الجمعة 2022/11/04

آخر تحديث: 09:21 (بيروت)

كرة العرب بعد "مونديال العرب" ليست كما قبله

الجمعة 2022/11/04
كرة العرب بعد "مونديال العرب" ليست كما قبله
أضيفت الفنادق العائمة بوصول سفينة سياحية ثالثة إلى ميناء الدوحة
increase حجم الخط decrease

حققت دولة قطر إنجازات بارزة بتصديها لتنظيم مونديال 2022 قبل أن يبدأ في العشرين من تشرين الثاني الجاري، فهي أنهت العمل في الإستادات الثمانية قبل عام من استحقاق القمة الكروية العالمية، وتحديداً في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2021.

وعمدت إلى الاحتياطات الكافية للحؤول دون حصول أزمة سكن مع توقع تدفق المشجعين المقدر عددهم بنحو مليون ومئتي ألف، فيما سكان البلد لا يتجاوز الثلاثة ملايين ، ومع بلوغ عدد الغرف 130 ألفاً، أضيفت 30 ألف غرفة لاستيعاب بيع التذاكر في اللحظات الأخيرة (2.89 مليونان) حسب ما أعلنه جياني إينفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، إضافة لبيع مليوني ليلة في غرف فندقية.

كذلك، وتوفيراً لإقامات أكثر، أُضيفت الفنادق العائمة بوصول سفينة سياحية ثالثة إلى ميناء الدوحة، ناهيك عن كبائن في 7 مناطق مجاورة للملاعب، و1000 كارافان.
ولم يغفل منظمو المونديال الواحد والعشرين حتى عن توفير مناطق خاصة للمشجعين المخمورين حتى يستعيدوا نشاطهم، ذلك انه المونديال الأول في بلد مسلم ومجتمع محافظ يفرض ضوابط صارمة على شرب الكحول، مع التشدد بمنعها في الملاعب أثناء المباريات، وقد "جيّشت" اللجنة العليا المنظمة عشرين ألف متطوع للمساعدة في التنظيم.

بيئة حاضنة للفرق العربية
لو لم يكن الإتحاد الدولي لكرة القدم متأكداً من الجهوزية القطرية التامة، كما راهن خاصة الرئيس إينفانتينو على أن المونديال العربي الشرق أوسطي الأول سيكون استثنائياً، وعلى وجه الخصوص لناحية التنظيم ولناحية ارتفاع المستوى الفني كون اللاعبين يكونون في أتم اللياقة البدنية لأن المونديال يقام في منتصف الموسم الكروي، وهذا يحصل للمرة الأولى، وايضاً لأن اللاعبين سيرتاحون من تكبد السفر بالطيران من مباراة إلى أخرى، ذلك أن عدداً كبيراً من الفرق ستتواجد في مساحة لا تزيد عن عشرة كيلومترات. وهذا ما يحصل للمرة الأولى في تاريخ كأس العالم.

فرصة مثالية 
مونديال العرب هو فرصة مثالية للمنتخبات العربية لتحقيق نتائج أفضل من السابق، كونها ستنعم في "بيئة حاضنة" لعددها المرتفع إلى أربعة كما كانت الحال في المونديال السابق للمرة الثانية على التوالي في تاريخ المشاركات العربية في كأس العالم. ومن ناحية أخرى ستنعم الدول الخليجية في استثمار المونديال اقتصادياً، كما هي الحال في السعودية التي قدمت تسهيلات وخدمات لحاملي بطاقات "هيّا" المعتمدة في المونديال، وكذلك في باقي الدول الخليجية وآخرها ما أُعلن عنه في دبي عن منح تأشيرات سياحية خاصة بكأس العالم.

من هنا، فان الكرة العربية لن تكون بعد مونديال العرب، كما كانت قبله، وخاصة الكرة القطرية حيث لحظت رؤية 2030 استراتيجية تطويرها ضمن الأهداف البعيدة المدى التي تسعى إليها من خلال المونديال، وبالطبع فان المبالغ الباهظة التي دفعتها الدولة على البنى التحتية، خاصة الملاعب، هي الشق الأهم في أسس تطوير اللعبة، ودفعها بخطى مدروسة نحو العالمية.

قطر احتياطية دائمة لتنظيم البطولات
يلعب المونديال دور الرافعة للنقلة النوعية للكرة القطرية، ويشكل المرحلة الثانية، وبالحري الانطلاقة الكبرى من قاعدة أكاديمية أسباير التي أسست أولى المداميك نحو بناء كرة قدم احترافية حقيقية، فمنذ ثمانينات القرن الماضي وحتى منتصف التسعينات، كان لدى قطر منتخب ذهبي عناصره مواطنون، فيما بدأت عملية التجنيس من أبناء الجاليات العربية وفق قوانين "الفيفا" جرى صقلهم وتطويرهم عبر أكاديمية أسباير.

ما توصلت إليه قطر من نهضة رياضية لم يأتِ من فراغ، وهذه العبارة التقليدية، هي حقيقة وواقع في مسيرة الرياضة القطرية، خاصة كرة القدم، ولم تكن البطولات العالمية والقارية والعربية والرسمية والودية، مصادفة في هذا البلد الذي لا تتجاوز مساحته 12 ألف كلم مربع، بل وليدة تخطيط بعيد المدى ترافق مع تبوء شخصيات قطرية رئاسة أو مناصب رفيعة أخرى في الاتحادات العالمية، وعلى الوجه الخصوص الآسيوية. وهذا ما ساعد على النجاح في استقطاب إقامة بطولات إقليمية، أسهمت كثيراً في تطوير الألعاب المحلية وظهور أبطال في ألعاب مختلفة.
اكسبت هذه البطولات الكوادر الوطنية خبرات واسعة في التنظيم، جعلت عبارة تقليدية أخرى حقيقة وواقعاً وهي "الميدالية الذهبية في التنظيم". من ذلك التصدي لتنظيم بطولة كأس العالم لما دون سن العشرين عام 1995 بفترة وجيزة بعد اعتذار نيجيريا بسبب مرض السحايا، ويتكرر الأمر عشية المونديال  بإسناد تنظيم بطولة أمم آسيا إلى قطر 2023 بعد اعتذار الصين بسبب جائحة كورونا مجدداً، متفوقة على كوريا الجنوبية واندونيسيا بعد انسحاب أستراليا. وهي المرة الثالثة التي تنظم فيها قطر البطولة الآسيوية بعد 1988 و2011.

دولة صغيرة تصبح مرئية ومؤثرة
وبذلك تدافع قطر عن لقبها الآسيوي على أرضها بعدما ظفرت به على أرض الامارات 2019، وهي ستكون في أفضل الحالات الفنية والجهوزية للاحتفاظ باللقب، فلاعبو المنتخب ينخرطون في المعسكر الاستعدادي للمونديال منذ حزيران/يونيو وخاضوا مباريات ودية تجريبية، وبعد مباريات المونديال سيشارك العنابي في كأس الخليج بالبصرة في 2023، ويجدد مشاركته بالكأس الذهبية في العام نفسه في الولايات المتحدة أيضاً بعد المشاركة الأولى في 2021، وهذا ما يشكل أفضل استعداد للدفاع عن اللقب القاري.

قطر دولة صغيرة تريد أن تصبح مرئية وفي مرحلة لاحقة مؤثرة على الساحة الدولية، كما يقول دانيال رايشي الأستاذ في جامعة جورج تاون في قطر، الذي يذكر وسائل سعي قطر لذلك ومن ضمنها استضافة احداث رياضية كبرى، ويضيف انه من المتوقع أن تصبح قطر بعد المونديال وجهة للسياحة العائلية وللفنون والثقافة.

ويصادق على هذا التوقع السويسري إينفانتينو رئيس الفيفا بقوله: كأس العالم فرصة لتبادل الثقافات المختلفة بين الملايين ولاكتشاف جزء جديد من العالم... فيما قال سلفه ومواطنه جوزف سيب بلاتر: مونديال قطر يسهم في انتشار كرة القدم في عالم جديد يتميز بثقافة جديدة...

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها