2014 ولا يُحمل الدولة أو الجامعة أي أعباء ماليّة. هذا الملف الذي لم تتحمل الرابطة أي مسؤولية في المطالبة به جديًّا".

ويُضيف صالح:" هذا من دون التعريج على كون الرابطة قد أسهمت في تعطيل وخرق مختلف الإضرابات المطلبيّة التّي تبناها الأساتذة. وآخرها كان في إضراب العام الماضي. حيث كان واضحًا الانقلاب داخل الرابطة على إرادة الأساتذة العامة وهذا كان في آخر اجتماع للجمعيات العمومية. حيث تمّ الضغط من قبل الرئاسة والعمداء على فكّ الإضرابات من دون قرار هيئة عامة. مستهترةً بقوانين الجامعة وحتّى قوانين الرابطة، الأمر الذي كنا نلمسه عند كل تسويّة ماديّة مع الإدارة تأتي على هيئة "رشوة". كل هذه المعطيات قد أسهمت طرديًا في تضاؤل ثقة الأساتذة بالرابطة كما أحزاب السّلطة، التّي أطاحت بسياساتها المتبعة بأي نيّة لنشاط نقابي حقيقي وجديّ".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها