أفضل ممرِّر في العالم دي بروين.. ساحر "الشياطين الحمر"

"الشياطين الحمر" لقب أطلقه  المدرب بييرا فالكير على منتخب بلاده بلجيكا الذي سطّر عصره الذهبي في الثمانينات وأوائل التسعينات، ولكن من دون أن يحقق بطولة كبرى، خصوصاً في كأس العالم، مع 13 مشاركة ، ومع أفضل مركز، الثالث في مونديال روسيا 2018. ومع ذلك حصل على التصنيف الاول في 2015 بعدما كان رابعاً في 2014 ولكنه تراجع للمركز الخامس عامي 2016 و 2017 ليسترد الصدارة في 2018 و يحافظ عليها حتى 2022 حيث تراجع للمركز الثاني خلف البرازيل علماً انه كان في المركز 49 في 2007.

موقعة أوروبية بين ثاني وثالث 2018
المنتخب البلجيكي الذي أصبح ثاني منتخب يتصدر الترتيب العالمي من دون أن يحصل على كأس العالم، تأهل إلى مونديال قطر مسجلاً مشاركته الرابعة عشرة، مع فريق تبلغ قيمة أفراده السوقية 500 مليون يورو، ويضم ثلاثياً يمثل قوته الضاربة، ولكنهم كالمنتخب بلا إنجازات عالمية. وهذا لا يمنع من أن يكون لهم شأن في المونديال العربي كما كانت حالهم في المونديال الأخير 2018: كيفن دي بروين كمهاجم محوري مزيف، وروميلو لوكاكو في الجهة اليمنى، وإيدن هازار في الجهة اليسرى. فمع هذا الثلاثي الخطير وصلت بلجيكا إلى نصف النهائي ومن ثم خطفت المركز الثالث على حساب انكلترا 2-صفر بعدما كانت أقصت البرازيل في ربع النهائي 2-1، علماً أن فرنسا أقصتها عن النهائي صفر-1.

وكانت بلجيكا حققت العلامة الكاملة في دور المجموعات بالفوز على إنكلترا 1-صفر وتونس 5-2 وبنما 3-صفر.

ومع دي بروين والمهاجمين هازار ولوكاكو، تصدرت بلجيكا مجموعتها في تصفيات مونديال 2022 حاصدة 20 نقطة بفارق خمس نقاط عن ويلز، بلا خسارة مع ستة انتصارات وتعادلين. مسجلة 25 هدفاً مقابل 6 في مرماها.

وسيشهد المونديال مواجهة أوروبية من العيار الثقيل في المجموعة السادسة بين كرواتيا وصيفة مونديال 2018 وبلجيكا الثالثة المصنفة ثانية عالمياً، والكفتان متوازيتان في المستوى وكذلك في لغة الارقام لجهة المقابلات السابقة بينهما، وهي ست رسمية، فاز كل منهما بمباراتين وتعادلا مرتين، فيما ستكون كفة بلجيكا راجحة أمام المغرب إذ فازت ثلاث مرات: 1-صفر في مونديال 1994 و4-صفر في 1999 و4-1 في 2008 في مباراتين وديتين. أما الطرف الثالث في المجموعة كندا فتلقت الخسارة صفر-2 في 1989.

وتأتي بلجيكا إلى قطر بنتائج متفاوتة في دوري الأمم الاوروبية، اذ خسرت أمام هولندا 1-4 ثم صفر-1 وفازت على بولندا 6-1 و1-صفر وعلى ويلز 2-1 وتعادلت معها 1-1، لتحتل المركز الثاني برصيد 10 نقاط متأخرة بفارق 6 عن "الطواحين" الهولندية في المجموعة الرابعة. وغالباً ما شكّلت بلجيكا "الحصان الأسود" في البطولات، وتعتبر من أعتى المنتخبات العالمية في السنوات الاخيرة، فهي حلّت ثالثة المونديال الأخير بأفضل صورة ممكنة مع نظام أكثر مرونة من الناحية التكتيكية، وكانت إحدى المنتخبات الأكثر استعراضاً وطموحاً في اللعب، على حد تعبير الخبير روكسبورغ من مجموعة الدراسة التقنية في "الفيفا".

دي بروين صانع الألعاب الأكثر روعة
والواقع انه بعد مونديال 2022 حدث إصلاحات عدة في المنتخب البلجيكي، فأبعد المخضرمون، وحصلت انتقالات لنجوم كبار إلى الدوريات الأوروبية منذ 2008، ومن أبرزهم كيفن دي بروين، الذي تكوّن فنياً في نادي جنك قبل أن يبدأ الترحال في الرحاب الأوروبية. وكانت الانطلاقة في 2012 إلى تشلسي ثم فيردر بريمن بالإعارة وفولسبورغ وأخيراً مانشستر سيتي في 2015.

هذا اللاعب البالغ 31 عاماً وصفه مدرب "الشياطين الحمر" روبرتو مارتينيز بصانع الألعاب الأكثر روعة في العالم، معتبراً "إننا محظوظون للغاية بأن لدينا لاعباً مثله، كان سحرياً أمام ويلز في دوري الأمم الأوروبية، فقادنا للفوز بتسجيله هدف وصناعة آخر. انه رائع في رؤيته للمباراة والتوقيت وكذلك المساحات ورائع في التنفيذ أمام المرمى".

تألق دي بروين في المونديالين الأخيرين. فهو قاد بلاده إلى نهائيات مونديال 2014 بتسجيله أربعة أهداف في التصفيات ليتأهل للمرة الاولى إلى بطولة كبرى منذ 12 عاماً، وصنع هدف التعادل أمام الجزائر واختير رجل المباراة وسجل هدفاً في الولايات المتحدة في دور الـ 16، وكذلك صنع هدفاً في مونديال 2018 في مرمى بنما وهدف الفوز على البرازيل في نصف النهائي وكان رجل المباراة.

دي بروين الذي صنع ثلاثة أهداف في مباراة واحدة لمانشستر سيتي أمام ليستر سيتي 5-1، وصل عدد تمريراته الحاسمة منذ ظهوره مع فيردر بريمن عام 2012 إلى 77 تمريرة، ليصبح من بين الاكثر صناعة للأهداف في الدوريات الأوروبية الخمس، وأسهم في تألق زميله في الفريق الانكليزي سيرجيو أغويرو، ليصبح أول لاعب في تاريخ البريميرليغ يسجل أربعة أهداف أو أكثر في مباراة في ثلاث مناسبات مختلفة. كما كان للنجم البلجيكي دور هام في حصول الستيزينز على 100 نقطة في موسم واحد (2017-2018) كأوّل فريق يحقق ذلك.

ودي بروين الذي أسهم في فوز مانشستر سيتي على ولفرهامبتون 3-صفر بصناعته الهدفين الاوّل والثالث، أسهم مع فريقه في 150 هدفاً في 217 مباراة (سجل 58 وصنع 92) وعادل الأهداف التي صنعها ستيفن جيرار نجم ليفربول السابق. ولم يخرج من أي موسم مع الفرق التي لبس قمصانها من دون لقب من بطل الدوري وبطل الكأس ولاعب العام وأفضل لاعب وأفضل ممرر.

وريث ميسي ورونالدو ومنافس نيمار
تكرّس دي بروين كأفضل صانع ألعاب في العالم من قبل الاتحاد الدولي للتأريخ والاحصاءات، وكأفضل لاعب خط وسط في دوري الأبطال من قبل الاتحاد الاوروبي، وأحد عناصر تشكيلة الموسم لدوري أبطال أوروبا أربع مرات، وهو اللاعب الأكثر صناعة للفرص (632) والأكثر صناعة للأهداف (86)، وفي سجلاته 220 مباراة في البرميرليغ و57 هدفاً و86 تمريرة حاسمة.

يُجمع الخبراء الكرويون أن دي بروين لاعب كامل يجعل كرة القدم سهلة وبسيطة، يدافع عن ألوان المنتخب منذ 2010 (93 مباراة دولية و25 هدفاً) شارك في شكل مباشر في 24 هدفاً في آخر 19 مباراة في جميع المسابقات (8 أهداف و16 تمريرة حاسمة) وسجل لبلجيكا 15 هدفاً، منها 11 من خارج منطقة الجزاء. حمل الهدف الثاني الذي سجله في مرمى البرازيل بربع نهائي مونديال 2018 الرقم 150 في كأس العالم.

أنجبت بلجيكا نجوماً كباراً تركوا بصمات في تاريخ كرة القدم العالمية، من جان ماري بفاف أفضل حراس العالم في السبعينات والثمانينات، مروراً بباتريك غيريتس أحد أفضل الأظهرة في العالم ويان كويلمانس صاحب الثلاثية التاريخية في مرمى اسبانيا بمونديال 1986، وبول فان هيمست لاعب القرن في بلجيكا وانزو شيفو الساحر البلجيكي في الزمن الجميل وميشيل برودوم أفضل حارس في العالم 1994 وفينسينت كومباني أحد أفضل المدافعين في العالم في العقد الأخير... وصولاً إلى تيبو كورتوا أفضل حارس في مونديال 2018 ولوكاكو القاطرة البشرية والهداف التاريخي لبلجيكا وإيدن هازار أكثر لاعب موهوب في كل العصور.. وانتهاء بكيفن دي بروين أفضل لاعب في تاريخ بلجيكا وصاحب الرقم واحد في العالم في خط الوسط.

دي بروين قادم بقوة إلى مونديال قطر ليكون خليفة ميسي ورونالدو كأفضل لاعب في العالم وكمنافس قوي لنيمار على الكرة الذهبية.