السبت 2022/11/26

آخر تحديث: 11:42 (بيروت)

محاولة "انقلابية" لحزب الله برابطة الثانوي: المزايدة بآلام الأساتذة

السبت 2022/11/26
محاولة "انقلابية" لحزب الله برابطة الثانوي: المزايدة بآلام الأساتذة
مقترحات ممثلي حزب الله أتت tr' للمزايدة على الرابطة (عباس سلمان)
increase حجم الخط decrease
بخطوة لا تهدف إلى تحقيق المطالب المعيشية لأساتذة التعليم الثانوي، فجّر أعضاء حزب الله ما تبقى من اجماع شكلي بين أعضاء الهيئة الإدارية لرابطة أساتذة الثانوي.
فقد أقدم أحد أعضاء حزب الله على نشر بيان باسم الرابطة على أنه متفق عليه حول الخطوات التصعيدية التي تعتزم الرابطة القيام بها الأسبوع المقبل، وذلك قبل صدور البيان الرسمي. وعمل على إظهار انقسام بين مكونات الرابطة محاولاً كسب تعاطف أساتذة الثانوي، بأن ممثلي حزب الله يقفون إلى جانب الأساتذة، فيما ممثلو الأحزاب الأخرى، غير مكترثين لهم ولحقوقهم، خصوصاً في ظل تصاعد صرخة الأساتذة، وتوقف الكثير منهم عن الحضور إلى المدارس.

تفجير رابطة المعلمين
مصادر مطلعة على النقاشات داخل الرابطة شرحت لـ"المدن" الملابسات التي أدت إلى اتخاذ ممثلي حزب الله تلك الخطوات التصعيدية الشكلية. فمنذ انتخاب الهيئة الإدارية الجديدة للرابطة العام المنصرم لم يرض حزب الله بالنتيجة في كيفية توزيع المهام داخل الهيئة الإدارية، بل قبل على مضض. لكن مع بدء مرحلة تعيين مدراء المدارس والثانويات وإجراء تعيينات داخل وزارة التربية، بفعل خروج موظفين إلى التقاعد، لم يرض حزب الله بالتعيينات. فقرر تفجير رابطة أساتذة الثانوي، موحياً أن اعتراضه داخل الرابطة مرده إلى أنه يريد تحقيق مطالب الأساتذة، فيما باقي القوى لا تكترث لهم.

وفي التفاصيل، وبعد انكشاف قضية عدم قدرة وزارة التربية على تأمين حوافز للأساتذة، التي كشفت عنها "المدن"، بدأت صرخة الأساتذة ترتفع. وتزامن الأمر مع عدم تلقي الأساتذة إلا راتبهم الشهر الفائت (معدل وسطي نحو ثلاثة ملايين ليرة) ولم يعد بمستطاعهم الذهاب إلى المدارس. اعترض أساتذة في مختلف المناطق من خلال التوقف عن العمل، وأقُفلت صفوف عدة. استغل ممثلو حزب الله هذه الأزمة وعمدوا إلى تفجير الرابطة مساء أمس الجمعة من خلال توزيع بيان كتبوا فيه: "تدعو الهيئة الإدارية للرابطة إلى عقد مؤتمر صحفي بعد ظهر يوم الاثنين القادم والتوقف القسري عن العمل يومي الثلاثاء والأربعاء. وتحضيرًا لمواقف تصعيدية قادمة يكون شعارها العمل على قدر الراتب؛ ضمن خطة مفصلة تحفظ كرامة الأستاذ قبل معيشته وهي اعتبارًا من الأول من كانون الأول 2022 يكون الدوام يومين فقط في الأسبوع على أن يتم وضع جدول خاص يتوزع نصاب الأستاذ على أسبوعين". علماً أن باقي أعضاء الرابطة كانوا غير موافقين على مقترح العمل ليومين في الأسبوع ولا على مقترح الإضراب.

خلافات حول التعيينات
وتضيف المصادر أن مقترحات ممثلي حزب الله أتت للمزايدة على الرابطة فحسب. فثمة خلافات كبيرة بين حزب الله وباقي القوى في الرابطة وخصوصاً حركة أمل وتيار المستقبل، حول التعيينات التي حصلت وتحصل حالياً. وقرر حزب الله التصعيد من خلال وجع الأساتذة لأهداف لا علاقة لها بحقوقهم. بل جرى تعيين أكثر من مدير ثانوية في الجنوب غير الذي يرغب بهم حزب الله. فقد حلّ المرشحون لهذه المناصب في المرتبة الأولى بحسب سيرهم الذاتية العلمية والمهنية، فيما من يرغب بهم حزب الله حلوا في مراتب أدنى. وكذلك جرت تعيينات في وزارة التربية لم يوافق عليها المكتب التربوي لحزب الله.

ووفق مصادر متعددة داخل وخارج الرابطة، كان حزب الله في السنة الأخيرة أكثر المتشددين والعاملين على منع الإضراب، ليس في القطاع التربوي الرسمي، بل في كل قطاعات الدولة. وقد دعم الحزب أساتذته ومد العديد منهم بصناديق إعاشة وقسائم بنزين لمساعدتهم وإقناعهم في الذهاب إلى المدارس والجامعة اللبنانية، فيما كان المطلوب تمديد الإضراب المفتوح حينها لمحاولة الحصول على المزيد من المكاسب. أما اليوم وفي ظل اتضاح الصورة بعدم قدرة الدولة على تأمين غير المساعدات المرصودة، فالخطوات النقابية المطلوبة باتت محصورة: إما القبول بالأمر الواقع أو الذهاب إلى إضراب مفتوح بلا أي أفق. أما المطالبة بجعل التعليم في المدارس والثانويات مقتصراً على يومين، فيعني: العمل وفق الراتب الحالي لا المطالبة بتحسينه، وحرمان الأساتذة المتعاقدين من ساعات عملهم الأسبوعية المقررة في عقود التعاقد، وحرمان أساتذة الملاك من ساعات التعاقد الداخلي (أجر الساعة 180 ألف ليرة).

استغلال وجع الأساتذة
وتضيف المصادر، أن حزب الله قرر استغلال وجع الأساتذة موحياً أنه يقف إلى جانبهم، لتحسين شروطه في تعديل التعيينات. علماً أن خطوته في اقتصار عمل الأساتذة على يومين في الأسبوع، لا يؤدي إلى حرمان الأساتذة من ساعات التعاقد فحسب، بل يضرب ما تبقى من عام دراسي في القطاع الرسمي، ويحرم طلاب المدارس الرسمية من حقهم في العلم.

عقب هذه البلبلة التي أحدثها ممثلو حزب الله في رابطة أساتذة الثانوي، والتي انتشرت كالنار في الهشيم على جميع وسائل التواصل الخاصة بالأساتذة، صدر البيان الرسمي عن الرابطة على الشكل التالي: "بناء عليه تدعو الرابطة معالي وزير التربية وفريق العمل المتخصص بالحوافز إلى العمل سريعًا على صرف هذه الحوافز وانتظامها فورًا. ولهذا تدعو الهيئة الإدارية للرابطة إلى التوقف القسري عن العمل يومي الثلاثاء والأربعاء وسيكون شعار المرحلة القادمة العمل على قدر الأجر، ضمن خطة مفصلة تحفظ كرامة الأستاذ قبل معيشته". فقد جرى تبني بعض المقترحات التي حاول ممثلو حزب الله فرضها، لعدم إظهار تفكك وتضعضع وانفجار الرابطة، التي باتت موجودة اسمياً، كما أكدت المصادر.

حوافز لشهر واحد
مصادر مطلعة على ملف الحوافز أكدت لـ"المدن" أنه "حتى الساعة لا يوجد حوافز الـ130 دولاراً إلا لشهر واحد، تأمنت من منحة مقدمة لمشروع S2R2، وقد تصرف في الأيام المقبلة. أما أموال القرض في المشروع، التي تبقى منها حوالى خمسين مليون دولار، والمخصصة للترميم والتجهيز والتطوير، فبحاجة إلى إجراءات كثيرة لتحويلها لتصبح مخصصة كحوافز. فأموال القرض وتحويلها إلى حوافز أكثر تعقيداً مما يشيعه أعضاء الرابطة وحتى النواب العاملين على حلحلة الأمور مع وزير المالية ومع الحكومة ومع المجلس النيابي. فرغم أن وزير المالية يوسف الخليل وافق على مخاطبة البنك الدولي لتحويل أموال القرض إلى حوافز (امتنع عن الأمر سابقاً بحجة عدم تمييز الأساتذة عن باقي موظفي القطاع العام)، لا حلول أمام وزير التربية عباس الحلبي إلا إعادة جدولة قيمة الحوافز وخفضها عن 130 دولاراً، الموعودة. فأموال القرض لا تكفي لدعم نحو خمسين ألف أستاذ وموظف بمبلغ شهري قيمته 130 دولاراً". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها