الأربعاء 2022/07/27

آخر تحديث: 14:04 (بيروت)

رشميا كانت توزّع الكهرباء للشوف وعالية: من "صادر" مولّداتها؟

الأربعاء 2022/07/27
رشميا كانت توزّع الكهرباء للشوف وعالية: من "صادر" مولّداتها؟
يؤمن معمل رشميا المائي التغذية لنحو 17 قرية بقضائي الشوف وعاليه بغضون ستة أشهر (المدن)
increase حجم الخط decrease
من مفارقات لبنان أن تصبح غالبية سكان قرية رشميا، في قضاء عاليه، بلا كهرباء، بعدما أقدمت البلدية على قطع الاشتراكات عن 80 نزلاً، فيما كان معمل الكهرباء بالطاقة المائية فيها يوزع الكهرباء على قضائي عاليه والشوف، وصولاً إلى بعبدا. والحال فإن هذه القرية التي سيغذي معملها المائي نحو 17 قرية، بعد إعادة تأهيله، التي تنطلق غداً بهبة من USAID، تعيش في الظلام منذ نحو عشرة أيام، بسبب خلافات حول كيفية إدارة مولدات الكهرباء، التي تعود ملكيتها للسكان.

رفض تسعيرة العدادات
وفي التفاصيل، يوجد في رشميا مولدا كهرباء قدما كهبة لخدمة السكان في العام 2012. ورغم وجود خلافات سابقة حول كيفية إدارة المولدات، إلا أن معضلة السكان مع اللجنة، التي تدير المولدات، بدأت مع انفجار أزمة الكهرباء في لبنان وغلاء المازوت. 

حيال ارتفاع فاتورة الكهرباء طالب العديد من سكان القرية تركيب العدادات لإنصافهم. وعملاً بقرار وزارة الطاقة تم تركيب عدادات لنحو 80 مشتركاً من أصل نحو مئتي منزل، في شهر تشرين الفائت. لكن مع استمرار غلاء المازوت بدأت لجنة المولدات تشكو من تراجع المردود المالي. وعملت على رفع الاشتراكات. ووصل الأمر مؤخراً إلى إلزام جميع المشتركين أصحاب العدادات بدفع كوتا شهرية بقيمة 80 كيلووات، حتى لو لم يصرف المشترك هذه الكمية. 

احتج المشتركون على هذا القرار معتبرين أنه جائر ورفضوا الالتزام به. لذا أقدمت اللجنة على قطع الكهرباء لمدة أسبوع عن القرية كلها لإرغام المشتركين بالعدادات على القبول بالكوتا. استمر المشتركون على رفضهم وانتهى الأمر بقطع التيار الكهربائي عن 80 مشتركاً ركبوا العدادات، بعد الاستعانة بقوى الأمن الداخلي وشرطة البلدية. وما زال السكان بلا كهرباء منذ نحو عشرة أيام، كما شكا بعضهم لـ"المدن".

لا شفافية في الإدارة
مصادر مطلعة على الخلافات داخل بلدية رشميا، شرحت لـ"المدن" أن الخلافات في القرية على مولدات الكهرباء تعود إلى العام 2012، عندما قدمت مؤسسة الوليد بن طلال مولداً بقيمة 25 ألف دولار، ومؤسسة بشارة الخوري مولداً ثانياً بقيمة 15 ألف دولار. شكلت حينها لجنة لإدارة المولدات وتوزيع الكهرباء على السكان، ولم يرض على تشكيلها أعضاء كثر في البلدية، ما أدى لاحقاً إلى استقالة البلدية. فقد كانت اللجنة بلا رئيس وأميني السر والصندوق. وحصلت مشاكل في البلدية حول هذه اللجنة، نظراً لعدم وجود شفافية مالية تمكّن السكان من الاطلاع على المداخيل والإنفاق.

ورغم هذه الخلافات، بقيت اللجنة عينها بعد الانتخابات البلدية في العام 2016. وعاد وانفجر الخلاف منذ نحو ستة أشهر، عندما وضع رئيس البلدية منصور مبارك في ساحة القرية إعلاناً يقول فيه أن ملكية مولدات الكهرباء تعود للجنة وليس للبلدية. أي باتت ملكاً خاصاً وليست ملكاً أهالي القرية. وتقدم بعض السكان بإخبار للنيابة العامة المالية حول وجود تلاعب بالكشوفات. لكن الملف وضع بالأدراج، كما تؤكد المصادر. ولفتت إلى أن الأمر وصل مؤخراً إلى قطع التيار الكهربائي عن 80 مشتركاً يصرون على الالتزام بالقانون ودفع الفواتير حسب تسعيرة وزارة الطاقة، ووفق مصروفهم على العدادات، ويطالبون بالشفافية المالية.

قطع التيار عن الجميع
وتضيف المصادر أن ثلاثة أعضاء حاليين في البلدية رفعوا كتاباً، طالبوا فيه بتغيير أعضاء لجنة إدارة المولدات، التي تدعي أنها وقعت بخسارة، وباتت غير قادرة على تأمين الكهرباء من دون اللجوء إلى فرض كوتا شهرية على المشتركين. وطالب أعضاء البلدية بوضع لائحة بجميع المشتركين لمعرفة عددهم، وإصدار تقرير مالي شهري يبين المداخيل والمصاريف. لكن رئيس البلدية رفض بحث الكتاب أو وضعه على جدول أعمال المجلس البلدي.

رئيس البلدية مبارك أكد لـ"المدن" أنه تعاون مع الأعضاء المعترضين وطلب منهم تشكيل لجنة لتسلم المولدات لكنهم رفضوا. ولفت إلى أن قرار الكوتا الشهرية أتى جراء تراجع المداخيل، الذي أدى إلى استحالة تأمين الكهرباء لسكان القرية في ظل ارتفاع سعر المازوت.

وأشار إلى أن قرار قطع الكهرباء لم يشمل القاطنين بالقرية بل الذين يسكنون في بيروت ويصرون على الدفع بموجب عداداتهم، وهذا من شأنه قطع التيار عن كل السكان جراء تركم الخسائر. فقد لجأت لجنة المولدات إلى خيار تشغيل مولد واحد لخدمة القاطنين.

استمرار الخلافات
وأكد مبارك أن الملف الذي قدم للنيابة العامة فارغ المضمون، وقد خضع للتحقيق وقدم كل الملفات المطلوبة، مشيراً إلى أنه يعمل على حل مستدام من خلال تقديم كشوفات شهرية بالمصاريف لتوزيعها على المشتركين بشكل عادل.

لكن المعترضين على رئيس البلدية يعتبرون أن كل الوعود التي يطلقها مجرد كلام، وهم ماضون بملاحقته قانونياً. وأضافوا أن مبارك لجأ إلى حيلة تسليم المولدات إلى لجنة جديدة يختارها الأعضاء المعترضون نظراً للخسائر المتراكمة من ناحية، ولعدم قدرة اللجنة الجديدة على تمديد شبكات كهرباء جديدة للسكان. فقد رفضت اللجنة الحالية تسليم شبكة الكهرباء بحجة أنها ملك خاص، فيما جميع سكان القرية يعلمون أنها أتت نتيجة تبرعات ومساهمات المشتركين، كما يقولون.

تأهيل المعمل المائي
في ظل هذه الخلافات داخل البلدية لا حلول مرتقبة رغم كل الوساطات التي تحصل لإعادة الشبكة للمشتركين. ولم يعد أمام السكان إلا انتظار انتهاء أعمال تأهيل معمل قريتهم المائي.

وفي هذا السياق، شرحت المستشارة القانونية لمشروع "إنارة"، الممول من USAID، كريستينا أبي حيدر، أن إعادة التأهيل، التي تنطلق غداً الخميس في 28 تموز، ستؤمن في غضون ستة أشهر نحو 10 ميغاوات، تغذي نحو 17 قرية في قضائي الشوف وعاليه. فهذا المعمل الذي توقف عن العمل في العام 2019، يعود بدء تشغيله للعام 1932، وكان يؤمن الكهرباء للمنطقة. لكن بسبب انجراف التربية تحطمت انابيب المياه التي تدير التوربينات، وأعيد إصلاحها بطريقة مشوهة وبقي معطلاً. وتسلم مشروع "إنارة" إعادة التأهيل التي ستتم على مرحلتين. المرحلة الأولى تنتهي بغضون ستة أشهر وتؤمن 10 ميغاوات، والثانية تنتهي بعد نحو عام ونصف عام، ويصبح المعمل جاهزاً لإنتاج 13.5 ميغاوات، بكلفة تصل إلى نحو 4.5 مليون دولار. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها