الثلاثاء 2023/03/28

آخر تحديث: 14:53 (بيروت)

ملف الدوائر العقارية يُثير الريبة: التدخل السياسي والتداخل القضائي

الثلاثاء 2023/03/28
ملف الدوائر العقارية يُثير الريبة: التدخل السياسي والتداخل القضائي
تخوّف من تسويف سياسي لقضية الفساد في الإدارات العقارية (جورج فرح)
increase حجم الخط decrease

نهار الجمعة الماضي، سأل النائب في الحزب التقدمي الاشتراكي بلال عبد الله، عن سبب عدم تخلية سبيل أمينة السجل العقاري في بعبدا نايفة شبو، على غرار ما حصل مع  باقي الموقوفين، وقال: "نحن دخلنا شهر رمضان المبارك، أعتقد أنه كان من الممكن الاكتفاء بفترة احتجازها الطويلة". لم يكن سؤال النائب في مكانه. فعدم تخلية سبيلها لم يكن بسبب "حزم" القضاء، ولا بسبب رغبة القضاة بعدم مساواة أمينة السجل بغيرها من الموظفين، بل بسبب وكيل شبو الذي لم يتقدم مع وكلاء الدفاع عن الموقوفين بطلب إعادة التحقيق من جديد.

ليست هذه المفارقة الوحيدة التي تحصل في هذا الملف، الذي بدأ يُثير القلاقل حول إمكانية إقفاله أو استمراره حتى النهاية. فبعد قرار رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان، ربيع حسامي، إخلاء سبيل الموقوفين، يجب الإضاءة على بعض النقاط الأساسية التي تُظهر وجود وجهات نظر عديدة في الملف.

مقاربات غريبة في ملف العقارية
من الأمور اللافتة في ملف العقارية، حسب مصادر متابعة للملف، هو أن المسبب الأساسي لفتح القضية، أي أمين سجل الشوف هيثم طربيه، لم يتم توقيفه، بسبب تواريه عن الأنظار، بعد جذب الأضواء باتجاه "العقارية"، إثر نقل ملكية عقارات وليد جنبلاط. فلم يتم توقيف طربيه، ولم يتم توقيف أي مطلوب، سوى شخص واحد صُودفت عملية نقله إلى بعبدا في زمن المداهمات.

انتقلت مفاعيل القضية إلى بعبدا أولاً، حيث تم توقيف الموظفين حوالى 90 يوماً، وإلى عاليه حيث أُوقف موظفوها حوالى 60 يوماً، وإلى المتن حيث كان توقيف الموظفين لفترة قصيرة وصلت إلى 42 يوماً. كانت التهمة واحدة للجميع: إثراء غير مشروع وتلقي رشاوى. لكن اللافت مع تعدد القضاة، نقولا منصور في بعبدا والشوف، وزياد دغيدي في عاليه، وحنا بريدع في المتن، كان التفاوت في قيمة كفالات إخلاء السبيل، رغم تشابه الجرائم المشتبه فيها، فكانت 20 مليوناً في عاليه، أي 200 دولار أميركي، 50 مليوناً في الشوف، أي 500 دولار أميركي، 300 مليون ليرة لموظفي بعبدا، أي 3 آلاف دولار، و500 مليون لموظفي المتن، أي حوالى 5 آلاف دولار أميركي.

لم يفهم وكلاء الموقوفين هذا الفارق في قيمة كفالات إخلاءات السبيل. لكن القرارات الغريبة لم تنته هنا. فعلى سبيل المثال، وحسب مصادر متابعة، فإن الموظفة م. ح، التي تعمل في أمانة سجل عاليه، ونُقلت في إطار تشكيلات إدارية إلى أمانة سجل بعبدا قبل توقيفها بأيام لا تزيد عن عشرة، تم تحديد كفالة إخلاء سبيلها بملبغ 320 مليوناً، 20 منها لأنها موظفة في سجل عاليه، و300 لأنها عملت في بعبدا، فكانت النتيجة أن عدد أيام عمل في بعبدا لا تزيد عن عدد أصابع اليدين، جعلها متساوية مع موظفين عملوا لسنوات في بعبدا.

كذلك تُشير المصادر عبر "المدن"، إلى أن الموظف ع. س، الذي يعمل في أمانة سجل الشوف، ونُقل مع الموظفة التي تحدثنا عنها أعلاه إلى بعبدا في الوقت نفسه، حُددت كفالته بـ 350 مليوناً أيضاً.

هل يعود الموظفون إلى العمل!
حسب قرار إخلاء سبيل، لا يزال أمام الموظفين الموقوفين حوالى الشهر ونيف قبل العودة إلى العمل. لكن، حسب المصادر المتابعة، فإن المسألة قد تطول أكثر، لأن بعض الموظفين غير راغبين بالعودة بأي شكل من الأشكال، ويتحدثون عن نيتهم الخروج من الوظيفة بسبب "البهدلة" التي عاشوها، وبعض الموظفين متورطون ويُفترض أن يجرمهم القضاء ويمنع عودتهم.. إلا إذا لُفلف الموضوع على غرار باقي الملفات في لبنان.

تُشير المصادر إلى أن السلطة راغبة أن يتم إنهاء الملف بأقصى سرعة لإعادة العمل بالعقارية، بعد الشلل الذي أصابها، لأن تعطلها وتعطّل "النافعة" أيضاً خسّرا الخزينة آلاف المليارات. وهناك من يضغط سياسياً باتجاه إما إقفال الملف وإما فتحه في "مناطق" أخرى، كالجنوب والشمال. فهل تكون هذه الحاجة حجّة لإنهاء ملف العقارية عبر تجريم بعض الموظفين وصغار معقبي المعاملات، و"يا دار ما دخلك شر"؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها