أرض قطر.. ملعب السعودية

لا أجد حرجاً أن اعتبرت المنتخب السعودي أفضل نظرائه العرب في كأس العالم، وإن كان يتساوى مع المنتخب المغربي في عدد مرات التأهل للمونديال بست، وبأنهما الأكثر مشاركة في المباريات (16). كما أنهما الوحيدان بين منتخبات العرب الثمانية التي تمثلت في العرس العالمي اللذان تخطيا الدور الأوّل.

العويران والجابر من مشاهير المونديال
ومع أن المنتخب السعودي تذيل مجموعته في مونديال ألمانيا 2006، وصفه معلق فرنسي بـ"برازيل الشرق الأوسط" فيما جاء في موقع "الفيفا" أن مشاركة السعودية في كأس العالم أصبحت أمراً معتاداً في الشرق الأوسط، ولكن ما يميز "السعودية المونديالية" أن اثنين من نجومها تركا بصمات في تاريخ سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم، فمنذ التأهل الأول (مونديال الولايات المتحدة 1994) حجز مهاجم نادي الشباب سعيد العويران مكاناً متقدماً له في سجل الكبار، بتسجيله أحد أجمل عشرة أهداف على مرّ تاريخ كأس العالم، حين تخطى أربعة مدافعين على طريقة مارادونا في مونديال المكسيك 1986 وهدفه في مرمى انكلترا، وسجل في مرمى حارس بلجيكا العملاق ثاني أسرع هدف في المونديال الأميركي، وأول وآخر هدف في مرمى برودوم الذي اختير أفضل حارس في المونديال.

أما السعودي الآخر، مهاجم الهلال، سامي الجابر، فقد صنّف بين مشاهير كرة القدم، حين بات خامس لاعب يسجل في مونديالين مختلفين يفصل بينهما 12 عاماً (1994 و2006) إلى جانب بيليه ومارادونا وكلوسه وكريستيانو رونالدو وميسي. وهو اللاعب العربي الوحيد ومن اللاعبين القلائل الذي يشارك في أربعة مونديالات على التوالي، وهو السعودي الوحيد الذي سجل في مونديالين مختلفين والعربي الوحيد الذي يسجل في ثلاثة مونديالات!
لقد كتب السعوديون صفحات مضيئة في كأس العالم، وفي الوقت ذاته تعرضوا لهزائم قاسية سُجل بعضها في خانة الأرقام القياسية، كالأهداف الألمانية الثمانية في مونديال 2002، والخمسة في المونديال الأخير في مباراة الافتتاح للمونديال الروسي أمام المنتخب المنظم، وعلى مرأى من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي كان يجلس إلى جانب الرئيس الروسي بوتين بعد اجتماع بينهما قبيل الافتتاح. ولا ننسى الأهداف الأربعة من كل من فرنسا في مونديالها 1998، وأوكرانيا في مونديال 2006.

كفة السعودية راجحة في ميزان القوة العربية
وإذا سجلنا للسعودية أنها أوّل فريق عربي آسيوي يتأهل للدور الثاني، فإن باقي المشاركات لا تسر ولا تفرح، فهي تذيلت المجموعة ثلاث مرات، وحلت ثالثة مرة واحدة، ولم تفز في المشاركات الخمس وفي 16 مباراة سوى ثلاث مرات، مقابل تعادلين و11 خسارة. ولم تسجل أكثر من 11 هدفاً في مقابل 39 في مرماها. وبالطبع، فإن المشاركة الأسوأ هي في 2002 حيث خرجت بلا فوز ولا نقطة ولا هدف.. وكانت أول دولة تغادر المونديال.
غير أن السعودية التي كانت طرفاً في ثلاثة ديربيات عربية، لم تخسر، فهزمت المغرب في 1994، وتعادلت مع تونس في 2006 وهزمت مصر في 2018. وهذا ما يرجح كفتها في ميزان القوة بين عرب المونديال.

ولكن ماذا عن مونديال قطر 2022؟
كانت السعودية أوّل منتخب عربي يحجز بطاقته في مونديال قطر، الذي وصفه الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل وزير الرياضة السعودي، بأنه مونديال كل العرب، متمنياً تنظيم نسخة استثنائية. وكما هي حال "منتخب الصقور الخضر" في كل المونديالات كنجم التصفيات الآسيوية، تصدر مجموعته في الدور الثاني بلا خسارة، حاصداً ستة انتصارات وتعادلين، جامعاً 20 نقطة بفارق خمس نقاط عن أوزبكستان، ومسجلاً 22 هدفاً في مقابل 4 في مرماه. بينما في المرحلة الثالثة الحاسمة حصد 25 نقطة زيادة عن اليابان بنقطة، محققاً سبعة انتصارات وتعادلين، مقابل خسارة واحدة، في مجموعة ضمت أيضاً الصين وأستراليا وعمان وفيتنام.

صقور خضر تربية أندلسية
ويقود "الكتيبة الخضراء" المدرب الفرنسي هيرفيه رينارد (53 سنة) الذي سبق له أن قاد منتخب المغرب في مونديال 2018، وساحل العاج في بطولة أمم أفريقيا عامي 2021 و2015. وتضم التشكيلة الحالية عدداً من اللاعبين خاضوا مونديال روسيا، وأمضوا تجربة احترافية في أندية الدرجة الأولى بإسبانيا بالإعارة، ومنهم جناح أيسر الهلال سالم الدوسري الذي شارك في مباراة فريقه فياريال أمام ريال مدريد، والذي يعتبر موهبة عربية فريدة، حسب "الفيفا". وقد لعب المباريات الثلاث في روسيا وسجل أحد الهدفين في مرمى مصر. وسلمان الفرج لاعب وسط الهلال، الذي سجل هدف الفوز على مصر من ركلة جزاء، وكان أفضل لاعب آسيوي في مونديال روسيا حسب استفتاء اتحاد الكرة في القارة الصفراء.
ويغلب على "التشكيلة الخضراء" اللون الأزرق كون معظم اللاعبين الأساسيين ينتمون إلى نادي الهلال، ومنهم الحارس محمد العويس الذي خاض 15 مباراة في تصفيات المونديال، خرج في 10 منها بشباك نظيفة. وهذا رقم مذهل على المستويات كافة، ولعب مباراة واحدة في مونديال روسيا. وأمام الحارس المدافع ياسر الشهراني الذي لا يغيب عن المناسبات الكبرى، وكان من أهم العناصر التي أسهمت في التأهل لمونديال قطر. وهو أهم لاعب دفاع في السنوات الأخيرة.
ومن المهاجمين صالح الشهري الذي انتقل بالإعارة إلى بيرامار البرتغالي عام 2012 لسنة ونصف السنة، وهو صاحب أوّل هدف سعودي في الدوري الأوروبي. كما أنه صاحب أسرع هدف في مرمى فيتوريا غيماريش في الدقيقة الثانية، وكان من أبرز التشكيلة التي أهلت السعودية لمونديال قطر.

المنتخب السعودي يعتبر أرض قطر ملعبه، فجمهوره سيملأ المدرجات بالطبع. وهذا ما تعززه حركة بيع التذاكر وحركة الطيران في فترة المونديال بين السعودية وقطر، وغالباً ما تأهل الفريق الأخضر لبطولات إقليمية من أرض الفريق العنابي. ولكن هل الخير يأتي من مجموعة ثالثة صعبة بمواجهة أرجنتين ميسي وبولندا روبرت ليفاندوفسكي والمكسيك؟