نواب الأمة رفضوا نقاش هذه التفاصيل، وصبوا جام غضبهم على الطلاب السوريين. وقال أحدهم: هذه آخر سنة يتعلمون في مدارسنا. وكان المسؤول الأممي صامتاً ومستمعاً. كما اعتبر النواب أن نقاش الخطة الخمسية للتربية، التي كان يفترض أن تنطلق في العام 2021، واعتماد الشفافية والحوكمة مضيعة للوقت، لأن الأجدى البحث عن السبل لفتح المدارس. ليس هذا فحسب، بل إن أحدهم أصر على ضرورة دعم الدولة التعليم الخاص، طالما أن المدارس الرسمية معطلة، كما أكد أحد النواب الحاضرين لـ"المدن".
تشدد اليونيسف
مصادر مطلعة في وزارة التربية أكدت لـ"المدن"، أن الحلبي يحاول مع الجهات المانحة. لكن لا شيء جديداً. واستغربت المصادر تشدد اليونيسف في تمويل الوزارة لتأمين الحوافز للأساتذة، فيما تنفق المنظمة ملايين الدولارات على مشاريع غير ملحة في الوزارة نفسها. فالمنظمة الدولية خصصت مشاريع لتمويل التعاقد مع مستشارين وإجراء دورات لأساتذة وتستعين بأساتذة متخصصين بالنطق لبعض المشاريع، يصل أجر الأستاذ فيها يومياً إلى ستين دولاراً، فيما راتب أستاذ الثانوي كله أقل من هذا المبلغ.
وتسأل المصادر: لماذا تمول اليونيسف هذه المشاريع وتستعين بجمعيات غير حكومية وتمر عبر وزارة التربية، يستفيد منها مئات الطلاب، فيما تترك أكثر من 300 ألف طالب بلا علم، لأنها ترفض منح الأساتذة الحوافز؟
ابتزاز متبادل
ووفق المصادر، التشدد الذي تمارسه الدول المانحة ازداد مؤخراً. لكنه ليس جديداً. ففي العام الدراسي السابق رفضت اليونيسف دفع مليوني دولار لإجراء الامتحانات الرسمية، أسوة برفض دفع الحوافز لأساتذة التعليم الرسمي. واضطر الوزير دفع حوافز الأساتذة حينها من مشاريع الوزارة الممولة سابقاً.
كانت الامتحانات الرسمية مهددة بسبب رفض الأساتذة وروابط المعلمين المشاركة لقاء تقاضي المبالغ التي تخصصها الدولة، والتي لا تتجاوز الـ150 ألف ليرة لمراقبي الامتحانات. فلجأت الوزارة إلى خطة لدعم المراقبين والمصححين وعمال المكننة والتفتيش التربوي وغيرهم، بحوافز بالدولار، بكلفة قدرت بنحو مليوني دولار. لكن لم تقبل اليونيسف بتمويل الامتحانات إلا بعدما هدد الوزير الحلبي بعدم افتتاح المدارس الصيفية، كما أكدت المصادر.
وتضيف المصادر أن اليونيسف تنفق ملايين الدولارات على مشاريع المدارس الصيفية، ولديها جمعيات غير حكومية تنفذ المشاريع في المدارس الصيفية، التي يستفيد منها الطلاب السوريون بشكل أساسي. لكنها مدارس شكلية لا يحضرها الطلاب عادة. بل كلها تنفيعات متبادلة بين اليونيسف والجمعيات ومسؤولين في الوزارة.
ووفق المصادر، طلبت الوزارة حينها دفع حوافز بقيمة 18 دولاراً للمراقب ومثلها للمصحح ولمن يحضر جلسات اللجان، لنحو عشرين ألف شخص، لإجراء الامتحانات، وبكلفة مليوني دولار، فيما تنفق اليونيسف عشرات الملايين على مشاريع غير مجدية. فخافت المنظمة الدولية على مشاريعها حينها ومولت الامتحانات، لأن الحلبي أمسكها من اليد الموجعة. لكن حالياً ترفض اليونيسف تمويل حوافز المعلمين، تقول المصادر.
بالمحصلة، تصر الجهات المانحة على مبدأ الشفافية، وتريد معرفة كيفية صرف الأموال في المرحلة السابقة. هذا رغم تورط مسؤولين في المنظمات الدولية مع أقرانهم في وزارة التربية بشبهات الهدر أو الفساد. لكن يبدو أن الأخيرة بدأت ترضخ لبعض المطالب. فقد تم تعيين شركة تدقيق في المدارس للكشف على المشاريع للمرة الأولى. هذا فيما وصل ثلاثة مدققين اليوم الأربعاء في 18 كانون الثاني، إلى الوزارة، مدة عملهم ستستغرق ثلاثة أشهر. لكن لم يعرف طبيعة عملهم بعد، وفق ما تؤكد المصادر.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها