من أمام نصب الشهداء وسط العاصمة بيروت، تجمع العشرات من الصحافيين والإعلاميين والمصورين وبعض الرسميين، صباح اليوم الخميس 9 تشرين الثاني الجاري، في وقفةٍ رمزيّة، تداعت إليها نقابات الصحافة اللّبنانيّة ومحرري الصحافة اللّبنانيّة والمصورين الصحافيين، منذ اليومين. وذلك ضمن النشاطات الدوريّة التّي عزمت هذه النقابات على تنفيذها، استنكارًا للمقتلة الدمويّة الحاصلة في غزّة، وتضامنًا مع ضحايا الاعتداءات الإسرائيليّة، ناهيك بالمجزرة الإنسانيّة التّي طالت الجسم الصحافي في القطاع المشتعل ومناطق الاشتباكات، والذي ارتفع عداد ضحاياها ليصير حتّى لحظة كتابة هذه التّقرير ما يُناهز 42 صحافيًّا فلسطينيًا، ومعهم الصحافي والمصور اللّبنانيّ عصام العبدالله، الذي استهدفته قوات الاحتلال الإسرائيليّ بتاريخ 13 تشرين الأول، وأردتّه قتيلًا أثناء ممارسة عمله الصحافيّ، على الحدود اللّبنانيّة الجنوبيّة، فيما جُرح ستة صحافيين كانوا معه.
وقفة تضامنيّة
وأمام خلفيةٍ عُلق عليها صور ضحايا الغارات الجويّة الإسرائيليّة من الأطفال في غزّة، وصور الفتيات الثلاث ريماس وتالين وألين محمود شور، اللواتي تعرضن ووالدتهن وجدتهن، وأيضاً خال والدتهن سمير أيوب، لقصف صاروخي في سيارتين مدنيتين في بلدة عيناثا القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة، نهار الأحد الفائت، فضلًا عن صور عدد من الضحايا الصحافيين، الذين قُتلوا في الحرب على غزّة. تلى كل من نقيب الصحافة اللّبنانيّة عوني الكعكي ونقيب المحررين جوزيف القصيفي وممثل نقيب المصورين كريم الحاج، بيانات الشجب والاستنكار، رافعين الصوت ومطالبين الهيئات الأمميّة والمجتمع الدوليّ بالوقف الفوريّ للانتهاكات الصارخة بحقّ الصحافيين، ومعاقبة الجناة.
ولم تخلُ الوقفة التّي دُعي إليها تحت شعار "انتصارًا لدم صحافيي وأطفال لبنان وفلسطين"، من اللحظات التّي استذكر فيها المتحدثون ضحايا الاعتداءات الإسرائيليّة من الصحافيين على مرّ السّنوات، معتبرين أن هذه المهنة، هي رسالة ولا يحقّ لأي جهةٍ كانت التّفريط بها أو استهدافها. معتبرين أن مجزرة قتل الفتيات الثلاث وجدتهن وجرح والدتهن، هي نموذج عن التّخاذل الدوليّ في تحييد لبنان عن رقعة الحرب المتوسعة تدريجيًّا، وتخلف الجانب الإسرائيليّ المُعتدي عن كل الاتفاقيات والمعاهدات الدوليّة، التّي حيّدت مدنيي لبنان عن الاستهداف المباشر في حال الحرب.
هذا فيما حضر عشرات الصحافيين، والمصورين من حملة الكاميرات، في مشهدٍ رمزيّ التزموا فيه بالتّعبير عن تضامنهم مع ناقلي الأخبار والصور في غزّة، وتأكيدًا على أن دور الصورة والكلمة وغايتها، أقوى من أي عنفٍ يطالها.
النقابات الصحافيّة
من جهته أكدّ نقيب المصورين، علي علوش، لـ"المدن" والذي لم يتمكن من الحضور بسبب تغطيته الصحافيّة في الجنوب، وقام بتمثيله نائب النقيب، كريم الحاج، أن "نقابة المصورين مُلتزمة تمام الالتزام، بالمشاركة الرمزيّة بمختلف نشاطات النقابات الصحافيّة، ووقفة اليوم كانت صرخة بوجه كل من يعتدي على الجسم الإعلاميّ من غير حقّ". مستطردًا بالقول: "نساند كل التّجمعات الصحافيّة التّي تهدف بالمرتبة الأولى تعزيز وتمكين الهدف النقابيّ، ونحن ندرك أننا في وضعٍ يستلزم تكاتفًا وتضامنًا عامًا، وغياتنا الأساس هو حماية ورفع صوت أعضاء نقابتنا وسائر العاملين بالصحافة اللّبنانيّة، في وقتٍ قد نكون فيه على مفترق طرق، وكي لا يتكرّر السّيناريو الذي نشهده الآن في قطاع غزّة".
وتابع علوش:" نأمل من هذه التّحركات والنشاطات الميدانيّة وغيرها، تكريس فكرة أساسيّة، مفادها العمل الجماعي الهادف لصون وحماية وتعزيز دور الصحافة، والحؤول دون الانتهاكات الجسيمة التّي تطال الصحافيين، وملتزمون بعملنا هذا كنقابة، وكأفراد، كما نلتزم بتغطيتنا المهنيّة للحدود الجنوبيّة، ومصرّون أن الاعتداء الذي طال الشهيد عصام العبد الله، لن يمرّ مرور الكرام، بل إننا سنسعى ونبذل المزيد من الجهود، انتصارًا لدّم العبدالله وللعدالة". خاتمًا: "الذي يحصل الآن في غزّة، عصيٌّ على الوصف، ونحن متضامنون مع الضحايا، كل الضحايا، وعازمون على إعلاء صوت من لا صوت لهم، وتوثيق كل الجرائم المرتكبة بحقّ الفلسطينيين وأهلنا في الجنوب".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها