الخميس 2023/03/16

آخر تحديث: 14:27 (بيروت)

هنادي برّي لأساتذة المهني: بيعوا أملاككم واذهبوا إلى المدارس

الخميس 2023/03/16
هنادي برّي لأساتذة المهني: بيعوا أملاككم واذهبوا إلى المدارس
بدت بري أمامهم كما لو أنها تعيش في كوكب آخر ولا تعلم أن المصارف سرقت المدخرات (المدن)
increase حجم الخط decrease
لا يشذ التعليم المهني الرسمي عن قطاعات التعليم الأخرى، بما يتعلق بالأزمة الحالية التي تعصف بالقطاع العام. فبخلاف أساتذة المدارس والثانويات، لم يحصل غالبية أساتذة التعليم المهني على حوافز بدل الإنتاجية التي أقرتها وزارة التربية. حتى أن الحوافز وصلت لبعض المتعاقدين وبمبالغ ضحلة أقل بكثير من المئة دولار الموعودة. لكن وبمعزل عن أن آلية دفع الحوافز أشعلت غضب الأساتذة، عوضاً عن تهدئتهم كما توقعت روابط التعليم ووزارة التربية، يصر غالبية أساتذة التعليم المهني على مقاطعة العام الدراسي. وقد نفذوا اعتصاماً حاشداً صباح اليوم الأربعاء في 16 آذار، أمام مجمع بئر حسن المهني، واتهموا فيه السلطة بأنها تتآمر على التعليم الرسمي وأنها تضلل الرأي العام بادعائها أنها حققت مطالب الأساتذة.

دبروا أنفسكم بأنفسكم
ويقول الأساتذة لـ"المدن" إنهم أسوة بأساتذة الثانوي والتعليم الأساسي، يتحركون بمعزل عن رابطتهم التي قررت فك الإضراب عنوة. وقد شكلوا مجموعات ضغط وشلوا القطاع بكامله، مطلبين بدولرة قسم من راتبهم، كي يتمكنوا من تأمين عيش كريم، أو تخصيص منصة صيرفة خاصة بهم، تحافظ على القدرة الشرائية لما تبقى من رواتبهم حيال ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء. وهم بخلاف أساتذة التعليم الرسمي الأكاديمي أقل عدداً (نحو 1500 أستاذ)، ما يمكنهم من التوحد حول مطالبهم للضغط من أجل تحقيقها. وقد نجحوا في شل كل المهنيات.
ويشير هؤلاء الأساتذة إلى أن الدولة لا تهتم تاريخياً بهذا القطاع، وحتى المسؤولين المعنيين به يتجاهلون مطالبهم. وقد استشفوا من خلال مفاوضاتهم مع المديرة العامة للتعليم المهني هنادي برّي عدم مبالاتها. ووفق مصادرهم، عندما سألوها كيف لهم أن يعيشوا بمبلغ لا يتجاوز 220 دولاراً بالشهر، كان رد برّي أن كل إنسان في هذا البلد دبر نفسه بنفسه. وبإمكان الأساتذة تمرير الوقت المتبقي من العام الدراسي باستخدام مدخرات السنوات السابقة، أو بيع بعض الممتلكات. وبالتالي، بدت برّي أمامهم كما لو أنها تعيش في كوكب آخر، ولا تعلم أن من أدخر قبل الأزمة سُرقت أمواله في المصارف، أو أنفقها في السنة الأولى للأزمة، وربما استدان فوقها.

مصائب وزير التربية
ويشير الأساتذة إلى أن وزير التربية عباس الحلبي يضغط من أجل استكمال العام الدراسي، كما لو الأخير انطلق أصلاً. فالحقيقة أن العام الدراسي انتظم على الورق وفي التقارير التي ترسل إلى الوزارة. غير ذلك، لم يتعلم طلاب المهني أكثر من عشرين يوماً متقطعة منذ بداية العام الدراسي. وهناك العديد من الأساتذة لم يتعرفوا على طلابهم بعد. وآخرون لم يدرّسوا الطلاب حتى المقدمات النظرية للمواد. وما تبقى من أيام وساعات لإنهاء العام الدراسي لا يعني أن الطلاب لم يخسروا هذا العام، وبحاجة لإعادة سنتهم من جديد.
ويشرح الأساتذة أنه من أصل نحو 120 يوماً تعليمياً، بعد تخفيض عدد أيام التدريس والمناهج، لم يتعلم الطلاب إلا نحو عشرين يوماً في الفصل الأول. وحالياً لم ينتظم التعليم إلا في بعض المواد لبعض الاختصاصات.. لأن قلة قليلة من الأساتذة التزمت بقرار رابطتهم. ويقول الأساتذة: "في حال كان وزير التربية عباس الحلبي يعلم هذه الحقائق كما هي فمصيبة، وفي حال كان مغشوشاً بالتقارير التي ترفع إليه فالمصيبة أكبر، لأنه لم يتحرك لمعاقبة المسؤولين".

الحوافز والاستشفاء
وتعليقاً على حوافز وزارة التربية يسألون: هل يعقل أن تؤمن لهم الوزارة بدل نقل كي يذهبوا إلى التعليم وبلا أي مقومات؟ هل يمكن الأستاذ العيش بنحو مئتي دولار بالشهر؟ ومن أين يدفعون الطبابة في وقت باتت فحصية الطبيب لا تقل عن خمسين دولاراً؟ وكيف يدفع زملاؤهم الكبار بالسن ثمن أدوية الأمراض المزمنة، التي باتت كلفتها أكثر من 15 مليون ليرة بالشهر؟
ويروي هؤلاء الأساتذة معاناة بعض زملائهم بالمستشفيات. فإحدى زميلاتهم اضطرت إلى إدخال ابنتها إلى المستشفى، التي طلبت منها ثمن فحوص دم وصورة شعاعية 14 مليون ليرة، تم تخفيضها إلى 11 مليوناً، بعد وساطات شخصية وحزبية. ويسألون وزير التربية إذا كانت حوافز المئة دولار، التي لم تصلهم أو وصلت منخفضة جداً عن المبلغ الموعود، تكفي لتأمين تكلفة بسيطة للاستشفاء أو الدواء.
البعض يتهم أساتذة المهني بأن طبيعة وظيفتهم في التعليم المنهي تمكنهم من إيجاد فرص عمل أكثر من غيرهم، وأنهم يعملون في مؤسسات وبدوامات جزئية أو كاملة، ولا مصلحة لهم للعودة إلى التعليم، ويفضلون الاستمرار بالإضراب. لكن لسان حالهم أنهم موظفون عند الدولة المسؤولة عنهم. وعندما تخلت الدولة عنهم اضطروا للعمل كي يعيلوا أنفسهم. وعندما تمنحهم الدولة حقوقهم ولا يعودون للتعليم، عندها تستطيع معاقبتهم. غير ذلك يرفضون العمل بالسخرة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها