لم تكن خطوة الوزير غير مدروسة أو متسرعة. فقد أتت بعد رسالة تهديد أخرى قالها للأساتذة بأن من لا تعجبه "عطاءات" الحكومة يمكنه البقاء في بيته. ولم ينتق الحلبي الأستاذة شاهين عشوائياً، بل لأنها الحلقة الأضعف لتأديب الأساتذة، بمعنى أن شاهين متعاقدة ويمكن فسخ العقد معها بشحطة قلم، الأمر الذي لا يمكن فعله مع أساتذة الملاك. فعلى أعتاب بدء العام الدراسي في مرحلة التعليم الأساسي، الذي يعتمد على جيوش الأساتذة المتعاقدين والمستعان بهم (أكثر من 2800 أستاذ) أتى قرار الاستغناء عن خدمات شاهين، كرسالة واضحة لجميع هؤلاء "الجنود" بأن عليهم تنفيذ أمر اليوم والذهاب إلى المدارس، لتجنب مصير شاهين. بمعنى آخر، عليهم السكوت على الغبن اللاحق بهم. فالحلبي يعلم أن لا تعليم في المدارس الابتدائية والمتوسطة من دون جيوش المتعاقدين، المحرومين من أبسط حقوقهم الوظيفية، مثل تلقي بدلات النقل والاستشفاء وغيرها. وبما أنهم غير راضين عن المساعدات التي رصدت، فعليهم الحضور بالغصب والترهيب.
وكان سبق أن الحلبي لم يدع شاهين لآخر اجتماع عقده مع ممثلي الأساتذة، بسبب مواقفها وانتقاداتها المتكررة للوزارة حول وجود فساد وهدر فيها. ثم أتى قرار الاستغناء عن خدماتها ملتبساً. فقد طلب الوزير عدم تجديد عقد التعاقد معها للعام الحالي والأعوام اللاحقة، "لانتفاء الحاجة إلى خدماتها"!
..ليتعظ من أسلافه
ويقول النقابي في لقاء النقابيين الثانويين حسن مظلوم إنه إذا كان الوزير الحلبي يريد من طرد شاهين إيصال رسالة إلى الأساتذة الرافضين للعودة إلى المدارس، قبل تأمين الحد الأدنى لحياة لائقة فهو مخطئ. واعتبر أن الاستغناء عن شاهين ليس إلا سياسة كم أفواه النقابيين الذين ينتقدون الفساد والهدر والمحسوبيات في وزارة التربية.
وأضاف أن ما أقدم عليه الحلبي "سقطة كبرى. فقد كان بإمكانه الإيعاز لمدير المدرسة بعدم تجديد عقدها لو تحلى بالذكاء. لكن بما أنه اخذ القرار على عاتقه، فهذا يعبر عن عقلية سلطوية لتهديد جميع الأساتذة. وبما أنه أراد إرسال رسالة تهديد، فهو قاضٍ ويعرف بالقانون. ونقول له إن الأساتذة في الملاك مثبتين بمرسوم ولا يقالون إلا بمرسوم. وبالتالي الرسالة وصلت وهي مردودة ولا قيمة لها. لكن ما عليه معرفته إن إدارة التربية بعقلية دكتاتورية لا تمر مع الأساتذة. وعليه أن يسأل أسلافه ماذا حصل في العام 1973 عندما فصلت حكومة صائب سلام 300 أستاذ بسبب مواقفهم النقابية، وعادت وسحبت قراراها وأعطت الأساتذة حقوقهم. الأساتذة لن يعودوا إلى التعليم قبل تأمين شروط عودة كريمة ولائقة".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها