الأحد 2022/08/07

آخر تحديث: 13:07 (بيروت)

سلاح عاشوراء لمواجهة الحرب الناعمة على الأجيال الشيعية الصاعدة

الأحد 2022/08/07
سلاح عاشوراء لمواجهة الحرب الناعمة على الأجيال الشيعية الصاعدة
عاشوراء فرصة لزيادة الإحساس بالانتماء الطائفي، والحزبي أيضًا (Getty)
increase حجم الخط decrease
استدرك حزب الله سريعًا الخلاف بين المرجعية الإيرانية والمرجعية العراقية حول بداية شهر محرم، فالتحق شكليًا بالتوقيت العراقي، ليكون الثلاثاء 11 آب الجاري يوم العاشر في ما يتعلق بالمسيرات. أما المستحبات التي يقوم بها الشيعة من جمهور حزب الله من مقلدي السيد علي الخامنئي في يوم العاشر فتكون نهار الإثنين. وتكون الثلاثاء لمقلدي السيد علي السيستاني، وهم من جمهور حركة أمل.

تفعيل الانتماء 
التعديل الذي أجراه حزب الله مردّه إلى المجالس المشتركة بين حركة أمل وحزب الله، وتُقام في معظم المناطق الشيعية منذ سنوات، بعدما كانت المناسبة سابقًا عنوانًا للصراع بين "الأخوة" في الطائفة، وساحة خلاف، تبدأ بالسياسة ولا تنتهي بالنظرة الى المناسبة وشعائرها.

بعيدًا عن معاني المناسبة السامية وما تمثله في وجدان الشيعة وغير الشيعة من قارئي حركة الحسين وأبعادها الإنسانية والإلهية، يمكن اعتبار مناسبة عاشوراء فرصة لزيادة الإحساس بالانتماء الطائفي، والحزبي أيضًا، من خلال قيام الحزبين الشيعيين الأكبر بإحياء المناسبة وإلقاء كلمات سياسية حزبية، وإحياء مجالس عزاء يختلط البكاء فيها بالمحاضرات التي تحمل طابعًا دينيًا وسياسيًا. وفي كل مرحلة زمنية تكون الرسائل في اتجاه معين، وهي هذا العام موجهة بجزء منها الى "الأجيال الصاعدة".

أطفال الطائفة في خطر؟
عندما تحدّث السيد حسن نصرالله عن نشيد "سلام يا مهدي" ببعده المتعلق بالفتية والفتيات، أشار إلى أن المشهد الذي رافق النشيد في لبنان جاء ليشكل رسالة قاسية لكل الذين يراهنون على مستقبل "الطائفة". لكن ما لم يقله السيد نصرالله، هو أن عددًا لا بأس به من أطفال الطائفة الشيعية تائهون. وهنا نتحدث عن الجيل ما دون 18 سنة، سواء في عالم الإجرام والمخدرات والسرقات الذي توسع خلال الأزمة التي نعيشها حاليًا، أو داخل عالم "التكنولوجيا" الواسع وما تفرع منه من وسائل تواصل مؤذية، كالتيك توك على سبيل المثال لا الحصر.

عندما بدأت الحملة الأمنية في الضاحية الجنوبية كان لافتًا، حسب معلومات "المدن"، حجم تورط القاصرين في الأعمال الإجرامية. وتحديدًا في ترويج المخدرات والسرقات البسيطة، الأمر الذي يستدعي دق ناقوس الخطر خوفًا من انتشار هذه الظاهرة على نطاق واسع، أكثر مما هي عليه اليوم.

لا تزال جمعيتا الرسالة الإسلامية والإمام المهدي، تحاولان قدر الإمكان جذب الفتية والفتيات للمساعدة في بناء جيل متعلم مهذب خلوق. لكن طريق السوء يبدو أسهل لكثيرين. لذلك هناك محاولات جدية داخل الطائفة الشيعية لمواجهة هذا الخطر الذي يتهدّد "الوجود الشيعي" المستقبلي.

ورثة عاشوراء المستقبل
في ضاحية بيروت الجنوبية مجالس مركزية لكل من حركة أمل في معوض، وحزب الله في ساحة عاشوراء في منطقة الجاموس، ترافقها إجراءات أمنية كثيفة جدًا تبدأ عند صلاة المغرب وتنتهي مع منتصف الليل. ونظرًا للحشود في بيروت والمجالس في المناطق، لن يكون من المفيد المقارنة بين مجالس هذا العام ومجالس الأعوام السابقة لناحية أعداد المشاركين. فالحشود تزداد عامًا بعد عام بعشرات الآلاف. لكن اللافت هذا العام التركيز على مجالس الفتية والفتيات. والسبب حسب معلومات "المدن"، هو الحرب الناعمة التي تُخاض على المجتمع الشيعي، وتحديدًا أطفاله لتغيير إيمانهم بالمستقبل.

شغل هذا الأمر قيادات حركة أمل وحزب الله قبل شهر محرم، فكان القرار بالتركيز هذا العام على تفعيل مجالس الفتية والفتيات في كل المناطق، وتكثيف الدروس العاشورائية في الجمعيات الكشفية، لمواجهة كل المخاطر الاجتماعية التي تؤدي إلى تقليص الاهتمام بالدين، وعلى رأسها وسائل التواصل والتكنولوجيا على أنواعها، التي تلعب دورًا بارزًا ببناء شخصية الأجيال الجديدة. ومن هنا كان تركيز الخطباء وقارئي العزاء خلال المجالس على أهمية فهم "الحسين" من قبل الأجيال الصاعدة.

لا تركز المجالس وحدها على الأطفال الذين هم "ورثة" عاشوراء في المستقبل. ففي حومين الفوقا جنوبًا على سبيل المثال، يحاول العاملون في مضيف خدام عشاق الحسين الذي تأسس منذ سنوات تقديم نشاط المضيف العاشورائي للأطفال. وكانت فكرة تقديم الهدايا لهم بعد سؤالهم أسئلة بسيطة تتعلق بالمناسبة. وحسب القيمين على المضيف فإن الهدف هو تقريب الأطفال من عاشوراء، وتحفيزهم على معرفتها وقراءتها وحفظها، ولو من أجل الحصول على "لعبة" وهدية. ذلك أن الأمر بات يُعتبر صعبًا في زمن الانهيار الاقتصادي وارتفاع أسعار ألعاب الأطفال، فيما باتت وسائل التواصل الاجتماعي تجتاح العقول، وتؤثر على "إيمان" الأطفال وتعلقهم بالحسين والقضية الحسينية.

عاشوراء البداية
يُنقل عن أحد المستشرقين قوله أنه "إذا أردت أن تهدم حضارة أمّة فهناك وسائل ثلاث: أهدم الأسرة والتعليم وأسقط القدوات والمرجعيات". وفي الشارع الشيعي، وتحديدًا مجتمع المقاومة، شعور جدّي بأن هناك من يسعى لتطبيق هذه المقولة عليه. لذلك بدأ التفكير بسبل المواجهة. وعاشوراء قد تكون خير بداية. لكن المطلوب ليس أمورًا دينية فقط، بل دنيوية من خلال تحسين وسائل العيش في الضاحية وغيرها من مناطق الشيعة في لبنان، وزيادة فرص العمل، وقيام الأحزاب بدور ريادي في البناء عبر تغيير الثقافة السائدة، وتقوية الدولة لأنها الوحيدة القادرة على فرض النظام المتوازن.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها