الأحد 2022/05/15

آخر تحديث: 12:13 (بيروت)

صبيحة الأحد ببيروت الثانية: انتخابات نسائية وعاميّة

الأحد 2022/05/15
increase حجم الخط decrease
نهار الأحد الانتخابي في بعض شوارع بيروت افتُتِح نهار السبت. على ناصية شارع قريب من جامعة بيروت العربية في الطريق الجديدة، تجمع صبيحة السبت شبان الحي حيث تعودوا الجلوس وتدخين النراجيل، أمام محل لبيع الدراجات النارية، صاحبه يملك مولد كهرباء في موقف السيارات القريب. وكانت رافعة تعلق تجهيزات الإنارة بالطاقة الشمسية على أعمدة الإنارة العامة في الشارع. ويسهل عمل الرافعة جمع من الشبان. أحدهم قال أنها تقدمة سعد الحريري، وقال آخر إنها تقدمة فؤاد مخزومي. وصبيحة الأحد الانتخابي وضع شبان أمام المحل إياه طاولة بلاستيكية بيضاء تتدلى منها صور مرشحي لائحة "بيروت تواجه". وفي السنوات السابقة كان صاحب محل الدراجات النارية والشبان الذين يجلسون ويسهرون أمامه في مناسبات كثيرة من أنصار تيار المستقبل.

مساء السبت الذي سبق النهار الانتخابي، كانت الكراسي البلاستيكية مصطفة على الرصيف أمام مقهى اسمه شاي ونعنع قريب من محل الدراجات. شبان ورجال جالسون على الكراسي متحلقين حول رجل يرتدي بذلة لامعة القماش وربطة عنق، ويشبه مرشحًا في صورة إحدى لوائح المرشحين المنصوبة في الحي. كان رجل البذلة اللامعة يحدق ببعض الشبان المتحلقين حوله. وبعد دقائق غادر الحلقة ومشى وحده منطلقًا في الشارع المضاء بتجهيزات الطاقة الشمسية، التي علقت على أعمدة الإنارة الجديدة في بعض شوارع الطريق الجديدة وكورنيش المزرعة.

وكان سبت بيروت الغربية انتخابيًا في قلة السيارات العابرة في الشوارع وكثرة دوريات الجيش بآلياته، وتوزعه على المراكز الانتخابية في المدارس الرسمية. وعصر السبت كانت أعلام حركة أمل وحزب الله قد نصبت كثيفة وترفرف أمام حسينية زقاق البلاط، وفي المضافة القريبة منها تحت شجرة معمرة تظلل المقهى المرتجل منذ سنوات.

الانتخابات عمل نسائي
في السادسة والنصف من صبيحة الأحد الانتخابي في الطريق الجديدة، كان مطر خفيف ينهمر موحلًا قليلًا على العاملين في الماكنات الانتخابية قرب مراكز الاقتراع وقربها: ثانوية عمر فروخ قرب جامعة بيروت العربية، مدرسة عمر الزعني ومحمد شامل في محلة أبو شاكر. في موقف سيارات قريب خلف محطة الكولا نصبت خيمة حمراء للائحة "بيروت بدها قلب" المخزومية. قربها مدرسة جديدة للجماعة الإسلامية افتتحت قبل سنة، وعلقت على جدارها صورة عملاقة لمرشح الجماعة عماد الحوت. في ملعب المدرسة يحتشد العاملون في ماكينة الجماعة الانتخابية ولائحة "هيدي بيروت".

حلقات من أنصار جمعية المشاريع (الأحباش) تتكاثر أمام ثانوية عمر فروخ. معظمهم من الفتيات والنساء ترتدين قمصانًا صفراء مطبوع عليها اسم الجمعية. والحق أن الجولة الصباحية في أحياء بيروت الغربية (الدائرة الثانية) وعلى مراكز الاقتراع فيها بينت كثافة أنصار الجمعية وتفوق حضورهم على سواهم من الماكينات الانتخابية.

في الثامنة والنصف زحمة سير على الأتوستراد المؤدي إلى المدينة الرياضية. السيارات مصطفة على جانبي الأتوستراد. ويغادرها ركابها متوجهين إلى ثانوية عمر فروخ. قرب ثانوية رينه معوض بين تلة الخياط وعائشة بكار وفردان أكثر من أربع سيارات دفع رباعي جديدة كأنها خرجت لتوها من الشركة، ومزينة بصور حسن نصرالله وشعار نحمي ونبني وأعلام حزب الله. وعلى ناصية أخرى من الشارع فتيات ونساء "مشاريعيات" يأكلن المناقيش. وهناك مناقيش أخرى كانت موضبة بصناديق كرتون في موقف سيارات فسيح اتخذته لائحة "بيروت تواجه" مقرًا رئيسيًا في قريطم. وهنا أيضًا معظم العاملين في الماكينة الانتخابية من النساء والفتيات. وحتى المصطفون أمام مداخل المراكز الانتخابية في أبو شاكر وسائر أحياء الطريق الجديدة، أغلبيتهم الساحقة من النساء. وأمام مدرسة عمر الزعني راح رجل أمن ينادي الرجال الراغبين في الدخول إلى المركز، لإدخالهم من البوابة المخصصة لهم، فلا يتقدم منه أحد. هذا فيما تصطف النسوة بكثافة أمام البوابة المخصصة لهن. وفي داخل المركز كانت الكثافة النسائية مهيمنة على المقترعين في قاعات المدرسة وفي خيم نصبها الصليب الأحمر في ملعبها. وقد يكون تبكير النساء والفتيات في المجيء إلى مراكز الاقتراع سببه الانتهاء من هذه المهمة للعودة إلى بيوتهن باكرًا لإنجاز الأعمال المنزلية والطبخ.

وهذا ما يشي بأن العمل الانتخابي، الصباحي أقله، تُرك للنساء اقتراعًا، وعملًا في الماكينات الانتخابة طوال النهار.

انتخابات مسنين بفردان
في الأحياء البيروتية الأخرى، فردان، ساقية الجنزير، ورأس بيروت، كان الصباح الأحدي هادئًا جدًا: قلة قلية من المقترعين. ومعظمهم من المسنين والمسنات المتوكئ بعضهم على عصي في دخولهم إلى كلية خديجة الكبرى المقاصدية في فردان قبالة بيت الطائفة الدرزية. يندر بينهم الشبان والشابات، أي أبناء المسنين القليلين وبناتهم المهاجرين/ات التاركين أهلهم في البلاد المنكوبة، وجاؤوا يأدون "واجبهم الوطني الانتخابي" صبيحة الأحد. ولم يخلو المشهد الصباحي في باحة الكلية المقاصدية من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أُتي بهم للإدلاء بأصواتهم.

وشارع الصيداني برأس بيروت، كان خاليًا تقريبًا إلا من عاملين في الماكينة الانتخابية للمشاريعيين النساء والفتيات، وشبان ماكينة "نحمي ونبني" ورجالها. أمام ثانوية رأس بيروت التي اتخذت مركزًا انتخابيًا في الشارع عينه، لا يقف سوى مجموعة من الجنود ورجال الأمن. وفي الداخل قلة من المقترعين يغلب بينهم النساء المسنات. وفي أروقة المركز- المدرسة بدا العاملون في الماكينات الانتخابية (قلة "بيروت بدها قلب"، كثرة من "نحمي ونبني" و"المشاريع") أكثر عددًا من القادمين للاقتراع.

شبان ورجال جسورون
وفي زقاق البلاط، حي المدارس التاريخية العريقة في بيروت ولبنان، بكرت مشاهد النهار الانتخابي الأحدي في ظهورها. فمساء السبت أقيم في المدرسة المعنية في محلة كركول الدروز لقاء انتخابي. وصبيحة الأحد كان يتحلق أمام مدخل المدسة قلة من المقترعين. لكن كثافتهم بدت لافتة أمام مدرسة ليسه عبد القادر، التي انتقلت من مبناها التراثي إلى مبنى وظائفي حديث، غير بعيد من ألاول. حشود من الرجال والشبان أمام المدرسة في التاسعة صباحًا. وبعد قليل راحوا يهتفون للائحة "نحمي ونبني" ولحسن نصرالله، ويلوحون بقبضاتهم.

لا يزال النهار الانتخابي في بدايته. وفي صبيحته يمكن القول إن الانتخابات تبدو عملًا نسائيًا في أحياء بيروت التقليدية الشعبية. وعمل مسنين قليلين في أحيائها للفئات الوسطى والميسورة، في معايير ما قبل الكارثة الاقتصادية. وعمل رجال وشبان جسورين في الأحياء الشعبية للائحة نحمي ونبني.

امرأة الدعاية التلفزيونية
والمرأة التي كانت تقف وحدها في حوالى التاسعة صباحًا على مدخل بناية فوق جسر سليم سلام، بدت كأنها تشبه تلك المرأة البيروتية في دعاية انتخابية تلفزيونية: امرأة الدعاية الستينية خرجت من بيتها صباحًا، مكفهرة ومتغضنة الوجه، وأدلت بصوتها الانتخابي، وعادت إلى بيتها وحيدة واتصلت هاتفيًا بأولادها المهاجرين وقالت لهم: اليوم انتخبت من شان ترجعوا.

وأنا راوي مشاهد صبيحة الأحد الانتخابي، تهيأ لي أن الانتخابات هذه عمل نسائي أكثر منه رجاليًا في بيروت التقليدية، وعمل شعبي أو عامي، فيما الفئات غير الشعبية والنخبوية منها منصرفة عن هذا العمل للمراقبة أو الانتظار.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها