الإثنين 2022/06/06

آخر تحديث: 21:04 (بيروت)

مداهمات الشراونة:انقسام العشائر بين مؤيد للجيش ومدين لحزب الله

الإثنين 2022/06/06
مداهمات الشراونة:انقسام العشائر بين مؤيد للجيش ومدين لحزب الله
تفقد قائد الجيش جوزيف عون الجرحى الذين سقطوا خلال المداهمات (مديرية التوجيه)
increase حجم الخط decrease
يشكل المشهد البعلبكي اليوم، وبعد أربعة أيام من أجواء التوتر الأمني في المدينة، خصوصًا في حيّ الشراونة، عينة لحجم التحديات التّي تعترض القوى الشّرعية في بسط سيطرتها على المنطقة. فعملية الإطباق على واحد من أبرز وأخطر تجار المخدرات في لبنان علي منذر زعيتر والملقب بـ"أبو سلّة" يوم الجمعة 3 حزيران، كشفت الغطاء عن سلسلة كاملة من التصنيع والإتجار والتصدير والتعاطي، في بؤرة خارجة عن القانون، مترامية في البقاع، وعلى مقلبيْ الحدود اللبنانية- السّورية. وبالتالي فرضت على الجيش وسائر السّكان والعائلات تحدٍّ جديد لمواجهة سطوة العشائر التّي تمدها قوى الأمر الواقع بالدعم والغطاء السّياسيّ.

الوضع الأمني
لا تزال المداهمات الأمنية التّي ينفذها الجيش اللبناني في منطقة الشروانة ببعلبك مستمرة، منذ فجر الجمعة الفائت، بحثًا عن المطلوب علي منذر زعيتر، وعن تجار المخدرات والمطلوبين، فضلاً عن المشاركين بهرب "أبو سلّة" وإطلاق النار على عناصر الجيش، مما أدى إلى استشهاد الرقيب زين العابدين شمص وجرح خمسة عناصر آخرين، أثناء المداهمة التّي نفذت في 3 حزيران الفائت، بالرغم من التصريحات الأمنية النّي اعتبرت أن الجيش لم يكن بصدد تنفيذ عملية واسعة ضدّ تجار المخدرات في شكل شامل، بل هو حصرها بعملية الإطباق على "أبو سلّة" بصفته رأس تجار المخدرات، وذلك بعد جهد استخباراتي وتحضير زمني. 

وقد أعلنت قيادة الجيش في تغريدة عبر حسابها على "تويتر" اليوم الإثنين، أنها تتابع عمليات الدهم في منطقة الشراونة – بعلبك، وأشارت إلى أن الوحدات العسكرية تقوم بدهم معمل لتصنيع المخدرات ومنزل عائد لأحد أخطر المطلوبين. كما أعلنت أنها ضبطت رمانات بندقية لقذائف "لاونشر تحمل كتابات عبرية، إضافة إلى كمية من الأسلحة الحربية والذخائر، وهي عائدة إلى أحد المطلوبين من آل زعيتر، وذلك خلال عمليات الدهم المستمرة في الشراونة.
وأشارت تقارير أمنية إلى أن دورية من الجيش اللبناني اشتبكت اليوم، مع مسلحين مطلوبين في بعلبك خلال عملية دهم، مما أدى إلى إصابة ح. ح. بجروح استدعت نقله إلى أحد مستشفيات المدينة، كما أفادت المعلومات أنّ الجيش فكك كاميرات مراقبة نصبها المطلوبون في حي الشراونة لمراقبة تحركات الجيش.

وقد امتدت العمليات والمداهمات لتشمل كل القرى التّي أغلب سكانها من آل زعيتر، كالكنيسة وجبعا وكفردان وريحا وإيعات. وكانت قوة من الجيش اللبناني أمس، قد داهمت منزل ب. ط. في بلدة القرعون في البقاع الغربي، واوقفته على خلفية عمله في مطعم في حي الشراونة في بعلبك، بحثًا عن أدلة لمعرفة مكان المطلوب "ابو سلة"، فضلاً عن  توقيف 6 لبنانيين و6 سوريين لتورط بعضهم في ​إطلاق النار​ على العسكريين بتاريخ 3/6/2022، ولكون بعضهم الآخر مطلوبًا بموجب مذكرات توقيف بسبب الإتجار بالمخدرات​".

هدم منازل؟
وعلى عكس ما يُشاع فإن وحدات الجيش بحسب ما صرحت لم تقم بهدم منازل المطلوبين، سوى منزل "أبو سلّة" ومساعديه، كما قامت بهدم المضافات "الربعات" والتّي أُعدت لبيع المخدرات ولقاء التجار. وذلك بعد محاولات نساء الشراونة بمنع جرافات الجيش من هدمها، وأطلقن الهتافات والصرخات المنددة بممارسات الجيش.
وتُشير مصادر أمنية في حيّ الشراونة لـ"المدن" أن التخطيط للإطباق على "أبو سلّة" قد بدأ منذ قرابة الشهر، عندما قام الجيش يتدمير منزل أحد القاطنين في حيّ الشراونة والمستأجر في بناية يملكها علي منذر زعيتر "أبو سلّة" والمشتبه بخطفه محاسب شركة "الصباح إخوان" صادق روللي، ما دفع أبو سلّة إلى التشهير والشتم عبر تسجيلات صوتية لقائد مخابرات الجيش في بعلبك محمد الأمين. وهذا ما دفع بمخابرات الجيش إلى التحقيق بهوية "أبو سلّة" لتظهر بعدها سلسلة من الدعاوى والمذكرات بحقه.

والمواجهة التي خاضتْها عصابة "أبو سلة"، وهو واحد من أخطر المطلوبين بمئات المذكرات، أظهرت سيطرة قوى أمر الواقع والتي تتركّز في البقع الخارجة عن سلطة الدولة في البقاع، لدرجة أن آل زعيتر حصّنوا حي الشراونة بخطوط دفاع متقدّمة، من كاميرات وأنظمة وأجهزة متطورة أتاحت لأبو سلة الإفلات من المباغتة، وتخلل المواجهات الاشتباك المباشر بين عناصر الجيش ومسلحين استُخدمت فيها أسلحة رشاشة وقنابل يدوية، واستهدفت وحدة الجيش بقذائف صاروخية ما أدى إلى الإصابات في صفوف العسكريين.

أمن توافقي برعاية حزب الله
عقب الأحداث التّي ترافقت مع عمليات دهم الجيش بحثًا عن المطلوبين، واعتراضًا من عشيرة آل زعيتر على التدابير التّي تتعرض لها البلدات ومنازل المشتبه بهم والمطلوبين وغير المعنين، زار وفد من عشائر المنطقة، وضمّ فاعليات من آل زعيتر يرأسهم الشيخ شوقي زعيتر، قريب "أبو سلّة" مكتب الوكيل الشرعي للخميني في لبنان وعضو شورى حزب الله محمد يزبك في مكتبه في بعلبك، وخرجا بتصريحين يمهلان فيه الجيش ساعة لوقف ملاحقة المطلوبين وإلا. الشيخ زعيتر رفض تسليم المطلوبين ورأى في الجيش اللبناني جيشاً غريباً. أما يزبك فقد كانت رسالته واضحة: "نشكر آل زعيتر الذين ضبطوا أنفسهم وضبطوا سلاحهم، وإذا بعد ساعة أو ساعتين لم تحل الأمور، فنحن متضامنون معكم وسنقف إلى جانبكم".

الأمر الذي أثار سخطًا واسعًا في صفوف العشائر، ومنها عشيرة آل شمص التّي لم "تبرد بعد دماء إبنها الجندي في الجيش زين العابدين شمص" مفوضةً أمرها وعدالة إبنها لقيادة الجيش. كما ظهرت بيانات لعائلات بعلبكية سنية (الصلح ورفاعي وبيان..) وشيعية وبعض العشائر كآل حمية وعلوه، مستنكرةً تخلف بعض العشائر عن القانون وانفلاتها، وداعمة الجيش ليكمل مهمته، و"ينظف" المنطقة من  المجرمين والمطلوبين الذين عاثوا بأرضها الفساد والتسيب، كما أدانت كلام يزبك الذي يغطي تاجر المخدرات حسن عباس جعفر المتهم بتهريب "أبو سلّة".

واستنكروا محاولات حزب الله إعدام العمل السّياسيّ في ظل احتكاره له في بعلبك الهرمل، ونددوا بالمصالحات والتسويات العشائرية والعائلية التّي تبرئ المجرمين وتجعل أبناءهم قيد التناسي واللاعدالة.
هذا الدعم الشعبي للجيش أثار حفيظة حزب الله الذي حاول قطع الطريق أمام الجيش في استكمال عمليته الأمنية الكبرى. وقام حزب الله بفتح معسكراته ومراكزه العسكرية مقابل بلدة جبعا، ليضمن تبعية عشيرة آل زعيتر، وخاصةً بعدما قامت برفع أعلام الولايات المتحدة الأميركية والكتائب في معقل الحزب، الضاحية الجنوبية – الليلكي منذ يومين. 

وفي حين تشير مصادر متابعة للعملية الأمنية والعسكرية "للمدن" أن ما يجري الآن من أحداث متصلة ومتنقلة بين الضاحية الجنوبية وبعلبك الهرمل، لا يبرهن سوى أن هذه العملية مخططة وليست من قبيل الصدفة. فقبل الانتخابات كان قد ارتفع صوت المطالبين بالعفو العام عن المطلوبين والطفار، ما أثار اضطرابًا واسعًا في صفوف بيئة حزب الله الحاضنة، وهذا أمر واقع ومحتوم في منطقة بعلبك الهرمل. وما انكشاف الغطاء عنهم سوى محاولة للتنازع على السّلطة. وما استهداف "أبو سلّة" سوى مصيدة لتجريد الجيش من احتمال سيطرته على حيّ الشراونة، وتجييش العشائر ضدّه، وخروجه خالي الوفاض من معقل تجار المخدرات والمطلوبين. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها