الإثنين 2022/05/23

آخر تحديث: 21:42 (بيروت)

سقوط جدار العار: "فتح" مجلس النواب.. تحرير ساحة النجمة

الإثنين 2022/05/23
increase حجم الخط decrease

بعد نحو عامين ونيف، أسقط نواب القوى التغييرية "جدار العار" في ساحة النجمة. وهو الجدار الإسمنتي الذي وضعته السلطة حول مبنى مجلس النواب وساحة النجمة، خلال احتجاجات 17 تشرين 2019، وذلك بعد أن حاول الثوار اقتحام المجلس لعدة مرات لإسقاطه، فيما تصدّى لهم "حرس المجلس" بعنف شديد وبالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحيّ لمنعهم من العبور.

سنعبر..
منذ الأسبوع الماضي، رفع الناشطون اللبنانيون شعارهم الثوري "سنعبر". وقد جاء هذا الشعار بعد إعلان فوز 14 مرشحاً من القوى التغييرية في الانتخابات النيابية، شارك معظمهم في ثورة 17 تشرين. فاحتفل الثوار بهذا الانتصار، وأكدوا للسلطة الفاسدة والظالمة أن ثورة تشرين أنجبت نواباً سيرفعون صوتهم في البرلمان اللبناني وسيعبرون هذا الجدار، وسيفتحون أبواب المجلس لمن يمثّل ساحات الغضب.  

إزالة جدار العار
أمام الجدار الإسمنتي الطويل، وإلى جانب الرافعة الحديدية الضخمة، تجمع عشرات اللبنانيين اليوم، لمشاهدة هذا المشهد الذي انتظروه منذ عامين. وذلك بعد أن نشر المرشح الفائز، النائب الياس جرادي صباح الاثنين، تغريدة على تويتر قائلاً فيها "إنه بيت الشعب، فلا أسوار تعلو بين نواب الأمة والمواطنين. قبل دعوة النواب إلى أي جلسة، يجب إزالة جميع السواتر والحواجز التي تعيق دخول الناس إلى ساحة النجمة". وقد أتت هذه التغريدة تأكيداً منه على ضرورة إزالة العوائق الموجودة بين الناس والمجلس على اعتبار أن المجلس هو بيت اللبنانيين.

حوالى الخامسة بعد ظهر الاثنين، وبقرار من وزارة الداخلية، بدأت الرافعة بإزالة الجدار الإسمنتي الأول، بحضور وزير الداخلية بسام المولوي، فارتفع تصفيق الناشطين والمواطنين الحاضرين، وترددت الهتافات لساعة كاملة من دون كلل أو ملل، فوقفوا على "البلوكات" الإسمنتية الموزعة على طول الشارع، والتقطوا الصور بالقرب من القوى الأمنية التي لطالما منعتهم من الاقتراب من هذه النقطة الحساسة.

فرحة الثوار
وعند إزالة أول جدار، اقترب اللبنانيون لمشاهدة ساحة النجمة عن قرب، وذلك بعد أن حرموا لأكثر من عامين من رؤيتها أو الولوج إليها. إذ منذ البداية، وضعت الدولة الحواجز معلنةً فصل الدولة عن الشعب. وأثناء محاولة الثوار اجتياز هذه الحواجز، قام حرس المجلس برميهم بالرصاص المطاطي والحيّ، والذي أدى إلى فقدان أعين بعض الشبان. سلسلة من الصدامات العنيفة ومحاولات الاقتحام أسست لضغينة خاصة بين أهل الانتفاضة و"حرس المجلس" الذي تعمّد إبداء فائض القوة والشراسة المؤذية بالتعامل مع المتظاهرين. وتعبيراً عن فرحتهم بهذا القرار، تقصد اللبنانيون اليوم، التقاط الصور بالقرب من القوى الأمنية الموجودة، حيث تواجد عشرات العناصر من حرس المجلس النيابي إضافة إلى جنود الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، وتجمعوا أمام مدخل الجدار لمنع المواطنين من الاقتراب.

بعد ظهر اليوم الاثنين، حضر نواب القوى التغييرية إلى ساحة النجمة. النائب مارك ضو، والنائبة نجاة صليبا، تجولا بين الحواجز والأسلاك الشائكة والجدران الإسمنتية العالية التي وضعتها السلطة سابقاً، وأشرفا على عملية إزالتها.

أما النائب ياسين ياسين، فبقي حوالى الساعتين يراقب إزالة كل الحواجز، وتكلم عن ضرورة هذه الخطوة قبل توجههم إلى المجلس النيابي. وبرفقة الشابات والشبان تقدموا نحو الجدار الإسمنتي ورددوا عباراتهم التي رفعوها سابقاً أمام هذا الحاجز الباهت: "يسقط يسقط حكم الأزعر، نحن الشعب الخط الأحمر".

النائب الجريح
واحتل عجوز حاملاً العلم اللبناني هذا الحدث، الذي عبر لـ"المدن" عن فرحته الكبيرة، وهو ابن الأشرفية الذي نزل إلى الشارع منذ عامين، وشارك بكل التظاهرات التي حصلت في بيروت، وكان شاهداً على وضع الجدار الإسمنتي أمام عينيه. ومع قدوم الانتخابات، أدلى بصوته للمعارضة، وأكد أنها المرة الأولى التي يسعد بهذه النتيجة التي تمثل الشعب اللبناني.

وعبّر بعض الثوار أمام هذا الحدث عن افتقادهم بهذه اللحظة للنائب المنتخب فراس حمدان، وتمنوا حضوره اليوم معهم، وهو ابن الثورة الذي استطاع أن يعبر هذا الجدار ويدخل المجلس النيابي، بعد أن تعرض لرصاص حرس المجلس أثناء مشاركته في الثورة. إذ نشرت صورته حينها في كل وسائل التواصل الاجتماعي مطروحاً على الأرض بسبب الرصاص الذي أصاب صدره وخضع لعملية جراحية أنقذت حياته حينها.

ثمار 2019
لم يعط الثوار اليوم فرحتهم لأحد، حتى أنهم بعد انتهاء الرافعة من إزالة الجدارين، وخروجها من الشارع كلياً، أصروا على البقاء، مرددين العبارات الثورية، مؤكدين أنهم اليوم يحصدون رمزياً ما زرعوه في عام 2020.

فلهذا المكان رمزية كبيرة في نفوس اللبنانيين. فأمام هذه الساحة، فقدوا أعين رفاقهم وأصدقائهم برصاص حرس المجلس، وأمام هذا المجلس تفننت السلطة بكل وسائل القمع والبطش والتنكيل. واليوم، هذه السلطة تنحني أمام حقيقة انتصار أبناء 17 تشرين و"فتحهم" للبرلمان وتحرير ساحة النجمة. وتأكد اللبنانيون اليوم أن التغيير آتٍ لا محالة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها