الجمعة 2023/04/28

آخر تحديث: 11:51 (بيروت)

الذكاء الاصطناعي: فقدان الوظائف أم وسيلة لإعادة توزيع الثروة؟

الجمعة 2023/04/28
الذكاء الاصطناعي: فقدان الوظائف أم وسيلة لإعادة توزيع الثروة؟
المستشارون والمحللون الماليون سيكونون بلا شك الأكثر تضرراً (Getty)
increase حجم الخط decrease
هل عملك مهدد من الذكاء الاصطناعي؟ سؤال لربما طرحته على نفسك في الآونة الأخيرة، بعد ثورة ChatGPT وأخواتها، الجواب باختصار هو "ربما" ولكن..

في آذار الماضي توقع مصرف الاستثمار الشهير غولدمان ساكس (Goldman Sachs) أن 300 مليون وظيفة يمكن أن تفقد أو تتضاءل، بسبب الذكاء الاصطناعي المتسارع في النمو.

قد لا نستطيع أن نعرف من الآن مدى تأثّر قطاعات إنتاجية بعينها نتيجة استبدال الوظائف. ولكن يجمع الباحثون أن التأثير سيكون كبيراً وسريعاً.

الوظائف الأكثر عرضة للزوال
بدأت بالفعل تظهر صرخات الفنانين من مولّد الصور (AI image generator). وقد صرح أحد الرسامين لصحيفة نيويورك تايمز نهاية العام الماضي "لقد خسرنا كبشر وربح الذكاء الاصطناعي، إنه موت الفن يا صاح"، ذلك بعد خسارته وفوز لوحة تم إنشاؤها بواسطة AI بجائزة فنية.

الوظائف التي ستستبدل سريعاً هي الوظائف الرتيبة التي لا تحمل منظوراً، لكنها تقوم على المعلومات، كخدمة الزبائن ومعالجة الطلبات. وقد قامت شركة أمازون بالفعل بتجربة حيث يقوم ChatGPT بالرد على الزبائن. وكانت النتائج مشجعة، حسب قولهم.
المستشارون والمحللون الماليون سيكونون بلا شك الأكثر تضرراً بشكل مباشر، فقد نجح الذكاء الإصطناعي مؤخراً بالقيام بصفقات مربحة عبر ربطه بواسطة API مع برامج تداول بكل سهولة. فالأسواق تتحرك وفق أنماط. ولا أحد يمكنه أن ينافس البرمجيات بتتبع الأنماط!
كتابة نصوص المواقع الالكترونية وتأليف الإعلانات كلها وظائف سوف تتضاءل كذلك الإعلام بشكل عام، الذي بدوره شهد في السنوات الأخيرة تحولات نحو التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية.

مع الأزمات تأتي الفرص
في مقابل "الخسارات" هناك وظائف كثيرة ستتأثر إيجاباً، أبرزها البرمجة وكتابة الأكواد. فالوقت الذي يقضيه المبرمج في كتابة سطور الأكواد سوف يتضاءل إلى الربع (25%). حتماً سيمكنه ذلك من الاستفادة من وقته في تطوير البرامج بشكل فعال وإنتاجية عالية، يتوقع أن يسهم ذلك بطفرات تكنولوجية، ليس فقط على مستوى البرمجيات بل في الطب والهندسة وكل الصناعات المتطورة أيضاً. 

يميز الباحثون اليوم بين الوظائف (jobs) والمهام (tasks). ففي عصر الذكاء الاصطناعي قد لا يفقد البشر الوظائف بل سيقومون بتوظيف الذكاء الاصطناعي لديهم ليقوم بمهام توفر عناء الرتابة وإهدار الوقت، وينتج عن ذلك ارتفاع نسبة الإنتاجية.

تكنولوجيا اشتراكية؟
عندما ترى أشخاصاً يمتلكون مهارات بسيطة بات يمكنهم الكتابة والبحث والتجارة والعمل وتقديم خدمات أفضل، والأهم من ذلك كله تحسين فرصهم لعيش حياة جيدة، كل ذلك بمساعدة AI، لا بد أن تراودك أفكار تتعلق بالعدالة وتوزيع الثروات. وكأن الذكاء الاصطناعي يأتي في غفلة من زمن الرأسمالية، لردم الهوة بين ما هو تكنولوجيا وثروة من جهة، والفقر وملحقاته من جهة أخرى.

هل سيسمح أغنياء العالم والشركات العملاقة بتقاسم "جبنة" الذكاء الاصطناعي مع باقي البشر؟ هل ستكون التكنولوجيا مقيدة أم حرة ومتاحة للجميع؟ سيكون قرناً جميلاً إذا ساهمت التكنولوجيا بإعادة الاعتبار للتوزيع العادل للثروات وإنقاذ الكوكب من التدهور المناخي والبيئي.

موظف اليوم هو موظف المهارات بلا شك. باتت محفظة الخبرات (portfolio) توازي أهمية الشهادات العليا في كثير من القطاعات. ولا بد للذكاء الاصطناعي كوسيلة تطوير في العمل أن يسهم في الدفع بهذا الاتجاه أكثر فأكثر.

بالعودة إلى السؤال الأول "هل عملك مهدد من الذكاء الاصطناعي؟"
سوف تولد وظائف جديدة على الأرجح. ولا نعلم هل ستكون ولادتها أسرع أو أبطأ من اندثار أخرى.
عالم الفيزياء النظرية، ميشيو كاكو، قال مؤخراً في ندوة حول مستقبل العمل: "العمال الذين سوف يستعملون الذكاء الاصطناعي سيزدهر عملهم، أما الباقون فسيصبحون بلا عمل".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها