الأحد 2023/03/12

آخر تحديث: 12:34 (بيروت)

اليوم الوطني للمحميات اللبنانية: كي نبقى نتنفس

الأحد 2023/03/12
اليوم الوطني للمحميات اللبنانية: كي نبقى نتنفس
تتعرض بعض الغابات لجريمة بيئية (المدن)
increase حجم الخط decrease

في الوقت الذي يجتاح التمدد العمراني أنحاء لبنان، بات المواطن يبحث عن بقعة خضراء تكون غذاءً للروح وصحة للجسم. وبات التلوث البيئي ومظاهر التصحر يطغيان على البلاد.

معلومة قد يجهلها الكثيرون، يوم العاشر من آذار كان هو اليوم الوطني للمحميات الطبيعية في لبنان. فعدا عن أنها تضفي لمسة جماليّة على الأراضي اللبنانيّة، فهي أيضاً عامل حاسم في المناخ وفي صيانة البيئة والحد من تدهورها، وفي الحفاظ على الثروة الطبيعية والحياة البرية. كما أنها أساسية في تعزيز صحة الجهاز التنفسّي وصون جودة الهواء. ومع كل هذه الأهمية، بعضها لا ينجو من المخاطر التي تهدّد وجودها.

العدد الرسمي
"المحميات هي نماذج عن النظم الإيكولوجية التي تسعى إليه الجهات المعنية لحمايتها كالأرز والسنديان والصنوبر وغيرها من الأشجار"، وفقاً لشرح مدير محمية أرز الشوف، نزار هاني، في حديثه لـ"المدن"، الذي أعلمنا أن عدد المحميات الرسمية في لبنان حالياً وصل إلى 18، وسيستمر هذا العدد في الارتفاع خلال السنوات المقبلة. وأن أكثر من 10 محميات تتمتع بحراسة مشددة من قبل اللجان التي تُشرف على حمايتها والحفاظ عليها، فيما تتعرض الجوانب البقاعية من محمية أرز الشوف، أي القريبة من منطقة قب الياس إلى القطع الجائر من قبل أشخاص يعتلون الحمير ويقومون بقطع الأشجار لتأمين الحطب للتدفئة أو لبيعه.

ولا يخفي هاني أن القطع الجائر ليس المشكلة الوحيدة التي قد تهدد المحميات، فمشاكل أخرى تواجهها، ومنها التمدد العمراني الفوضوي والتغيرات المناخية التي ترفع من خطر اندلاع الحرائق. وهذا ما دفع بهم لتكثيف حملات التوعية للتخفيف من هذه التعديات تحت شعار "محمياتُنا حياتُنا" فالمحميات تؤثر على نظافة الهواء والمياه المرتبطان بشكل مباشر بصحة الإنسان.

محميات غير محميّة
أما مديرة جمعية التحريش في لبنان، مايا نعمة، فأشارت لـ"المدن" أن هناك عدداً من المحميات "غير محمية"، فلا وجود لفرق حراسة مثل محميتيّ بيت ليف ورامية في الجنوب، وأن الجمعية تعمل جاهدةً بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني لتأمين التمويل اللازم لحمايتها. أما إذا استمر الحال دون ذلك، فإنها ستستمر للتعرض إلى التعديات المباشرة كالقطع غير المسؤول للأشجار، والحرائق المفتعلة. وتضيف "على سبيل المثال في منطقة عكار تتعرض بعض الغابات لجريمة بيئية متمثلة بقطع شجر اللزيب المعمّر، وانطلاقاً من خطورة هذه الأفعال تعمل الجمعية حالياً على المشاركة في حملات التشجير من أجل تعويض الخسائر، وكان آخرها حملة "زراعة المليون شجرة في مختلف المناطق اللبنانية بالتعاون مع وزارة البيئة"، إضافة إلى حملات التوعية حول إطفاء الحرائق وتنظيف أطراف الأحراش للحد منها.

محميات جديدة
من جهته أشار وزير البيئة، ناصر ياسين لـ"المدن" أن المحميات الطبيعية في لبنان تشكل حوالى 2% من مساحة لبنان، وإذا أضفنا إليها المواقع الطبيعية وحرمها تصبح حوالى 17% وترتفع إلى ما يقارب 22% عند إضافة الغابات المحمية والحمى.

هذا، وقد أعلن ياسين لـ"المدن" عن وجود ثلاثة محميات بحرية في مراحل متقدمة من إعلانها رسمياً وهي: محمية أنفه البحرية، محمية جبيل البحرية، ومحمية رأس الشقعة البحرية. ويعمل على إنشاء أربع محميات حرجية في رأس المتن، وراشيا الفخار، وعكار العتيقة، ووادي زبقين، بعد أن تقدمت البلديات والجهات المعنية بطلباتها وملفاتها إلى الوزارة بهذا الخصوص. كما أن هناك مساعٍ للإعلان عن سبع محميات جديدة، وهي في طور المناقشة.

وحول أهمية المحميات الطبيعية شرح ياسين "إن وجودها يُعد أساسياً لحماية الثروة الحرجية أو الثروة البحرية أو المياه العذبة والتنوع البيولوجي المتواجد في مختلف هذه الأنظمة الإيكولوجية، ولاسيما الكائنات النباتية والحيوانية النادرة والمهدّدة بالانقراض، أو المحصور تواجدها في لبنان. فهي تلعب دوراً أساسياً في منع فقدان واندثار هذه الكائنات".

وذكر بعض العراقيل التي تواجه الوزارة، ففي منطقة الضنية رفض الأهالي إنشاء محميات طبيعية، خوفاً من عدم القدرة على الاستفادة منها، والتشدد في شروط استخدامها.

حريق مفتعل؟
في السياق نفسه، أفاد نائب رئيس الحركة البيئية، الدكتور فادي الشاعر، لـ"المدن"، أن المناطق الشمالية المتمثلة بعكار والضنية تتعرض للكثير من المشاكل البيئية كقطع الأشجار بشكل عشوائي، وأن الحرائق تزداد بفعل انحلال البلديات وعدم قدرتها المادية على تأمين الحماية الكاملة للأحراش أو الغابات، كما أن محمية أرز تنورين المعروفة بأكبر محمية تضم شجر الأرز المعمر لم تنجُ من الحرائق، حين تعرضت منذ حوالى أربعة أشهر لحريق عولج سريعاً بعد أن قامت مجموعة بإطلاق الرصاص الحارق باتجاهها، ما أدى إلى احتراق عدد من الأشجار في أطراف المحمية.

وأخيراً، يجب أن يعي المواطن أن الغابات هي رئة الأرض، وأنه مخطئ تماماً في تصوره أن الجرائم البيئية التي تتعرض لها لن تعود عليه بالضرر. فالمسؤولية الكبرى في حمايتها تقع على عاتقه قبل السلطة، ولا يجدر بالأخيرة إهمال أي بقعة خضراء على حساب المحميات الكبرى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها