الأحد 2022/08/07

آخر تحديث: 13:24 (بيروت)

خلل بمنشآت الليطاني الكهرومائية: استغلال سياسي لإشعال فتنة!

الأحد 2022/08/07
خلل بمنشآت الليطاني الكهرومائية: استغلال سياسي لإشعال فتنة!
السلطة السياسية تحاول تقنيع فشلها بتحريض الناس على بعضهم البعض (Getty)
increase حجم الخط decrease
بينما كانت التحضيرات جارية لإقامة مهرجان الصيف الأول على ضفاف نهر الليطاني، تقدمت عليها أخبار اقتحام مجموعة من أهالي الشوف وإقليم الخروب منشآت توليد الكهرباء التابعة لليطاني، وتعرضهم لمستخدميها احتجاجاً على ما اعتبروه عدم مساواة في توزيع الطاقة التي توفرها مجموعاتها الإنتاجية، قبل أن تتدخل الأجهزة الأمنية بناء لإصرار مدير عام المصلحة سامي علوية، وتنصل الجهات السياسية من مسؤوليتها (راجع "المدن").

سلطة الفتنة بين الناس
انطوت الحادثة على محاولة السلطة السياسية تقنيع فشلها في متابعة قضايا المواطنين بتحريض الناس على بعضهم البعض، وخلق توترات في ما بينهم. وفي ذلك استغلال لوجع الناس: حرمانهم من الكهرباء لأهداف سياسية، توسع الفتنة التي تكاد تتسبب بها أزمة الكهرباء في المناطق اللبنانية.

بدا لافتاً بعد الاعتصام الذي نُظّم ضد "مصلحة الليطاني" الحزم الذي أظهرته إدارة المصلحة برفضها الخضوع للابتزاز السياسي، وقرارها وقف العمل بجميع المنشآت إلى ما بعد تأمين الحماية الأمنية لها. وذلك بعدما رفع الغطاء السياسي عن تحرك الأهالي، برسالة خطية موجهة من النائب وليد جنبلاط لرئيس المصلحة سامي علوية. وقد عبر جنبلاط عن رفضه "لأي تصرف غير مدروس من أي جهة كانت، معتبرًا أن معالجة الطاقة يبتدئ من الإصلاح العام في الوزارة المختصة التي تتخبط بين العهد القديم والعهد الجديد".

مصلحة الليطاني والأهالي
واقتحام المنشآت بناء على تحريض جهات سياسية كما تؤكد المصادر، وضع المعتصمين في دائرة الخطر على سلامتهم قبل سلامة المنشآت، وشكل بالتالي تهديدًا بإنقطاع الكهرباء عن شريحة أكبر من المواطنين، بدلاً من توفيرها للمحتجين. وبدا أن المشكل فني أولاً، ولا يمكن حله إلا عبر المؤسسات، بناء لمقترحات زيادة خلايا التغذية، فصّلت مراسلات رسمية بعض تفاصيلها، ولم تلق آذانًا صاغية.

تتوجه الاتهامات للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني بأنها هي من يتسبب بالمشكل من خلال عدم عدالتها في التوزيع. وتؤكد مصادر الليطاني بأنها لا تملك أي صلاحية فنية أو رقابية على هذه الشبكات، وينحصر دورها بانتاج الطاقة وتشغيل المحطات.

وفقا لمصادر الليطاني، جرى تجاهل عشرات المراسلات التي توجهت بها إلى كافة المعنيين لتحذيرهم من واقع فني يتفاقم سوءًا. لذا اضطرت إلى زيادة عدد ساعات التقنين حفاظًا على حسن أداء منشآتها. وذلك بعد جدل استمر منذ ما قبل سنة 2017، عندما قررت مؤسسة كهرباء لبنان الاستجابة لطلب زيادة خلايا إنتاج الطاقة من معمل بولس أرقش لتأمين تغذية إضافية لبعض المناطق.

مشكلات فنية
وفي المراسلات التي أرسلتها المصلحة للمعنيين وحصلت عليها "المدن"، ما يشرح الواقع التالي: "تتوزع المنشآت الاستراتيجية للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني على سد القرعون، معمل إبراهيم عبد العال، ومعمل بولس أرقش- بسري جزين، ومعمل شارل حلو- علمان الشوف. ولما كانت مؤسسة كهرباء لبنان لا تملك محطات تغطي القرى النائية في هذه المناطق، فقد خصصتها بمحطة بقوة 15 ك.ف. في كل من معمل عبد العال وبولس أرقش لتغذي من محطاتها العديد من بلدات البقاع الغربي والشوف وجزين واقليم التفاح. وبما أن هذه البلدات صغيرة نسبيًا وغير مجهزة بمولدات خاصة ومولدات تعود للبلديات، ومجموع استهلاكها يزيد على 35 ميغاواط، أي حوالى واحد بالمئة من استهلاك لبنان، ولتفادي التصادم مع أهالي البلدات بسبب التقنين في التغذية الكهربائية، تم التوافق في السنوات الماضية مع مؤسسة كهرباء لبنان لتغذية تلك البلدات لمدة 20 ساعة في اليوم. لكن بسبب زيادة الحمولة على هذه الخطوط زاد التقنين إلى ست ساعات في اليوم. علما أن مؤسسة كهرباء لبنان تعمد إلى تقنين داخلي أحيانا بين القرى، بعد أن أصبحت حمولتها تتخطى القدرة التجهيزية لخلايا الخطوط.

ومن خطوط التوتر المتوسط 15 ك.ف. المغذاة من محطة معمل الأولي أي معمل بولس أرقش يتبين أن خط رقم1  يغذي جزين- جبل الريحان- زحلتي- جباع والشوف الأعلى حتى جبل نيحا. وخط رقم 2 يغذي بسري- مشموشة (جزين)- الشوف- اقليم الخروب حتى المغيرية. وخط رقم 3 يغذي صفاريه- عين المير- اقليم التفاح. إلا أن هذه الخطوط العائدة لمؤسسة كهرباء لبنان أصبحت بحالة فنية سيئة بسبب مساراتها الطويلة في الأودية والجبال والأحراج، فأصبحت مع تفرعاتها تفوق مئات الكيلومترات، ناهيك عن الحمولات الكهربائية الكبيرة التي تتخطى القدرة التجهيزية لهذه الخطوط.

واستناداً إلى قيود أجهزة المراقبة والحماية في معمل الأولي تتعرض هذه الخطوط سنويًا إلى عدد كبير من الأعطال التي تتسبب بتشغيل أجهزة الحماية وتعزل هذه الخطوط. وقد بلغت الأعطال وفقًا لمصلحة الليطاني على كل من الخطوط الثلاثة على الشكل التالي: خط رقم واحد 521 عطلًا سنويًا، خط رقم اثنان 480 عطلًا سنويًا وخط رقم ثلاثة 600 عطل سنوياً.

ومحطة معمل أرقش تحتوي على محولين، قدرة الواحد منهما 20 MVA، أحدهما مصنع عام 1982 (أصبح عمره الفني 40 سنة) ويغذي خط جزين (رقم 1). أما الآخر فمصنع عام 2010 ويغذي خطي جون وإقليم التفاح (رقم 2 و3). كما تحتوي على 3 خلايا 15 ك.ف. بقدرة إسمية 400 أمبير للخطوط رقم 2 و 3 وقدرة إسمية 600 أمبير للخط رقم 1. لكن الحمولة الحالية على هذه الخطوط خلال ساعات الذروة بلغت على خط جزين (رقم 1) 660 أمبير، وخط جون (رقم 2) 340 أمبير وخط إقليم التفاح (رقم 3) 400 أمبير.

مناقصة بلا ملتزمين
لذلك اقترحت مصلحة الليطاني حلًا فنيًا على مؤسسة كهرباء لبنان، يقضي بتجديد خلايا محطة الأولي وتركيب خلايا جديدة لستة خطوط بدلًا من ثلاثة. وبناء عليه تم وضع دفتر شروط خاص لهذه الغاية، بالتعاون ما بين المصلحة والمؤسسة، وأطلقت مؤسسة كهرباء لبنان المناقصة بتاريخ 10/10/2019، لكنها لم تؤد إلى نتيجة إيجابية ولا زالت المناقصة مطروحة حتى تاريخه من دون تقدم أي ملتزم.

وتؤكد المصلحة أن لا قرار بعزل مناطق دون أخرى. شارحة أن زيادة الحمولة تنعكس سلبًا على استقرار خطوط التغذية، ويتسبب بتشغيل أجهزة الحماية وقطع الخطوط والمحولات بشكل متكرر، يبلغ أكثر من عشر مرات في اليوم الواحد على كل خط. وهذا يعرض المنشآت إلى جهد مضاعف يتسبب بتعطل الخلايا والمحولات، لاسيما وأن المحولات الموجودة قديمة جدًا. وتعتبر المصلحة أن زيادة الحمولات غير مبررة، وهي تقدرها بأكثر من 20 في المئة، أي ما يزيد على 8 MW. وفي هذه الحال فإن الخسارة اليومية تزيد عن 200 ألف كيلو واط ساعة، ناهيك عن الخطر المحدق بمحطتي أرقش وعبد العال. وفي حال حصول أي ضرر فإن الخسارة تكون فادحة فنيًا وماديًا، ما يحرم المواطنين من التغذية الكهربائية.

لذا طالبت المصلحة الجهات المعنية والبلديات والجهات الأمنية والقضائية بمعاونة كهرباء لبنان برفع التعديات عن هذه الشبكات لضمان استقرارها وتأمين ديمومة التغذية الكهربائية. واستمرارية عمل معامل الليطاني لناحية ثبات الفولتاج والذبذبة، تتطلب حمولة ثابتة أدنى من قدرة هذه المعامل ومرتبطة مباشرة بمحطاتها.

ولذلك تقول مصادر المصلحة إنها اعتمدت نمط تقني ضروري لاستمراية الإنتاج، ويقضي بعدم تغيير الحمولة على الخطوط، وبالتالي عدم قطعها ووصلها أكثر من مرتين في اليوم، حيث يتم التقنين على كل خط لمدة تتراوح بين 5 و7 ساعات في اليوم.

خلل مزمن
أما الحل الجذري الذي يسمح بزيادة عدد البلدات التي يمكن أن تستفيد من إنتاج معامل الليطاني مباشرة، بلا تسبب بخسارة ثبات الشبكة وبوقف المعامل، فيقضي بتحديث معمل بولس أرقش وتجهيزه بستة خطوط بدلا من ثلاثة. مع العلم أن هذا أقر منذ سنة 2017 وتم وضع دفتر الشروط لمناقصة له في تشرين الأول من سنة 2019، ليعدل الدفتر وفقًا للمطالبات الإنشائية في سنة 2020. لكن منذ ذلك التاريخ لم يحصل أي تقدم من قبل مؤسسة كهرباء لبنان لإطلاق المناقصة.

ودخل الملف في طور الإهمال، فتفاقمت مشكلة الكهرباء بلبنان. وظهر أن الاستقرار الأكبر يمكن أن تؤمنه المعامل الكهرمائية، خصوصاً إذا ما اعتمدت التوسيعات المذكورة، والتي يمكن أن توفر التغذية اللازمة لمناطق أوسع، يمكن أن تضم قسمًا من شرق صيدا ومن إقليم الخروب في الشوف وإقيلم التفاح في الجنوب. وذلك من دون تعارضها مع شروط تشغيل المعامل الكهرمائية، ومع تأمين الحماية اللازمة للشبكة العامة وتخفيض أعطالها.

أما الحلول الترقيعية التي اعتمدت منذ سنة 1965 من خلال إنشاء خطوط وتفريعات، وفقًا للحاجة الطارئة وتحت ضغط الأمر الواقع من دون وضع مخطط توجيهي لهذه الشبكات، فقد أدت إلى النتيجة السلبية على مستوى الاستثمار والصيانة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها