الإثنين 2022/04/25

آخر تحديث: 15:21 (بيروت)

طرابلس "الغريقة" تشيّع ضحاياها: رصاص بالهواء ونار بالقلوب

الإثنين 2022/04/25
طرابلس "الغريقة" تشيّع ضحاياها: رصاص بالهواء ونار بالقلوب
أكثر من 30 مفقوداً لم يعرف مصيرهم بعد (المدن)
increase حجم الخط decrease

عاشت طرابلس ساعات من التوتر الأمني طوال يوم الأحد، توازيًا مع استمرار عمليات البحث عن جثامين ضحايا "قارب الموت"، ثم سرعان ما عاد الهدوء الحذر إلى طرابلس، منذ صباح الاثنين، وخرقه لاحقًا رصاص كثيف بالهواء، أثناء التشييع في باب التبانة. 

عند دوار أبو علي قرب مسجد التقوى، تجمهر مئات المواطنين من أهالي باب التبانة ومحيطها، وخيم عليهم الحزن والغضب ومآثر الفاجعة، أثناء مراسم تشييع بعض ضحايا القارب، ويعود أحدها إلى الطفلة تالين الحموي، التي حملها والدها وسط الجموع، قبل نقلها إلى مثواها الأخير. فيما جرى تشييع جثمانيين آخرين، أحدهما لوالدة تالين التي قضت معها، وطفل آخر من آل الدندشي.  

وعند أطراف الدوار، فرض الجيش اللبناني تعزيزاته الأمنية، ثم عاد الهدوء الحذر إلى المنطقة، بعد ساعات من إطلاق الرصاص الكثيف.  

آخر التطورات
أمام بوابة مرفأ طرابلس، صباح الاثنين، كان يقف أحد ذوي الضحايا من آل الدندشي، وهو ينتظر خبرًا عن 9 جثامين لأفراد عائلته، بينهم شقيقته وطفليها. يحمّل الرجل السلطات ومؤسسة الجيش مسؤولية هذه المأساة، قائلًا لـ"المدن": "لو أحسن خفر السواحل التصرف مع القارب لإقناعه بالعودة، لما كنا اليوم ننتظر جثامين أبنائنا وربما أشلاءهم".  

ومثل هذا الرجل، ثمة أسر كثيرة في طرابلس ما زالت تنتظر مصير أبنائها، بعد أن فقدوا الأمل ببقائهم أحياء.  

واقع الحال، كادت تأخذ الأمور في طرابلس طوال يوم الأحد منحىً صداميًا بين ذوي الضحايا وشريحة من أهالي المدينة من جهة، والجيش والقوى الأمنية من جهة ثانية، قبل ضبط الوضع. فيما سعى كثيرون إلى الاستثمار بمأساة الضحايا، لا سيما أن المؤتمر الصحافي الذي عقده الجيش يوم أمس، وتحدث فيه عن مناورة مركب خفر السواحل، عزز رواية الناجين الذين اتهموا خفر السواحل بالتسبب بغرقهم. ومع ذلك، تصاعدت التحذيرات من خطر إقحام طرابلس مجددًا بلعبة في الأمن ووضع أهل المدينة بوجه الجيش، خصوصًا أن التجارب الماضية والتاريخية، كفيلة وحدها بالتأكيد على مخاطر ذلك. وحين يتحول اشتباك بعض الجهات السياسية مع المؤسسة العسكرية إلى طرابلس، لا يدفع فيه الثمن إلا طرابلس، لأنه سرعان ما يتطور إلى توصيف الصراع وكأنه بين الأمن ومجموعة من المتطرفين.  

في هذا السياق، غردت قيادة الجيش على تويتر قائلة إنها تواصل عمليات البحث والإنقاذ التي ينفذها الجيش، برًا وبحرًا وجوًا بعد غرق المركب، الذي كان على متنه عشرات الأشخاص، قبالة شواطىء طرابلس.  

وقائع وأرقام 
وتظهر الوقائع أن القارب كان على متنه ما لا يقل عن 84 فردًا وليس 60، وهو ما أكدته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان. إذ أعلنت في بيان مشترك مع المنظمة الدولية للهجرة، أن القارب كان على متنة ما لا يقل عن 84 شخصًا.  

وحسب بيان المفوضية، تم إنقاذ 45 شخصًا حتى الآن، وتم تأكيد وفاة 6 أشخاص من بينهم طفل يبلغ من العمر 40 يوماً.  

في حين، لا يزال العديد من المفقودين، وهم أكثر من 30 شخصًا، في عرض البحر، بينهم أطفال ونساء ورجال وكبار بالسن. وحتى الآن، رصدت "المدن" وجود سوريين وفلسطينيين بينهم، فيما معظمهم من اللبنانيين، وتحديدًا من منطقة القبة وباب التبانة، إلى جانب آخرين من الزاهرية والميناء وغيرها من المناطق.    

وفي السياق، قال ممثل مفوضية اللاجئين في لبنان، أياكي إيتو: "يُسلّط هذا الحادث المأساوي الضوء على المخاطر الصادمة التي يلجأ إليها الكثيرون بدافع اليأس. تحطم القوارب وغرقها، والوفيات المأساوية والمعاناة التي تسببها أمر يمكن تفاديه، وذلك من خلال حشد الدعم الدولي المستمر لمساعدة لبنان، خصوصاً مع تدهور الظروف المعيشيّة للاجئين واللبنانيّين على حدّ سواء".  

كذلك، صرح رئيس المنظمة الدولية للهجرة في لبنان، ماتيو لوتشيانو: "تسببت الأزمة الاقتصادية في لبنان بواحدة من أكبر موجات الهجرة في تاريخ البلد. تدفع الظروف الاقتصادية اليائسة المتزايدة، بعدد متزايد من الأفراد في لبنان إلى المغادرة بطرق غير آمنة. هناك حاجة ماسة إلى بدائل آمنة وقانونية للهجرة غير النظامية، كما إلى دعم سبل العيش وتحسين الوصول إلى الخدمات في المجتمعات المعرضة للخطر".  

وأعادت المفوضية التذكير أن لبنان شهد زيادة في عدد المغادرين بحرًا منذ عام 2020 حين حاول 38 قاربًا على متنها أكثر من 1،500 راكب القيام برحلات خطيرة، وتم اعتراض أو إعادة أكثر من 75% منها. أما هذا العام ولغاية الساعة، وبالإضافة إلى قارب الأمس، غادرت ثلاثة قوارب على الأقل الشواطئ اللبنانيّة كانت تحمل 64 راكبًا. تم اعتراض زورقين منها قبل مغادرتهما المياه اللبنانية.  

على صعيد آخر، تتجه الأنظار إلى منحى الأمور في طرابلس، سياسيًا وأمنيًا وشعبيًا، في الساعات والأيام القليلة المقبلة، مع توالي مراسم التشييع وعمليات انتشال الجثث، سواء لجهة التصعيد أو التهدئة. 

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها