أسوة برفض غالبية الأساتذة قرار روابط المعلمين بفك الإضراب من دون عقد جمعيات عمومية، بدأ الأساتذة برفض التقديمات والعطاءات الحزبية لهم، لإقناعهم بالعودة إلى التعليم.
في اليوم الثاني لما أسماه الأساتذة "انتفاضة الكرامة"، ارتفع عدد الثانويات التي أقفلت أبوابها، بعكس توقعات المكاتب التربوية للأحزاب. ففي الشمال، عم الإقفال أكثر من تسعين بالمئة من الثانويات. وهو حال البقاع، وذلك بعدما كانت بعض الثانويات قد فتحت أبوابها يوم أمس الإثنين. وكذلك عم الإضراب مختلف المناطق، وسط ارتفاع عدد الأساتذة المضربين واستمرار جزء كبير من المتعاقدين بالإضراب.
رفض بنزين حزب الله
يؤكد أساتذة لـ"المدن" أن حال الغليان الحالي مختلف عن السابق. فالأساتذة لا يعيشون فورة غضب بل "انتفاضة الكرامة". فرغم عدم وجود أطر تنظيمية لتأطير حال الاعتراض، لسان حال الأساتذة، المستقلين أو الحزبيين، هو العيش الكريم. وأبلغ دليل على الأمر الرفض العارم في منطقة البقاع لمحاولة حزب الله مساعدة الأساتذة للعودة إلى التعليم. فقد عرض مسؤولون في الحزب على الأساتذة، من خلال المدراء، دفع ثمن خمسة ليترات بنزين عن كل يوم حضوري، وكان رفض الأساتذة شبه تام، في البقاع. وأتى قرار روابط المعلمين، بدفع من المكاتب التربوية، ليشعل حال غضب الأساتذة الذين باتوا يرفضون المكرمات. فهم موظفون والدولة مسؤولة عنهم، وحالهم كحال سائر الموظفين.
الأساتذة بمواجهة الطلاب
صحيح أن أساتذة كثراً يرضون بهذه العطاءات الحزبية، إلا أن نتائج الجمعيات العمومية، التي عقدها الأساتذة يوم أمس واليوم الثلاثاء، في مختلف المناطق، أظهرت أن غالبية أساتذة التعليم الثانوي يرفضون قرار روابط المعلمين بفك الإضراب من دون العودة إلى الجمعيات العمومية. هذا فيما بدأ الأساتذة في كل لبنان بتوقيع بيانات تدعو إلى استكمال الإضراب.
ورغم أن مدراء المدارس والثانويات أرسلوا إلى الأهل لحضور أبنائهم إلى الصفوف، ما يشكل ضغطاً على الأساتذة، ويضعهم في مواجهة طلابهم، اتسم اليوم الثاني من العودة إلى التعليم، التي قررتها الهيئات الإدارية للروابط، بعدم ذهاب الأساتذة إلى مدارسهم لتوقيع دوامات الحضور، عكس ما حصل يوم أمس. فبعد تعميم مديريات التعليم الثانوي والابتدائي على المدراء يوم أمس لرفض توقيع الأساتذة على جدول الحضور اليومي إذا كانوا لا يريدون تعليم الطلاب، فضل الأساتذة عدم الذهاب إلى المدارس من الأساس، كما أكد أساتذة من مختلف المناطق لـ"المدن".
حوافز تنفيس الغضب
تعول وزارة التربية وروابط المعلمين (المصرّة على عدم عقد جمعيات عمومية) على أن حال الغضب والاحتقان الذي يعيشه الأساتذة، سينتهي قريباً. فمن الطبيعي أن يشهد الأسبوع الأول من العودة إلى التعليم "فوضى تربوية" بسبب وجود جهات تحرض الأساتذة، كما تؤكد مصادر روابط المعلمين. لكن عندما يتلقى الأساتذة أول دفعة من الحوافز (حوافز الأشهر الثلاثة المنصرمة بقيمة 300 دولار)، يوم الجمعة المقبل، وهي عبارة عن مئة دولار، سيتغير الوضع الأسبوع المقبل. فثمة اعتقاد بأن دفع المئة دولار سيظهر جدية الوزارة بوجود أموال لدعم الأستاذة، وهذا كفيل بتهدئة خاطر جزء كبير من الأساتذة. ما يعني أن يوم الإثنين المقبل سيكون أول اختبار لمعرفة مدى اقتناع الأساتذة بما حققته لهم روابط المعلمين، ويفترض أن يظهر الأمر من خلال تراجع جزء كبير من الأساتذة عن الإضراب.
وتضيف المصادر أن الدفعة الثانية من الحوافز، أي المئتا دولار، ستدفع في عشرين آذار. لكن بخلاف المئة دولار، التي ستدفع يوم الجمعة، لن تمنح المئتي دولار لجميع الأساتذة، حتى لو أنها من ضمن حوافز الأشهر الفائتة، بل للأساتذة الذين سيعودون إلى التعليم. فلا يجوز استمرار الأساتذة بالإضراب وعدم تعليم الطلاب وتلقي حوافز هي عبارة عن بدل إنتاجية.
لا يخافون من العقاب
مصادر مطلعة تؤكد أن وزارة التربية ستنتقل إلى إجراءات عقابية بحق الأساتذة المتغيبين. ففي الوقت الحالي لا يمكن اتخاذ أي إجراء عقابي بحق أكثر من ثمانين بالمئة من الأساتذة. لكن بعد انتظام التدريس وعودة الجزء الأكبر من الأساتذة، تبدأ مرحلة العقوبات المسلكية وحسم الرواتب، تؤكد المصادر.
في المقابل يؤكد أساتذة لـ"المدن" أنه منذ عشية اتخاذ الروابط قرار العودة يتم التداول بمعلومات عن عزم وزارة التربية اتخاذ قرارات عقابية وحسم الرواتب، ورغم ذلك يصرّ الأساتذة على موقفهم الرافض لمصادرة قرارهم. فهم يعتقدون أن الوزارة والروابط تنالا من كراماتهم، بتمنينهم بدفع الحوافز المستحقة عن الأشهر السابقة، ومعاقبة المتغيبين. فأسلوب الضغط هذا، الذي كان يخيف الأساتذة المترددين، لم يعد يجدي نفعاً معهم، أو مع غالبية الأساتذة. ومن اتخذ قرار العودة عليه تحمل المسؤولية كاملة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها