الإثنين 2023/02/13

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

"بولت" وأوبر" بلا ضرائب ولا قانون: جحيم السائق العمومي

الإثنين 2023/02/13
"بولت" وأوبر" بلا ضرائب ولا قانون: جحيم السائق العمومي
لا مكاتب لشركات النقل التي تستخدم التطبيقات الذكية في لبنان ولها قوانينها الخاصة (Getty)
increase حجم الخط decrease
يشتكي أبو أحمد من وضع البلد، فالرجل الذي تخطى الستين لم يعش هذا الوضع السيء طيلة حياته "حتى إبان الحرب الأهلية"، كما يقول لـ"المدن". فعمله كسائق عمومي لم يعد يكفيه أو يكفي عائلته، فإلى جانب أسعار المحروقات التي تخطت المليون ليرة للصفيحة، وصعوبة إيجاد زبائن تتحمل كلفة السرفيس التي وصلت إلى مئة ألف ليرة، هناك مشكلة جديدة يعاني منها السائقون العموميون، عنوانها "التطبيقات الذكية".

حسب أبو أحمد، فإن شركتا "بولت" و"أوبر" زادتا وضعه صعوبة، إذ أن الزبائن تستسهل طلب الخدمة عبر الهواتف، بدل الإنتظار في الشارع. يقول: "يحصل معي دائماً أن أقف لشخص ينتظر على الطريق، فيقول لي شكراً ناطر "أوبر". أنا رجل عمري 65 سنة لا أفهم بالتكنولوجيا، فكيف أستمر بعدد زبائن يتراجع يوما عن يوم؟".

عن "أوبر" و"بولت"
في العام 2014 أُطلقت خدمة "أوبر" في لبنان. هي شركة أميركية الأصل متخصصة بتقديم خدمات التوصيل من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، وهي صلة الوصل بين الركاب وسائقي سيارات الأجرة،. تعمل الشركة حالياً في أكثر من 140 مدينة حول العالم. ويمكن من خلالها رصد وتتبع مكان السيارة بشكل آني على الخريطة والدفع بسهولة نقداً أو بواسطة بطاقة الائتمان.

في العام 2020 برزت منصة نقل جديدة عند الطلب تُدعى "بولت" ويبلغ عدد مستخدميها نحو 30 مليوناً في أكثر من 35 بلداً حول العالم، خصوصاً في أوروبا وأفريقيا. وخدماتها مشابهة لخدمات شركة "أوبر" لكنها تختلف عنها ببعض الأمور القانونية الداخلية.

تتمتع الشركتان بسهولة الاستخدام، وما على الركاب إلا تنزيل التطبيق المجاني من متجر Apple Store أو Google Play ومن ثم إعداد ملف تعريف المستخدم. وتقوم الشركتان على مبدأ تقديم أدنى العمولات للسائقين وأقل الأسعار للركاب بنسبة تصل إلى 20 المئة.

الفوضى في قطاع النقل
حسين عبدو، واحد من السائقين العموميين الذي لجأ للعمل مع الشركتين لزيادة أرباحه بعد محاولات كثيرة فاشلة منه ومن العاملين معه لإقفال الشركتين لأنها أثرت كثيراً على أعمالهم.

يقول عبدو لـ"المدن": "العمل كسرفيس حر، مدخوله أفضل، لكنني اشتركت للعمل معهم لأن الزبون لم يعد يرغب بخدمة السرفيسات، بل يلجأ للشركتين، وخاصة السواح الذين نعتمد عليهم في عملنا أكثر من أبناء البلد، علماً أن شركة "أوبر" تحصل على 25 بالمئة من المبلغ المدفوع، تُرسل عبر MoneyGram، بينما "بولت" قالت أنها ستحصل على 15 بالمئة لكنها لم تبدأ بطلب المال بعد".

يبدو حسين عبدو اليوم غاضباً جداً من "بولت"، ويقول إن الفوضى عارمة فيه، إذ يمكن لأي سائق، سواء كان يملك "نمرة" حمراء أم بيضاء الإنتساب للعمل فيها، بلا أي حسيب أو رقيب بالرغم من أنها خطوة غير قانونية.

عدا عن أن بعض السائقين لا يحق لهم قانوناً نقل الركاب في لبنان، ولا يملكون حتى رخصة سوق دولية أو عمومية. كما أن تسعيرة هاتين الشركتين غير مربحة للسائق حسب حسين الذي يقول: "صفيحة البنزين بمليون و200 ألف ليرة والشركة تضع تسعيرة من بيروت إلى جبيل مثلاً بـ 400 ألف، "كيف بدها توفّي؟".

حاول العاملون في الشركات التواصل مع المسؤولين عنها، علماً أن لا مراكز لهم في لبنان، فلم يجدوا آذاناً صاغية، فأصبح العبء على السائق. يتفاوض مع الزبون على تسعيرة مختلفة عن تلك المحددة  في التطبيق. أما عن الفرق بين الشركتين، فيقول حسين "شركة أوبر منظمة وآمنة أكثر، إذ أنها لا تسمح لغير القانوني بالانتساب لها، إضافة إلى أنها مواظبة دائماً على الكشف على أوراق التأمين والسجل العدلي، وتراقب السائق يومياً وتأخذ صورة لوجهه كل يوم صباحاً.. أما شركة "بولت" فلا تراقب ولا تهتم بتلك التفاصيل، وبالتالي، ليست آمنة على الزبائن. علماً أن النقل لا يقتصر على السيارات، فهناك الدراجات النارية أيضاً.

حقوق مهدورة
تراكمت الأعباء على السائقين العموميين من الأزمة المالية، وأزمة الدولار ورفع الدعم عن البنزين، فحُمّل السائقون العموميون حملاً ثقيلاً. يضاف إلى ذلك، تكلفة صيانة السيارات وأسعار "قطع الغيار"، وارتفاع أسعار التأمين بالدولار الفريش، مما أدى إلى رفع التعرفة وهو ما اثّر سلباً على حجم العمل.

وتشكّل التسعيرات هاجساً مشتركاً لدى السائقين. إذ لا يوجد تسعيرة موحدة عادلة.

في هذا السياق، يُفيد رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس لـ"المدن" أن "واقع السائق العمومي سيء جداً بسبب التعديات المخالفة لقوانين النقل العام، وعدم تحديد تعرفة وفقاً للأصول، مما يسبب فوضى في الأسعار ومضاربة غير شرعية لأسعار النقل، كما تسبب خلافات لفظية وفي بعض الأحيان عراكاً بين السائق والراكب. كذلك على الصعيد الصحي، عدم الاعتراف بالضمان الصحي من قبل المستشفيات رغم التزام السائقين بدفع المستحقات".

أما بالنسبة لقانونية شركة أوبر وشركة بولت فيقول: "الشركتان غير موجودتين في سجلات الحكومة اللبنانية ووزارة النقل، وليس لديهما مكاتب تمثيلية في لبنان، وبالتالي لا تدفعا أي مستحقات أو ضرائب للدولة اللبنانية، كما أنهما لا تعملان بقوانين النقل اللبنانية. لديهما قانونهما الخاص وتعملان بموجبه، خلافاً لأي نص قانوني لبناني".

حسب طليس، فإن مخالفات الشركتين ضربت بعرض الحائط كل قوانين النقل العام في لبنان، والاتحاد على علم أنها تشغّل سيارات غير عمومية أي لوحات بيضاء، وسائقين غير لبنانيين، أي لا يحملون إجازة سوق عمومية ولا يحق لهم نقل الركاب. ومن مخالفاتهما أيضاً استخدام الدراجات النارية غير المرخصة، والتي لا تملك تأميناً يحمي حقوق الركاب بحال تعرضهم لأي ضرر، وكل ذلك خلافاً لقانون السير.

ما يحمي هذه الشركات، حسب طليس، أنها تعمل من الخارج "فتعذر علينا الضغط عليها للعمل حسب قوانين النقل في لبنان، خصوصاً أن لا وجود لمكتب لها في لبنان، وبالتالي ما زالت تعمل حسب قانونها الخاص"، معتبراً أن "الحل لهذه الشركات هو اصدار تعرفة رسمية وفق الأصول للحد من المضاربات، وعلى جميع السائقين والمكاتب الالتزام بها، وعلى الأجهزة المولجة تطبيق القانون من خلال معاقبة المخالفين على الدراجات النارية والنمر البيضاء، عبر معرفة أسمائهم وأرقام هواتفهم من التطبيق. وأخيراً، لوقف الضرر اللاحق بكل سائق عمومي لا يعمل مع هذه الشركات".

ليس عدلاً أن تعمل هذه الشركات بالسوق اللبناني من دون دفع الضرائب واحترام القوانين، لأن في ذلك ظلم للسائق الملتزم بدفع واجباته، والذي دفع ثمن اللوحة العمومية (النمرة)، ولا يستطيع أن يُجاري تسعيرة هؤلاء.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها