الجمعة 2022/09/30

آخر تحديث: 00:00 (بيروت)

نحو بيئة دامجة: نقابة المهندسين تتعهد عمراناً ملائماً للمعوقين

الجمعة 2022/09/30
نحو بيئة دامجة: نقابة المهندسين تتعهد عمراناً ملائماً للمعوقين
تطبيق كل الخرائط الهندسية التي تراعي وتضمن حقوق المعوقين (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease

أطلقت نقابة المهندسين مرصد البيئة المبنية الدامجة، بالتعاون مع الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين حركياً، الأربعاء 28 أيلول، في نقابة المهندسين في بيروت. وذلك لتعزيز الحياة الدامجة للأشخاص المعوقين، نتيجة عدم توفّر بيئة عمرانية دامجة ومنظّمة، تسهّل تحركات الأشخاص المعوقين اللبنانيين.

تطبيقات جديدة
وقد أتى طرح مجموعة من التدابير العمليّة الجديدة في الخرائط الهندسية، بعد عهود طويلة من انعدام تصميم المساحات الآمنة، وعدم اتخاذ أي خطوات إصلاحيّة لتعزيز وتسهيل الحياة الدامجة للمعوقين. لاسيما أن البيئة العمرانية تعتبر العامل الأول الأساسي في إدماجهم في المجتمع، وصعوبة تنقلهم تؤدي إلى تفاقم حالتهم الجسدية والنفسية معاً. علماً أن عدداً كبيراً من الأشخاص المعوقين يحبسون أنفسهم في منازلهم لأشهرٍ طويلة بسبب عدم وجود مساحة آمنة لتنقلهم من منازلهم إلى الشارع.

تجهيزات متنوعة
وهذا المرصد يسعى لتفعيل مساحات آمنة للمعوقين في الوصول والتحرك داخل المبنى، وسهولة إخلاء المباني في حالات الطوارئ، وإمكانية استعمال وسائل النقل العام، وتأمين المنحدرات الخاصة، ومعالجة الأرضيات، وترتيب ممر المشاة، ووضع الإشارات الضوئية المستدامة، وتأمين المنحدرات الميكانيكية، ووضع المعدات الأساسية في المراحيض والأحواض، وغيرها الكثير.. وذلك لمساعدتهم في التكيف وضمانة حقوقهم.

متابعة مستمرة
وانطلاقاً من حقوق الأشخاص المعوقين الأساسية كمواطنين، في التنقل والتحرك بسهولة من دون أي عوائق، وتبعاً لمرسوم 7149\2009، المتعلق بالبيئة الدامجة، أكد نقيب المهندسين، عارف ياسين، على أهمية إطلاق هذا المرصد، الذي يعزز احترام الأشخاص المعوقين، ويساهم في تعزيز قدراتهم في ارتياد كل الأماكن، ما يؤدي إلى تحقيق المساواة مع الأشخاص غير المعوقين.

وتبعاً لصلاحياته، وتأكيداً منه على حسن متابعة هذه القضية، اعتبر ياسين أنّ مرصد البيئة الدامجة من أولويات عمل النقابة اليوم، وستكون النقابة على متابعة مستمرة لجميع القضايا المعنية بحاجات الاشخاص المعوقين حركياً، وستترجم عبر متابعة القوانين وأنظمة البناء والمراسيم التطبيقية المتعلقة بها.

مسيرة طويلة ومطالب محقة
غير أن الاتحاد اللبناني للأشخاص المعوقين، بدأ يعتبر أن مسيرته الطويلة والصعبة بدأت تترجم على الأرض في بعض الإجراءات والتحسينات التي تساعد الأشخاص المعوقين في متابعة حياتهم اليومية. إذ بالرغم من كل المراسيم التي تضمن حقوق الأشخاص المعوقين، والتي صدرت منذ 22 عاماً، إلا أنها لم تنجز ولم تتطبق بشكل منتظم ولأسباب كثيرة ومتنوعة. غير أن سعيه الدائم على متابعة قضاياه وتعاونه المتجدد مع كل الجهات المعنية والجمعيات الحقوقية والإنسانية أدى إلى تحقيق بعض المشاريع الصغيرة.

في حين أوضحت سيلفانا اللقيس، رئيسة الاتحاد اللبناني للمعوقين، إلى أن مسيرة طويلة جمعتهم مع نقابة المهندسين، ظهرت نتيجتها وثمرتها في توقيع بروتوكول سابق لهم. إضافة إلى وضع عدد من القواعد، التي سهلت إلتزام المهندسين في المعاييرالهندسية الدامجة، الموجودة في التشاريع المحلية والمواثيق الدولية.

نسبة مرتفعة ومتزايدة
يبلغ عدد الأشخاص المعوقين في لبنان 15%، وحسب المؤشرات الدولية والأبحاث، فإن 45% من الأشخاص ما فوق 60 عاماً، عرضةً للإصابة بنوع أو أكثر من الإعاقة، وبشكل مفاجئ. ما يعني بأن نسبة الأشخاص المعوقين في لبنان ليست محصورة بـ15%، بل تتعدى لتطال أكثر من نصف المجتمع. وهنا نلحظ ضرورة تهيئة البيئة المناسبة والملائمة لهم والمراعية لظروفهم.

أهمية البيئة الدامجة
ولا ينحصر مفهوم البيئة الدامجة في تحسين الطرقات للمعوقين، أو وضع بعض الإضافات على الأرصفة، إنما يتوسع ليصل إلى دمج المعوقين في كل الإدارات العامة والخاصة. وبالتالي، فإن تسهيل حياتهم المهنية تؤدي إلى مضاعفة قدراتهم العقلية، وزيادة تحفيزهم على الإنتاج. وهنا يظهر تأثير البيئة الدامجة في تحسين الإقتصاد، وزيادة الإنتاجية، وخفض نسبة البطالة.

وسترعى البيئة الدامجة كامل حقوق الإنسان، أي حقوق الاستشفاء والتعلم والتحرك وغيرها.. وستبرز قدرة النقابة تبعاً لموقعها العلمي والفني والمهني في تطبيق كل الخرائط الهندسية التي تراعي وتضمن حقوق المعوقين. ما يعني أن مرصد البيئة الدامجة سيشمل الإدارات الكبرى والعامة والخاصة، والمدارس والعقارات والأبنية.. حيث سيتم تنفيذ كل الخرائط الهندسية، وفقاً للمعايير المحددة التي ستتابعها النقابة بالتعاون مع الاتحاد اللبناني. لاسيما أن ثقافة الدمج لا تقوم على دمج أبناء المجتمع في مكان واحد فقط، بل تعني دمجهم مع الأشخاص غير المعوقين في مراكز العمل والتنزه والإستشفاء.. وذلك لتحقيق المساواة فيما بينهما.

مسؤولية جماعيّة
وهنا تقع المسؤولية على الدولة اللبنانية في تطبيق القوانين في إداراتها ومؤسساتها، والتي تعطي الحق الكامل للأشخاص المعوقين في الحصول على أي وظيفة إسوة بغيرهم. ومن ثم تنتقل المسؤولية إلى المهندسين في ضرورة ملاحظة القوانين التي يجب تطبيقها خلال متابعته لورشات العمل، والإضاءة على المخالفين. حيث أن دور المرصد في النقابة هو مواكبة مسارات التراخيص لكل المباني والعمارات التي تسري عليها مفاعيل المرسوم الواضح 7194.

منحدر واحد كفيل بتسهيل تحركات مئات الأشخاص المعوقين، فالبيئة العمرانية وتنظيم الأماكن العامة، يشكلان الضابط الأساسي في إدماج المعوقين في المجتمع وتحقيق استقلاليتهم. غير أنها مسؤولية جماعية تقع على كل القطاعات الحيوية، وعلى أبناء المجتمع في تقليص الفجوة بين الفرص والمهارات، وقدرات الشخص من جهة، والبيئة والموارد اللازمة للمشاركة بشكل مستقل في الحياة المدنية من جهةٍ أخرى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها