الأربعاء 2023/03/08

آخر تحديث: 12:37 (بيروت)

مخاوف من تحوله وباء بشرياً: انتشار مميت لإنفلونزا الطيور

الأربعاء 2023/03/08
مخاوف من تحوله وباء بشرياً: انتشار مميت لإنفلونزا الطيور
تغييرات في جينوم الفيروس تؤدي إلى انتقال العدوى بين الثدييات (Getty)
increase حجم الخط decrease

في ظل التفشي غير المسبوق لإنفلونزا الطيور في بريطانيا وغيرها من الدول، وخشية العلماء من تحوله إلى وباءٍ بشري يكتسح العالم. كشفت وسائل إعلام بريطانية عن تخطيط الحكومة البريطانية لتلقيح قطيع الدواجن في البلاد، إذ يُعدّ تفشي إنفلونزا الطيور الحالي الأكثر خطورةً على الإطلاق، لدرجةٍ دفعت علماء الفيروسات لمراقبة مخاطر انتقال الفيروس إلى الناس أسبوعياً.

تحذير من جائحة جديدة
لم تطرأ تغيراتٍ على فيروس إنفلونزا الطيور حتى الآن تمكنه الانتقال من إنسانٍ إلى آخر، إلاّ أن سلالته "H5N1" بدأت تنتشر بين الثدييات. ما أثار مخاوف من أن تؤدي طفرة أخرى أو اثنتين لإطلاق الجائحة التالية.

في الوقت الحاضر، هناك حظر على تحصين الطيور ضد سلالة إنفلونزا الطيور "H5N1" في بريطانيا. ولكن مع تعرض عشرات الملايين من الطيور للخطر وموت أكثر من 200 مليون منها، قد تضطر الحكومة البريطانية إلى سن تغييرٍ كبيرٍ في سياستها.

ولا يقتصر الخطر على دولةٍ معينة، فأثناء متابعته الانتشار المخيف للفيروس في بريطانيا، حذر البروفيسور إيان براون، رئيس قسم علم الفيروسات في وكالة صحة الحيوان والنبات البريطانية، من أن انتشار الفيروس عالمياً أصبح مثيراً للقلق بشكلٍ خاص. مشيراً إلى أن الوفيات الجماعية لحيوانات الفقمة في بحر قزوين وأسود البحر في بيرو، تشير بلا أي شك إلى انتقال العدوى بين الثدييات بطريقةٍ ليست محصورة بحدودٍ معينة. وهذا من شأنه أن يقرب احتمالات تفشي جائحة جديدة.

على الصعيد العالمي، تم إعدام مئات الملايين من الطيور الداجنة، وأدى الفيروس إلى نفوق الملايين منها. فيما تلفت ميشيل ويلي، عالمة الفيروسات بجامعة "سيدني"، والتي تدرس إنفلونزا الطيور، إنه من المحتمل أن تكون ملايين الطيور البرية قد نفقت أيضاً بسبب الفيروس، حيث أن قلة من الوكالات الحكومية تراقب انتشار الفيروس بين هذه الطيور.

تلقيح الطيور  
نتيجةً لهذه التطورات المقلقة، شكل مجموعة من الخبراء والأكاديميون وكبار المسؤولين في وكالة الأمن الصحي في بريطانيا، لجنة هدفها إجراء "مراجعاتٍ أسبوعية" لمراقبة مخاطر إنفلونزا الطيور على البشر. وقالت اللجنة إنّ التهديد الحالي للفيروس هو في المستوى 3، ما يعني أن هناك تغييرات في جينوم الفيروس تؤدي إلى انتقال العدوى بين الثدييات. وعند توفر الدليل العلمي القاطع على انتقال العدوى بين الثدييات، وهو أمر مرجح حدوثه في وقتٍ قريب، فسوف يرتفع الخطر إلى المستوى 4.

من ناحيته، قال البروفيسور براون أن الاقتراب من المستوى 4 يحتم على العالم الشعور بالقلق من انتقالٍ بشريٍ محتمل، ما يعني تهديد من المستوى الخامس. مضيفاً "في الوقت الحالي، تراجع بريطانيا بنشاط جميع خططها للتخفيف من إنفلونزا الطيور والوقاية منها. وتلقيح الدواجن من ضمن هذه الخطط. لذا، هناك مجموعة من القطاعات تبحث في ذلك".

وتابع "دعونا نقول أن هناك اعترافاً من الجميع بوجوب العمل بوتيرةٍ سريعة، وعدم الوقوف مكتوفي الأيدي. وهذا يمثل تغييراً كبيراً إلى حدٍ ما، لأن تلقيح الدواجن أمر محظور في بريطانيا، لذلك يجب أن يكون متوازناً بعناية، لأنه سيكون مكلفاً ويتطلب تطبيق إجراءات الأمن البيولوجي بتشدد. خصوصاً أن تلقيح الدواجن من الممكن أن يسمح للفيروس بالانتقال داخل أسراب الطيور السليمة. رغم ذلك يبقى التلقيح من أفضل الخيارات المتاحة".

بدورها، بدأت اللجنة التي تم تشكيلها البحث في لقاحاتٍ محتملة مرشحة للبشر، بحال طرأت تغييراتٍ سريعة على الفيروس جعلته قادراً على الانتقال للإنسان. يأتي ذلك بعد أن تم الكشف في وقت سابقٍ من هذا الأسبوع عن تفكير هيئة خدمات الصحة والسلامة المهنية البريطانية في إجراء اختبارات التدفق الجانبي للكشف عن إنفلونزا الطيور لدى البشر في حالة انتشاره بين الناس.

الإصابات بين البشر
منذ التفشي غير المسبوق للفيروس، تم الإبلاغ عالمياً عن تسع حالاتٍ بين البشر، تماثل ستة أشخاص منهم للشفاء فيما توفي شخص في الصين، وفتاة تبلغ من العمر 11 عاماً في كمبوديا بعد أن أصيبت بالتهاب رئوي حاد. وفي شباط المنصرم، أبلغ مسؤولو الصحة في الصين عن الحالة التاسعة لامرأة حالتها الصحية غير معروفة.

علاوةً على ذلك، لم تظهر أي أعراضٍ تنفسية على أربع حالاتٍ بشرية مبلغ عنها، بما في ذلك حالة في الولايات المتحدة من كولورادو وعاملان مرتبطان بمزرعة المنك الإسبانية. وهذا يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال عدم إصابة هؤلاء الأشخاص حقاً. بل من المحتمل أن تكون الاختبارات قد التقطت التلوث الفيروسي الذي استنشقه هؤلاء في أنفهم، أثناء التعامل مع الطيور المصابة.

إن استحالة التنبؤ بأي سلالة لإنفلونزا الطيور قد تقفز إلى الناس وتؤدي إلى تفشي المرض، هي في جزءٍ منها مرتبطة بالفجوات المعرفية. إذ لا تصيب مسببات أمراض الطيور هذه أو تنتشر بسهولة بين الثدييات بما في ذلك البشر. والعلماء ليسوا على درايةٍ كاملة بالكيفية التي قد تحتاج بها هذه الفيروسات إلى التغيير حتى يحدث انتقال للإنسان.  

وبصرف النظر عن التنبؤ بما سيحمله المستقبل للإنسان، فمن الواضح حالياً أن العديد من أنواع الطيور، وبعض الحيوانات الأخرى التي تأكلها، بدأت تُصاب وتموت بسبب الفيروس. وقد كشفت التحليلات الجينية لفيروس "H5N1" المنتشر في مزرعة المنك في إسبانيا، عن تغييرٍ ساعد الفيروس على إصابة الفئران والثدييات. وكما سبق وأشرنا فإن انتشار الفيروس بين الثدييات يعني إمكانية انتقاله للبشر. 

أعراض الفيروس
يبقى أن نشير بأن أول انتشارٍ خطير لإنفلونزا الطيور حدث عام 1997، حين انتقل الفيروس لبعض زوار أسواق الدواجن الحية في هونغ كونغ. وحسب هيئة الخدمات الصحية البريطانية، يمكن أن تظهر الأعراض الرئيسية لإنفلونزا الطيور على الناس بسرعةٍ كبيرة وتشمل ارتفاع شديد في درجة الحرارة أو الشعور بالحرارة أو الرعشة، وآلام في العضلات، وصداع، وسعال أو ضيق في التنفس.

يستغرق ظهور الأعراض الأولى بشكلٍ عام من ثلاثة إلى خمسة أيام بعد الإصابة، مع ظهور أعراضٍ مبكرة أخرى كالإسهال وآلام المعدة وألم الصدر والنزيف من الأنف واللثة والتهاب الملتحمة. وبعد بضعة أيام من ظهور الأعراض، من الممكن حدوث مضاعفات أكثر خطورة مثل الالتهاب الرئوي ومتلازمة الضائقة التنفسية الحادة.

والجدير ذكره أن منظمة الصحة العالمية سجلت على الصعيد العالمي منذ عام 2003 حوالي 873 إصابة بشرية بسلالة الفيروس"H5N1"، توفي منها 458 حالة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها