الإثنين 2023/05/01

آخر تحديث: 12:25 (بيروت)

"نتفليكس" المنحدرة وسياسة الحساب الواحد: الإسراع بالانتحار

الإثنين 2023/05/01
"نتفليكس" المنحدرة وسياسة الحساب الواحد: الإسراع بالانتحار
انقلبت نتفليكس على شعارها "الحب هو مشاركة كلمة السرّ" (Getty)
increase حجم الخط decrease

أعلنت شركة Netflix عن موعد تطبيق سياسة حظر مشاركة كلمة السرّ بين المستخدمين، والتي سبق أن طبقت بالفعل في بعض الدول، مثل كندا وإسبانيا والبرتغال ونيوزيلندا والأرجنتين، وسيتم تطبيقها في جميع أنحاء العالم في الربع الثاني من هذا العام كموعد مؤكد. وفي تصريح لشبكة سكاي نيوز بتاريخ 18 نيسان الفائت برّرت نتفليكس هذه الخطوة بالقول: "نتعلم المزيد مع كل خطوة، لقد أخذنا بالاعتبار المعلومات التي جمعناها، ونعتقد أن النتائج ستكون جيدة".

وقد أثارت هذه التصريحات عاصفة تعليقات، حيث تراوحت ردود الفعل بين التهكم والاستياء وخيبة الأمل. فقد اعتبر عدد من صانعي المحتوى على يوتيوب أن هذه السياسة تضيق الخناق على المشتركين وتزيد من تكاليف الاشتراك في الخدمة.

كيفية التطبيق السياسة الجديدة
بدءاً من الربع الثاني من عام 2023، ستبدأ نتفليكس في تطبيق سياسة جديدة تحظر مشاركة كلمة السر بين المستخدمين في كل الدول. ووفقاً للمعلومات المتاحة على موقع الشركة، سيتم ربط حساب المستخدم على عنوان بروتوكول الإنترنت "IP" الموجود في منزله ويسمى "الموقع الأساسي" primary location، ولن يكون بإمكان المستخدمين الذين يتصلون بحساب واحد الوصول إليه من عناوين "IP" مختلفة، إلا بدفع مال إضافي للحصول على حسابات تشاركية.

وعلاوة على ذلك، إذا كنت تسافر وترغب في استخدام حسابك أثناء السفر، يمكنك ذلك، ولكن يجب عليك العودة إلى المنزل وتسجيل الدخول إلى الحساب من عنوان "IP" للموقع الأساسي، وذلك خلال فترة لا تزيد عن 30 يوماً، وإلا فسيتم قفل حسابك. لا تقول نتفليكس ماذا سيحدث إذا تم قفل حسابك وكيف تعيد تفعيله. بأي حال سيحصل المزيد من التخبط وأوجاع الرأس!

أزمة نتفليكس
تواجه خدمة Netflix مشكلة في جودة الأعمال التي تقدمها، وخصوصاً الإنتاجات الخاصة بها التي تعرف بـ"Netflix Originals". فالعديد من المشتركين يشعرون بخيبة أمل بعد تدهور جودة الإنتاجات، ويؤخذ على الشركة عدم الاهتمام بآراء متابعيها، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بعمل معين مشتق من كتاب أو لعبة فيديو، فإن نتفليكس عموماً لا تقدم أعمالاً  تكون وفية للنص الأصلي، حتى في أفضل إنتاجاتها مثل مسلسل The Witcher، عملت على إفساد قصته وإغضاب قاعدة المتابعين من محبي الكتاب واللعبة في آن. ولا يخفي كثر استياءهم من فلسفة الشركة القائمة على فرض التنوع الإثني في أعمالها كيفما اتفق، كأن تكون "إيرل" كاتيغات قبل ألف عام في النرويج امرأة سمراء (Caroline Henderson) في مسلسل Vikings Valhalla.. إلى الجدل حول كليوباترا مؤخراً.

خدمة مثل Netflix تعتبر من الكماليات وليس من أساسيات العيش، ورغم أنها تسعى جاهدة لزيادة عدد مشتركيها، فإن فترة انتشار فيروس كورونا وتطبيق الحجر المنزلي في العديد من الدول ساهم بزيادة عدد مشتركيها بشكل قياسي. وقد حققت أرباحاً كبيرة، إلا أنها لم تتلقف هذه الزيادة بالعمل على تحسين محتواها. في المقابل برزت أعمال جيدة عبر المنصات المنافسة. وفقدت نتفليكس أكثر من 200 ألف مشترك في العام الماضي. وهي المرة الأولى التي يحدث ذلك منذ عشر سنوات.

باتت شركة ذات هوس بزيادة عدد المشتركين حتى أنها قامت بإضافة ركن لألعاب الهاتف على منصتها لتجذب مشتركين جدد. يُعتقد أن هذا المحاولات لن تجدي نفعاً في ظل سوء محتوى البث، وأن أي زيادة في عدد المشتركين حالياً هي قفزات آنية، مرتبطة بشكل مباشر بمسألة حظر تشاركية الحسابات ولا تعكس نمواً حقيقياً. لذلك فإنه من المستبعد أن يتعافى سهم NFLX من الانخفاض الذي بلغ 51% (11.5 مليار دولار) منذ بداية عام 2022. 

المنافسة و البدائل
قد تنسى Netflix أننا في عام 2023، وأن هناك تاريخاً وتراثاً طويلاً للقرصنة في عالم التورنت يمتد لأكثر من عقد من الزمن. لذلك سيكون هذا القرار هو نهاية حقبة نتفليكس بالنسبة للعديد من المشتركين، حيث تتوفر البدائل "الشرعية" الأخرى التي تزداد قوة وجودة مثل AMC وHBO max وHulu وAmazon Prime و+Apple TV و+Disney.

السبب الرئيسي الذي دفع الناس حول العالم للتخلي نسبياً عن القرصنة في السنوات الأخيرة والتوجه لتطبيقات مثل نتفليكس، أنها تقدم خدمات مريحة وسهلة الاستعمال. إنها ببساطة "مناسبة" convenient.
لنكن واقعيين هنا، سبب جاذبية نتفليكس كانت بالدرجة الأولى قابلية مشاركة الحساب بين العائلة والأصدقاء، وليس مشقة فتح حسابات جديدة ودفع المزيد من الأموال للحصول على الترّهات الترفيهية نفسها!

وهنا، علينا التمييز بين أمرين. على مستوى إنتاج المحتوى، هناك شبكات ومنصات تتجاوز بجودة محتواها ما تقدمه نتفليكس. كل المنصات المذكورة أعلاه تقدم محتوى أفضل، خصوصاً على مستوى المسلسلات. لكن نتفليكس كانت تتفوق بأنها خدمة بث ممتازة على المستوى التقني، واسعة الانتشار وسهلة الوصول إلى أكبر عدد من المستخدمين على الهاتف والكمبيوتر والتلفاز الذكي. وهي تقوم الآن بالتخلي عن هذه الميزة التي ساهمت بوضعها على الخريطة البث الرقمي. هي تتخلى عن مكامن قوتها بشكل طوعي وجشع.
ما سيزيد الطين بلة أيضاً أن الاشتراك الأقل ثمناً لديها سيكون مع إعلانات، فأنت ستدفع ثمانية دولارات شهرياً، مقابل مشاهدة مع إزعاج إعلاني متواصل. أي عقل وراء هذه الرؤية؟
مؤخراً، نجح بعض خبراء شبكات الإنترنت بتسجيل فيديوهات على يوتيوب قاموا فيها بالتحايل تقنياً على حظر مشاركة كلمة السرّ، عبر إيهام خوادم نتفليكس أنهم يشاهدون من "الموقع الأساسي" في بيوتهم، بينما كانوا في أماكن أخرى. كانت التعليقات حول تلك الفيديوهات أبعد ما تكون عن الإعجاب وأجمعت أن نتفليكس وسوء محتواها لا يستحق حتى المحاولة من الأساس، فيما بعض تطبيقات البث المجانية مثل "Stremio" بات بإمكان مستخدمها إضافة ما يريد من إضافات (addons) متنوعة، قادرة على مشاهدة ما هو مجاني وما هو مدفوع ثمنه بشكل قانوني، وحتى ما هو مقرصن، كلها في منصة واحدة تحت شعار "حرية البث".

نهاية درامية
يعتبر المهتمون بمجال البث الرقمي بأن نتفليكس تقدم على الانتحار حرفياً، بعد قرار حظر مشاركة كلمة السرّ، في ظل انحدار مستوى الإنتاج.

بالطبع يمكنها أن تعود عن قرارها لاحقاً أو تقوم بتخفيض أسعار الاشتراكات، أو ربما تقوم بإنتاج تحفة درامية على غير العادة، لكن هناك شيئاً قد فُقد بالفعل، قد مات، فبعد الشعار الذي أطلقته بنفسها عام 2017 Love is sharing a password "الحب هو مشاركة كلمة السرّ"، فهل تصح غداً مقولة ومن الحب ما قتل؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها