الأحد 2023/01/29

آخر تحديث: 11:28 (بيروت)

انتخابات اتحاد العائلات البيروتية: مجتمع العاصمة بعد "الحريرية"

الأحد 2023/01/29
انتخابات اتحاد العائلات البيروتية: مجتمع العاصمة بعد "الحريرية"
94 عائلة بيروتية منضوية في الاتحاد الذي أسسه رفيق الحريري قبل 25 عاماً (Getty)
increase حجم الخط decrease

يوم تبنّى اتحاد جمعيات العائلات البيروتية لائحة "بيروت تواجه" في الانتخابات النيابية، لم يخطر في بال رئيسه محمد عفيف يموت أن الاتحاد "سيواجه" جمعيات العائلات المنضوية تحت جناحه، وأن الماكينة الانتخابية للائحة الرئيس فؤاد السنيورة في مكاتب الاتحاد آنذاك، كانت ترسم مصير معركة انتخابية للاتحاد نفسه في الرابع والعشرين من شباط المقبل.

فرفض العائلات "مصادرة السنيورة للاتحاد"، تضاف إليه شبهات فساد مالي متعلقة بالماكينة الانتخابية التي نظمها الاتحاد برئاسة يموت. لكنّ الضربة الأقوى للهيئة الإدارية الحالية، جاءت بتجمع 40 عائلة من أصل 94 في الاتحاد تحت ما يسمى بـ"الحركة الإصلاحية"، رفضاً "للوصايتين الخارجية والداخلية عليه"، وفق ما يقول وليد كبي، أحد أبرز الناشطين في الحركة، لـ"المدن".

تأتي كل هذه التطورات بعد 25 عاماً من تأسيس الشهيد رفيق الحريري للاتحاد، الذي قال عنه يوماً "هذا حزبي"، وأكثر من عام على خسارة الحريري الابن، سعد الحريري، لهذه "التركة"، تزامناً مع تحرر العائلات البيروتية من عقدة احتكار تمثيل الساحة البيروتية، وهو ما تجلى بنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة...

التنافس يفرض معركة جدية
عوامل عدة أدّت لقيامة انتفاضة عدد من العائلات في الاتحاد اليوم، أهمها، تغير المزاج البيروتي السياسي، والعودة لفكرة "العائلات" كمرجعية سياسية في ظل غياب مرجعية سياسية واحدة، وهو خطاب، لا يلقى له صدى كبيراً لدى الفئات الشبابية الأكثر انفتاحاً على كيانات عابرة للطوائف.

85 عائلة سددت اشتراكاتها من أصل 94 عائلة منضوية في الاتحاد، لانتخاب 18 عضواً، من ضمنهم رئاسة الاتحاد، وفق نظام أكثري.

وعملياً، يتنافس تياران أساسيان في الاتحاد اليوم: الحركة الإصلاحية ومن ضمنها: رئيس الاتحاد السابق فوزي زيدان، آل كبي، كشلي، الصفح، وغيرهم من العائلات متعددة الانتماءات السياسية، مقابل لائحة يعمل عليها الرئيس يموت ورؤساء الاتحاد السابقين، محمد خالد سنو ومحمد أمين عيتاني (عضوان حاليان في الهيئة الادارية) ورياض الحلبي، وفق ما يكشف رئيس الاتحاد محمد يموت لـ"المدن".

3 عقبات بوجه يموت
ويواجه رئيس الاتحاد الحالي محمد عفيف يموت اليوم 3 عقبات أساسية تحول دون عودته للترشح لدورة ثالثة، وهي:

- طعن قرابة 50 شخصاً من آل يموت برئاسته لجمعية آل يموت، حيث يتهمه أحد مقدمي الطعن عبر المدن "بالوصول لرئاسة الاتحاد على ضهرنا".

- طرح 10 أعضاء من الهيئة الادارية التي يرأسها الثقة به منذ أشهر، نتيجة "شبهات تجاوزات مالية في ملف الانتخابات النيابية".

- بروز الحركة الإصلاحية، وأحد أهم أهدافها، رفض "الوصاية الداخلية" لأشخاص "ذوي نفوذ في الاتحاد" على حساب بيروت وأهلها.

يموت: لستُ مرشحاً ولكن!
من جهته، يرفض يموت في حديث لـ"المدن"، التعليق على طعن عدد من آل يموت بانتخابات العائلة الأخيرة "تاركاً القرار النهائي للقضاء".

وبالعودة إلى الاتحاد، يلفت إلى أن "صندوق الحملة الانتخابية منفصل عن ميزانية الاتحاد، وقد وصل كشف حساب عنه للجهة التي أعطتنا المبلغ، وهناك أموال أعيدت إليها كذلك".

بدورها، ترفض مصادر في الهيئة الادارية "استئثار يموت بالصندوق الخاص وحجب تدقيقه المالي عنا، فالأموال رصدت للاتحاد وليس لشخصه"، لافتة إلى أنه "يعترف بتلقيه 350 ألف دولار لإدارة الحملة، ومعلوماتنا تقول أن الرقم هو 390 ألفا".

يموت الذي يتهمه خصومه بإقناع سعد الحريري بالتجديد له في الدورة الماضية، يرد مشدداً على أنه "لم أفرض نفسي على الاتحاد أو تم تعييني بل انتخبت، فيما تزكيتي من قبل سعد الحريري هي أمر يشرفني"، معتبراً أنّ "المصداقية والشفافية والتقديمات التي قدمها الاتحاد لأهالي بيروت خلال فترة ولايتي الأولى، هي التي أتت بي مرتين لرئاسة الاتحاد".

وعن الانتخابات يكشف لـ"المدن" أنه "نحن الرؤساء الأربعة للاتحاد، أخذنا المبادرة في ظل غياب مرجعية سياسية بيروتية، بالعمل على تشكيل لائحة توافقية جامعة، فنحن الأربعة كان لنا فضل كبير بتعمير الاتحاد حجراً حجراً، ودفعنا من جيوبنا لاستمراريته، وعلينا اليوم المحافظة عليه، وشخصياً لست مرشحاً، وما يهمنا هو وحدة الصف".

ويرفض يموت اتهامه والرؤساء عيتاني وسنو بـ"الوصاية" على الاتحاد، "فنحن سعاة خير وتقريب وجهات النظر، ومنفتحون على الجميع بدلالة وجود العنصر الشبابي في الهيئة الإدارية، أما سعينا لإعادة ترشيح بعض الأشخاص في الهيئة الإدارية المقبلة، فهو انطلاقاً من خبرتهم بالمشاريع الحالية التي يعمل عليها الاتحاد"، واعداً بانتخابات ديموقراطية تنافسية تسودها روح رياضية، مذكّراً بأن الاتحاد هو تجمع عائلات وليس حزباً، وهدفنا الوفاء لنهج رفيق الحريري سياسياً.

ميثاق شرف بيروتي
وأعلنت الحركة الإصلاحية بدورها "ميثاق شرف بيروتي"، وتوسعت الحركة الاعتراضية لتطال 40 عائلة ضمن الاتحاد "رفضاً لأي وصاية من أي جهة عملت بالاتحاد أو لم تعمل، لما فيه مصلحة الجميع"، و"ليبقى الاتحاد مستقل القرار، خارج الاصطفافات أو التبعية السياسية أو الحزبية أو الفئوية".

يقول رئيس جمعية آل حاسبيني، عماد حاسبيني، لـ"المدن": "لم يعد بإمكاننا الاعتماد على قيادات تأتي لتنقذنا، و"ما حكّ جلدك مثل ظفرك". أما نظام الهيمنة فانتهى بدليل فشل محاولة الوزير السابق محمد شقير التأثير على مجريات الاستحقاق الحالي".

لا ينكر حاسبيني أنّ "التفرقة بين عائلات الاتحاد عبر مهزلة تحول الاتحاد لماكينة انتخابية، كانت سبباً في حركتنا الإصلاحية، لكن المحرك الأساسي يبقى وضعنا المأساوي كلبنانيين وبيارتة. أما التغيير الحقيقي، فهو حين نكون كعائلات يداً واحدة فنفرض أنفسنا على نواب مدينتنا كقوة، ليحصّلوا لنا حقوقنا".

وعلى مستوى الترشح، يشدد على وصول مرشحين ذوي كفاءات، أما على مستوى دور الاتحاد الاجتماعي، فيركز على خلق جيل بيروتي متعلم بالكامل، فشهادته تحصنه وتغنيه عن المساعدات مستقبلاً.

ويلفت إلى أن "اختلافنا هو مع أشخاص داخل الهيئة الإدارية وليس مع عائلاتهم، أما خيارنا باللائحة التوافقية فيكون في حالة عدم وضع شروط علينا، وإلا فنحن سائرون بلائحة تنافسية، ومرتاحون كثيراً على وضعنا".

لوبي سياسي سنّي ضاغط
المهندس وليد كبي، عضو هيئة إدارية سابق في الاتحاد، وشاهد على تأسيسه، يشدد على دور الاتحاد السياسي "فيوم تأسيسه كنا نواجه الوصاية السورية، واليوم نواجه تهميش بيروت وإقصائها، ما يحتم علينا استعادة دور الاتحاد، كلوبي سني سياسي ضاغط في السياسة"، سياسته الوحيدة هي اتباع "خط بيروتي واضح لمصلحة بيروت ولم شمل عائلاتها".

"من المعيب استباحة كرامات الناس"، يقول كبي في معرض رده على الاتهامات الموجهة للحركة الإصلاحية بأنها مدعومة من نبيل بدر وفؤاد مخزومي أو أحمد هاشمية، معتبراً أن "هذه التهم تهدف لخلق عدو وهمي للعائلات، لإشاحة النظر عن وصاية الرئيس يموت وأصدقائه الرؤساء السابقين للاتحاد عيتاني وسنو".

كبي الذي يرى بالانتخابات فرصة لأهالي بيروت للتغيير في روحية الاتحاد، ينطلق من فكرة أنّ "في اتحاد عائلات بيروت قوة"، من هنا نسعى لحث عائلات بيروتية أخرى للانضمام للاتحاد، واستعادة دوره سياسياً، عبر الضغط على نوابنا لتأمين خدمات المدينة من كهرباء وماء وتوفير الأمن البيروتي وغيره من حاجات المدينة، والضغط لتحسين أداء المجلس البلديّ.

يدرك كبي أنّ "المسار طويل لاسترجاع هيبة الاتحاد"، ويتطلب تغييراً بالنهج واستقطاباً للشباب والشابات وتمثيلاً نسائياً، وهو ما لا ينجح من دون رئيس اتحاد بمواصفات الرئيس الديبلوماسي، القريب من الجميع، والذي يعمل على تقريب وجهات النظر.

سياسة إقصائية
عضو الهيئة الادارية، والمرشحة للانتخابات النيابية على لائحة "هيدي بيروت" يسرى التنير، كانت لها "انتفاضة" على سياسات الاتحاد، تعزوها في حديثها لـ"المدن" إلى "التوجه السياسي في الانتخابات، والذي تسبب بشرخ بين العائلات".

التنير توضح ان مشكلتها ليست مع أعضاء الاتحاد بل مساره منذ انتخابنا وإلى اليوم، كرفضه انضمام بعض العائلات لأجل حسابات انتخابية، عوض أن يكون اتحاداً جامعاً ينهض ببيروت وناسها، أو تخليه عن دوره كقوة ضاغطة في بيروت، تنتج بدورها أعضاء مجلس بلدي ونواباً يعبّرون عن خيارات أهالي بيروت.

وعن انتخابات الاتحاد المقبلة، تقول "اتركوا العائلات ترشح من تريد، صوناً لحق الاختيار ورفضاً لانتخابات معلبة، وأرفع شعار المداورة، ولدينا من الشباب والشابات من الكفاءات ما يكفي للترشح".

التنير إذ مثّلت بشخصها ثوّار حراك مدني وعائلات بيروتيّة غير ممثّلة في الاتّحاد، كان لافتاً نيلها أعلى نسبة أصوات في الهيئة العامة، في دلالة على بدء تعددية التمثيل في الاتحاد.

لكن هذه التعددية دونها محاولات إقصاء، في السياق تقول "تعرضت لمحاولة شطبي من قبل أحد الأطراف لأنني "لا أسمع الكلمة"، لكنني نجحت رغم كل تلك المحاولات، بفضل ثقة العائلات".

بانتظار الترشيحات
في معرض تشريحه لعوامل تراجع دور الاتحاد، يرى عضو الهيئة الادارية ماجد دمشقية بضرورة تطوير جمعيات العائلات المنضوية تحته، كي تعكس هيئاتها الإدارية فعلا مزاج أفرادها، وهو ما يضمن تالياً، تمثيلاً صحيحاً للعائلات.

دمشقية الذي كانت له تجربة عدم استجابة أهالي بيروت لماكينة الاتحاد، التي كان هو مرشحها، يرى بأن الخط السياسي للاتحاد "يجب أن يكون حكماً نبض الشارع البيروتيّ، الذي يتغير وفق المراحل والأزمنة بطبيعة الحال".

يقف الاتحاد عند محطة مفصلية في تاريخه اليوم، ولعلّ الأيام المقبلة كفيلة برسم معالم معركة انتخابية، تحدد بدورها، أي صورة للاتحاد تريده قرابة 85 جمعية للعائلات البيروتية، والتي تمثل بدورها جزءاً لا يستهان به من المجتمع البيروتيّ.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها