"أسود الأطلس" في قطر بمخالب أوروبية

كرة القدم المغربية التي انضم اتحادها إلى الاتحاد الدولي "فيفا" في عام 1957، هي الأكثر خبرة بين العرب في طقوس المونديال، والأكثر تهيئة لخوض هذا المحفل العالمي، بوجود قاعدة كبيرة من لاعبيها الدوليين نشأوا في أوروبا وصقلتهم أكاديمياتها، بل أن نجوم المنتخبات المغربية انخرطوا في منتخبات أوروبا للفئات العمرية، وخاضوا معها بطولات وحملوا الألقاب الجماعية والفردية. وهذا ما ينطبق إلى حدّ كبير على اللاعبين التوانسة والجزائريين. ولكن أبناء الدول المغاربية فضلوا الانضمام إلى منتخباتهم الوطنية.

الريادة المونديالية العربية للمغرب
يجب أن نسجل للمغرب مجموعة ميزات في سجلات الريادة للكرتين العربية والافريقية، فمنتخبه هو أوّل من تصدر مجموعة في نهائيات المونديال. حقق ذلك في مونديال 1986 متقدماً انكلترا والبرتغال وبولندا، وهو أوّل افريقي جاء ضمن العشرة الأوائل في تصنيف الفيفا لعام 1998 (يحتل المرتبة 24 عالمياً في 2022). وهو أوّل منتخب عربي يصل للنهائيات عبر التصفيات (مونديال 1970) وهو صاحب أكبر فوز عربي (3-صفر على اسكوتلندا 1998، و3-1 على البرتغال في 1986).

التأهل المغربي إلى مونديال قطر هو السادس، كما هي حال المنتخبين السعودي والتونسي، وهو الثاني على التوالي، وكان تأهله على حساب الكونغو بالفوز 4-1 بعد التعادل 1-1 ذهاباً في الكونغو، وذلك بعدما كان تصدر المرحلة الثانية بنتائج باهرة، حاصداً العلامة الكاملة بستة انتصارات من ستة، وبتسجيل 20 هدفاً مقابل هدف واحد في مرماه!

المشاركة الأخيرة للمغرب في كأس العالم كانت في 2018 في روسيا، وجاءت بعد غياب عشرين عاماً، وسبق لمنتخب "أسود الأطلس" أن تأهل مرتين متتاليتين (1994 و1998) إذ كانت المشاركات الست متقطعة وتفصل بينها سنوات. وحقق في المونديال الأخير ثاني أسوأ نتيجة بعد 1994، حين لم يحصد أي نقطة في مقابل نقطة في روسيا متذيلاً المجموعة. وهي النتيجة ذاتها في أوّل مشاركة (1970) فيما كان ترتيبه ثالثاً في 1998 رغم أنه حقق أربع نقاط في مجموعته التي ضمت أيضاً البرازيل والنروج واسكوتلندا.

الرؤوس الحامية تقصي المدرب
في اعتقادي، أن منتخب المغرب لديه العناصر القادرة على تخطي الدور الاول، رغم صعوبة المجموعة السادسة التي تضم كرواتيا وصيفة المونديال الأخير وبلجيكا صاحبة المركز الثالث، وكندا أفضل منتخب في أميركا الشمالية، وقد تكون إقالة المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش قبل ثلاثة أشهر من المونديال نقطة تحمل الوجهين السلبي والإيجابي. فالبوسني كان قريباً من الدور ثمن النهائي في مونديال 2018 مع منتخب الجزائر الذي خسر أمام ألمانيا 1-2 بعد التمديد، ألمانيا التي كانت فعلت الأمر ذاته مع منتخب المغرب في مونديال 1986 بهدف قاتل من ركلة حرة سددها ماتيوس في الدقيقة 90، وألمانيا أيضاً هي التي أخرجت المغرب في 1970 على الأرض المكسيكية أيضاً وفي الدقيقة القاتلة!

والغريب أن إبعاد خليلوزيتش جاء بعدما أهّل المغرب إلى قطر بمنتخب شاب، وكانت الحجة بأن البوسني لم يذهب بعيداً في بطولة أمم افريقيا العام الماضي في الكاميرون، بالخروج من ربع النهائي أمام مصر 1-2 بعد التمديد. ولكن ليس خافياً على أحد أن جوهر الخلاف هو إبعاد نجوم كبار من وزن حكيم زياش مهاجم تشلسي، ونصير مزراوي الظهير الجديد لبايرن ميونيخ، قبل أن يعيد الأخير، مع إصرار على موقفه من الأوّل لأسباب انضباطية.

ثلاثة أسود أمسكت بدوري الأبطال
ومن المؤكد أن زياش سيكون في عداد المنتخب في قطر، وهذا ما جاهر به رئيس اتحاد الكرة، وهذا ما سيقدم عليه المدرب المقبل الأكثر تداولاً وليد الركراكي مدرب الوداد البيضاوي السابق. فزياش واحد من ثلاثة لاعبين مغاربة توجوا بدوري أبطال أوروبا (مع منير الحدادي وأشرف حكيمي)، وتوج فريقه بكأس السوبر الأوروبي بالهدف الوحيد في فياريال، وفاز معه بكأس العالم للأندية. وهو لعب في الفئات العمرية لمنتخب هولندا، وشارك المنتخب الأول في مباراة واحدة، ولكنه انضم لمنتخب بلاده. وهذا اللاعب سجل هدفين في ريال مدريد وسجل أيضاً في يوفنتوس، وفاز مع أياكس بالدوري الهولندي. وهو أفضل ممرر في الدوري الانكليزي خمس مرات ولاعب العام في هولندا.

أسد آخر من أسود الأطلس، أشرف حكيمي، الذي يعتبر واحداً من أفضل الأظهرة في العالم، بدأ مع شباب ريال مدريد في سن الثامنة ثم مع الاحتياطي، ثم وضعه زيدان أساسياً في 2017 واصبح أوّل لاعب عربي وافريقي يسجل في ملعب ريال مدريد، لعب أيضاً مع دورتموند. وكان صاحب السرعة القياسية في الجري في الدوري الألماني، ولعب أيضاً مع ميلانو وأخيراً مع باريس سان جرمان. واستهل أهدافه في أوّل مباراة ضد كليرمون ثم في ليل. ولعب أيضاً مع بوروسيا دورتموند وإنتر ميلان. ونال ألقاباً فردية عديدة، منها أبرز مغربي في الخارج للموسم الأخير، وأفضل لاعب شاب في العالم، ووصفه خليلوزيتش بأنه لاعب مفتاح وأعظم لاعب في العالم في مركزه.

اللاعب الثالث الفائز بدوري أبطال أوروبا هو منير الحدادي مهاجم اشبيلية. نشأ في اسبانيا مع اتلتيكو مدريد وفي أكاديمية برشلونة لا ماسيا، ولعب للمنتخبات الاسبانية 19 و21 سنة والفريق الأوّل، ووقع عقداً مع برشلونة وانتقل إلى فالنسيا بالإعارة وكذلك إلى ألافيس. وقد سمح له الفيفا باللعب لمنتخب المغرب، بعدما كان حرمه من خوض مونديال روسيا، كونه لعب مباراة مع منتخب اسبانيا الأوّل. ولكن تبيّن أنه لم يمثل اسبانيا بعد بلوغه 21 عاماً، وانقضت ثلاث سنوات على مشاركته الأخيرة معه.
ومن الدعائم الأساسية لمنتخب المغرب نصير مزراوي، ظهير أيمن بايرن ميونيخ، الذي كانت بداياته مع أياكس ونال لقب أفضل لاعب شاب في الدوري الهولندي 2018. وفاز مع بايرن بكأس السوبر الألماني 2022، ولعب مع منتخب المغرب تحت 20 سنة، ورفعه هيرفي رينارد إلى المنتخب الأوّل في مونديال 2018.

جنسية مزدوجة وكوكتيل أندية
وفي منتخب أسود الأطلس لاعب مغربي فرنسي برتغالي، اسمه مروان داكوستا، لعب مع كوكتيل أندية: نانسي، أيندهوفن، فيورنتينا، ويستهام، لوكوموتيف موسكو، ناسيونال ماديرا، سيفا سبور، أولمبياكوس، اسطنبول ماشاكشهر، الاتحاد السعودي، طرابزون سبور، أرضروم سبور، فاسلان بيفيرين. يلعب في مركزين، قلب الدفاع والظهير الأيسر، مثّل منتخب البرتغال تحت 21 سنة و23 سنة، ومع منتخب المغرب منذ 2014.

لاعب آخر متعدد الأندية هو نور الدين امرابط جناح أيك اثينا، اكتشفه أياكس وضمه أيندهوفن ثم انتقل إلى واتفورد ثم النصر السعودي. ولعب أيضاً مع غلطة سراي وملقة وليغانيس، أختير أفضل لاعب عربي في كأس العالم 2018.

وسفيان امرابط على خطى شقيقه نور الدين، وهو لاعب وسط فيورنتينا. بدأ في أترخت هولندا ثم مع فاينورد وبروج وفيرونا.

ومن اللاعبين المتكونين في أوروبا أيمن برقوق مع فرانكفورت ودوسلدرف، وسفيان بوفال مهاجم أنجيه ومواليد فرنسا، ولعب مع ليل وساوثمبتون وبوردو وسلتا فيغو. وأصبح أفضل مراوغ في اسبانيا متقدماً على ميسي وغريزمان.

وهناك زكريا أبو حلال مهاجم تولوز من مواليد هولندا، لعب لأيندهوفن وألكمار وتولوز، كما لعب لمنتخب هولندا في الفئات العمرية وفضّل المغرب في 2020.

مع أسود يافعة كهذه سيقدّم منتخب المغرب في قطر عروضاً رائعة في سيرك المونديال العربي.