الثلاثاء 2022/06/28

آخر تحديث: 12:55 (بيروت)

التمييز الجندري يستبعد النساء من المساعدات وخطط التعافي

الثلاثاء 2022/06/28
التمييز الجندري يستبعد النساء من المساعدات وخطط التعافي
صُنف لبنان كأحد أسوأ بلدان عشرة في أوضاع نسائه (Getty)
increase حجم الخط decrease
سنة بعد سنة، تتعزز الفروق الجندرية في المجتمع اللبناني، وتصبح النساء الفئة الأقل حظًا والأكثر تهميشًا خلال الأزمات والحروب. وحسب المؤشر العالمي للفجوة الجندرية عام 2018، صُنّف لبنان كأحد أسوأ عشرة بلدان في أوضاع نسائه، ونال المرتبة 135 بين 144 دولة. لذا، أطلقت منظمة "سيدس" بالتعاون مع فرع الدعم التقني في هيئة الأمم المتحدة للنساء وبتمويل من الدولة الألمانية، مساء الإثنين 27 حزيران، دراسةً حول خطوات عملية لتعزيز المساواة الجندرية وجهود التعافي، تعويضًا عن غياب الدولة اللبنانية، بحضور السفير الألماني أندرياس كيندل والنائبة نجاة صليبا وفعاليات من المجتمع المدني والإعلام.

نساء مهمشات
أظهر التحليل الجندري بعد انفجار مرفأ بيروت في آب عام 2020، أن 51 في المئة من السكان المتضررين ينتمون لأسر تعيلها نساء. ما يعني أن المرأة هي الضحية الكبرى لهذه الأزمة. وهو ما أدى إلى تفاقم مشاكل النساء واختلافها بين امرأة وأخرى، فتنوعت الاحتياجات واختلفت حسب الظروف المعيشية، الاقتصادية والاجتماعية والصحية. وتعددت احتياجات النساء، الحوامل والعاملات والمسنات والمعوقات واللاجئات ومجتمع الميم. وهذا على الرغم من نضالهن المستمر للحصول على حقوقهن في ظل قلة التشريعات التي أقرها مجلس النواب للمساواة بين الجنسين والحد من التفاوت والتمييز على المستويات كافة في النظام الأبوي والذكوري.

بعد انفجار آب، قدمت الجهات المانحة من خارج لبنان مساعدات بقيمة مليار دولار أميركي، هدفها مساعدة المتضررين/ات. وحيال غياب الدولة وعدم ثقة المانحين بالحكومة المتهمة بالفساد، سارعت منظمات المجتمع المدني إلى تلقي هذه المساعدات وتوزيعها. وعلى الرغم من كل المطالبات في تبني خطط التعافي من منظور جندري لناحية وجود النساء في صناعة القرار، والنظر إلى احتياجاتهن، فإن توزيع هذه المساعدات أظهر أن المرأة لم تكن على قائمة الدولة.

ما هي خطة التعافي؟
تحث الدراسة على تنفيذ خطة التعافي لتلبية احتياجات النساء كافةً، وذلك عبر تسليط الضوء على الممارسات والقوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة، والضغط على كل الجهات المعنية لتعديلها. إلى جانب إعطاء أولوية للنوع الاجتماعي، نظرًا لاحتياجات النساء الأكثر ضعفًا. وكذلك اعتماد منهج تعاوني مع الأطراف المعنية للتخطيط والتنفيذ والتقييم، وتطبيق نظام واضح لرصد توزيع المساعدات وتقييم نتائجها، وممارسة الشفافية، وتكريس حق الوصول إلى البيانات الشخصية، ووضع خطة عمل تضمن أفضل الممارسات وتعزز آليات التنسيق بين المانحين والمنظمات غير الحكومية. وأخيرًا توحيد الجهود للضغط على الحكومة للمساواة الجندرية وتمثيل النساء المهمشات.  

لائحة المطالب النسوية
أكدت منسقة منصة المجتمع المدني النسوي، لارا سعادة، أن الدولة وضعت الخطة الوطنية لإنجاز القرار 1325 الهادف إلى زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على كافة المستويات، وحماية حقوقها في النزاعات. لكن الخطة الوطنية لم تكن جاهزة للتنفيذ بعد انفجار آب. لذا، قدمت منصة المجتمع المدني النسوي التي تضم 52 جمعية ومجموعة من الناشطين/ات النسويين/ات، لائحة مطالب نسوية واعتماد خطة وطنية أخرى.

ومن أبرز هذه المطالب تفعيل تقييم الاحتياجات والأولويات المبنية على مقاربة النوع الاجتماعي، وضمان تمثيل العنصر النسائي في كل المشاريع، وتأمين أمن النساء الغذائي ومأواهن وسبل عيشهن الكريم، إلى جانب إبعادهن عن التعرض للعنف وتأمين الحماية لهن، والتشديد على حصولهن على الرعاية الصحية والإنجابية وحقوقهن كافة.

دول مانحة وحكومة غائبة
بيّنت المساعدات العينية أن الدولة اللبنانية غائبة بسبب أزمة الثقة التي نشأت بين الدولة والمواطن، إضافة إلى المظاهرات التي حصلت آنذاك. والحكومة اليوم  في حال تصريف أعمال. لذا، ظهر أن الدولة لا تملك الإمكانيات والموارد الكافية. من جهة أخرى، طالب اللبنانيون الجهات المانحة للمساعدات، بعدم تقديمها للدولة اللبنانية بسبب سلوكها الذي لا يعبأ بمطالب المواطنين وفقدان الثقة بها، وعدم  استجابتها مطلب الكوتا النسائي والتقاعس عن إقراره.   

من جهة أخرى، أثبتت الدول المانحة والمجتمع الدولي، أنهما على قدر كاف من المسؤولية. وقد تواصل أعضاء المنصة المدنية النسوية مع الجهات المانحة والدولة الكندية والاتحاد الأوروبي، ومع الجهات التي وضعت خطط الاستجابة خلال الأزمات. فعرفوا الاحتياجات المطلوبة وتبنوها وشاركوها مع عدد كبير من الجمعيات غير الحكومية، للعمل على تنفيذها وتحقيقها.

شهادة متضررات
ومن خلال استطلاع رأي النساء المتضررات من انفجار آب، في مناطق الكرنتينا، مار مخايل، الجميزة، وبرج حمود، أكدت مجموعة من النساء أنهن حاولن التواصل كثيرًا مع مؤسسات الدولة لمساعدتهن بعد الانفجار، لتأمين احتياجاتهن، وإصلاح الأضرار في بيوتهن. لكن هذه المؤسسات كانت تعدهن بالمساعدة ولم تنفذ أياً من وعودها. ثم حاولن التواصل مع جمعيات أخرى، إلا أن المساعدات لم توزع بطرق عادلة ولم تلبّ احتياجاتهن.

وتشير إحدى النساء التي تقطن في شارع الجميزة، وهي أرملة في العقد السادس، إلى أنها قدمت كل معلوماتها الشخصية المطلوبة للحصول على المساعدة المالية من الجمعيات المانحة. وقدم أخوها وعائلته معلوماته الشخصية أيضًا. لكن المفاجأة كانت حصول أخيها وعائلته على المساعدة المادية، فيما لم تتلق هي أي مبلغ مادي. وهنا يظهر التفاوت الجندري الذي حصل خلال أزمة انفجار آب.

الجهات الداعمة
وفي حديث "المدن" مع النائبة نجاة صليبا، أكدت أن حقوق المرأة وحقوق الإنسان هي من أولوياتها داخل البرلمان اللبناني. وستثبت دورها الفعال في لجان حقوق الإنسان لتفعيل كل القوانين التي تحمي النساء والأطفال. وأشارت إلى أنها ستتعاون مع كل الجهات المعنية والداعمة لحقوق النساء لتحقيق الأهداف المرجوة. لاسيما أنها ستسعى إلى إيصال صوت النساء داخل البرلمان اللبناني، لتشريع كل القوانين التي تصب في مصلحتهن.

وأوضحت الأستاذة في كلية التمريض في الجامعة الأميركية في بيروت، نهاد ضومط، في حديثها إلى "المدن" أن ثمة أهدافاً أساسية يجب البدء بها، وهي إشراك النساء من فئات المجتمع كافة في الدراسات. وذلك لمعرفة احتياجاتهن. وتقع المسؤولية على كل مؤسسات الدولة والمجتمع المدني وأفراد المجتمع بلا استثناء. ولفتت ضومط إلى ضرورة تعلم النساء لمواجهة المجتمع وتحقيق مطالبهن ومشاركتهن في صناعة القرار. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها