الجمعة 2022/10/28

آخر تحديث: 15:24 (بيروت)

غيّرت وجه الحرب: المسيّرات الكاميكازي والروبوتات القاتلة

الجمعة 2022/10/28
غيّرت وجه الحرب: المسيّرات الكاميكازي والروبوتات القاتلة
أبرز ما يميز "مسيّرات الكاميكازي"، هي أنها رخيصة الثمن وسهلة الإنتاج (Getty)
increase حجم الخط decrease

بعد أن استُخدمت لأول مرةٍ خلال الحرب العالمية الثانية، في المعارك بين الولايات المتحدة واليابان، وأُطلق عليها اسم "الطائرات الكاميكازي". عاد هذا المصطلح ليشغل وسائل الإعلام العالمية، مع اتخاذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قراراً بتصعيد العمليات العسكرية. لتنفذ المسيّرات المستوردة من إيران، عشرات الهجمات ضد أهدافٍ مختلفة في أوكرانيا، لا سيما البنية التحتية للطاقة. وقد أشعل استخدام هذه المسيّرات "الانتحارية" (أو الكاميكازي) الجدل حول قدراتها وكيفية رد حلف الناتو عليها، وتزامن كل ذلك مع دخول الروبوتات القاتلة إلى مسرح القتال.

ميزات مسيّرات الكاميكازي
لعل أبرز ما يميز "مسيّرات الكاميكازي"، هي أنها رخيصة الثمن وسهلة الإنتاج، فضلاً عن قدرتها على التحليق لمسافاتٍ طويلة. وباختصار، إنها تزود روسيا بقدراتٍ بديلة بتكلفة قليلة تصل إلى 20 ألف دولار، مقارنةً بمسيّرة "بيرقدار تي بي 2" التركية التي تستخدمها أوكرانيا، وتصل تكلفتها إلى 2 مليون دولار، لمواصلة ضرب أهداف مدنية وعسكرية في عمق أوكرانيا وسط تناقص مخزون صواريخ كروز المتطورة لديها.

يبلغ طول جناحيّ المسيّرات إيرانية الصنع ثمانية أقدام، وتزن حوالى 200 كيلوغرام، ويمكنها التحليق بسرعة قصوى تبلغ 115 ميلاً في الساعة. ومن غير المعروف حالياً عدد هذه المسيّرات التي تمتلكها روسيا، على الرغم من أن تقارير المخابرات الغربية أشارت إلى أن طهران بدأت في تسليم مئات منها في شهر آب المنصرم. وزعمت أوكرانيا بأن روسيا حصلت على ما مجموعه 2400 مسيّرة من طراز "شاهد -136" من إيران.

وقد تصدرت مسيّرات "شاهد -136" التي تحلق على ارتفاعٍ منخفض، ولا يكشفها الرادار نسبياً، عناوين الأخبار مؤخراً. لكونها تمتلك القدرة على الانتظار في الهواء لتحديد الهدف قبل تدميره. وعلى عكس مسيّرات "لانسيت"، التي نشرتها روسيا في سوريا، والتي تبلغ حمولتها 3 كيلوغرامات من المتفجرات، واستُخدمت في سوريا بنتائج مدمرة. تقدم "شاهد -136" لروسيا قدرة مختلفة، فتمنحها مدى 2000 كيلومتر والقدرة على ضرب أهداف أعمق بكثير في الأراضي الأوكرانية. ومن خلال قدرتها على الضرب خلف خطوط التماس، فإن ذلك يفرض ضغوطاً على قادة الدفاع الأوكرانيين لمضاعفة جهودهم وتأمين التكنولوجيا الدفاعية الكافية لضمان مواجهة هذا التهديد بسرعة.

العيوب  
بَيد أن تسمية هذه المسيّرات بـ"مغيّرات قواعد اللعبة" في الحرب الأوكرانية، ستكون بمثابة المبالغة في أهميتها. ففي حين أنها تحلق لمسافاتٍ طويلة ولا تظهر على الرادارات وتكون رخيصة نسبياً، إلاّ أنها تظل معتمدة على الاستخبارات العسكرية الروسية لتوجيهها نحو الأهداف. كما أنها، وفقاً للتقارير الأوكرانية، عرضةً للإسقاط بسبب انخفاض مستوى تطورها وبطء سرعتها. وتدّعي أوكرانيا أنها أسقطت أكثر من 80 في المئة من المسيّرات التي أُطلقت ضد كييف هذا الأسبوع.

وليس لهذه المسيّرات أنظمة دقيقة التوجيه، ما يجعلها أقل تطوراً من المعدات العسكرية الأخرى عالية التقنية، حيث أن لديها نظام ملاحة عبر الأقمار الصناعية من الدرجة التجارية وحسب. ناهيكَ أن أوكرانيا قد حصلت على أجهزة تشويش للمسيّرات من طراز" SKY CTRL" البولندية، التي لا يتجاوز نطاقها 10 كيلومترات. ولتحسين الدفاع الأوكراني المضاد لهذه المسيّرات، وافق وزراء دفاع الناتو على توفير المئات من أجهزة التشويش ضد هذه المسيّرات. كما وعدت الولايات المتحدة بتسريع تسليم أوكرانيا مسيّرة "Switchblade 600" الأكثر قوة، والتي يصل مداها إلى 90 كيلومتراً.

السلاح الملكي البريطاني يتأهب
ورداً على استقدام هذه المسيّرات إلى الساحة الأوكرانية، وإمكانية استخدامها ضد بريطانيا وربما دولٌ أخرى. كشفت وسائل إعلام بريطانية هذا الأسبوع، عن تدريباتٍ أجراها سلاح الجو الملكي، في اسكتلندا الشهر الماضي، نجحت فيها طائرات مقاتلة من طراز "تايفون" و"لايتنينغ" من  تفجير 53 "مسيّرة كاميكازي" في السماء. وعلى مدار عشرة أيام، شارك طيارون من ثمانية أسراب في الاختبار المصمم لمساعدة الطيارين وأطقم الأسلحة على اكتساب الخبرة في استخدام الصواريخ الموجهة بالأشعة تحت الحمراء.

استهدف الطيارون في التدريبات مسيّرات "بانشي"، وهي في الأساس نماذج مسيّرات كانت في الخدمة مع الجيش البريطاني منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وحسب ما ورد من معلومات، فقد زُودت هذه المسيّرة بأجهزة إرسال وعاكسات ومصادر حرارة تحاكي "مسيّرات الكاميكازي" التي يستخدمها الروس في أوكرانيا.

أول روبوت قاتل في أوروبا
وبما أن الحرب في أوكرانيا دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، وصلت الروبوتات القاتلة إلى أوروبا، في تحولٍ مفاجئ للأحداث، حيث أصبحت هولندا رسمياً أول دولة في حلف الناتو تنشر "مركبات أرضية غير مأهولة"، بعد أن اختبر اللواء الثالث عشر الهولندي أربعة مركباتٍ منها الشهر الماضي، في ليتوانيا الواقعة في أوروبا الشرقية على حدود روسيا، والتي تُعدّ قريبةً جداً من الخطوط الأمامية في أوكرانيا.

تماماً مثل المسيّرات ذاتية التشغيل التي يمتلكها عدد لا بأس به من الدول، يمكن لهذه المركبات أن تقوم بدوريات مستقلة أو أن يقودها جندي عن بعد. ويمكنها أيضاً أن تعمل كسلاحٍ مضاد للدبابات، أو منصة هبوط للمسيّرات، أو مركبة طبية، أو حتى كمحرك إطفاء.

ولا شك أن الهدف من نشر هذه المركبات يتمثل بتوجيه رسالةٍ للروس، إذ قال اللفتنانت كولونيل شورد ميفيسن، قائد وحدة الروبوتات والأنظمة الذاتية التابعة للجيش الهولندي "لقد نشرنا أربع مركبات أرضية غير مأهولة. وعلى حد علمي، لم نرَ هذا من قبل في الغرب. هذه ليست مجرد تدريبات. نحن نعمل تحت أعين وآذان الروس، وبالتالي نحن في بيئة شبه عملياتية".

جرس إنذار
ويمكن اعتبار الخطوة الهولندية بمثابة جرس إنذارٍ بأن الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل قد دخلت بقوة في ساحات المعارك. وتتمتع هذه الأسلحة بالقدرة على التنقل بمفردها، ويمكن لبعضها تحديد الأهداف. وعلى الرغم من أن المتحكم البشري لا يزال بإمكانه أن يقرر ما إذا كان سيضرب أم لا، فإن هذه الأسلحة باتت تكتسب المزيد من القدرات الذاتية. ويمكن لبعض منظومات الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل أن تسير في منطقةٍ ما للعثور على أهداف دربتها خوارزميات التعلم الآلي على التعرف عليها، بما في ذلك أنظمة رادار العدو والدبابات والسفن وحتى أفراد معينين.

ولهذه الأسلحة أشكالٌ مختلفة. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يبلغ طول المسيّرة التركية "Kargu-2 " قدمين، وتزن حوالى 7 كيلوغرامات، ويمكن أن تحلق في مجموعات. ويمكن أن تكون الأنظمة المستقلة أكبر حجماً بكثير، كالطائرات المقاتلة غير المأهولة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي "L-39 Albatros " المعدلة، أو الطائرات التجارية البدائية من دون طيار التي تم إعادة توجيهها باستخدام برامج مستقلة.

وبمجرد انتشار هذه التقنيات على نطاقٍ واسع، سيكون من الصعب السيطرة عليها. وبالتالي، فإن العالم بحاجة ماسة إلى نهجٍ جديد لأنظمة الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل. وحتى الآن، لم يفعل المجتمع الدولي شيئاً أكثر من الاتفاق على أن القضية بحاجة إلى المناقشة. ذلك أن الدول التي تتصدر تطوير أنظمة الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل تقاوم أي دعوات لحظرها. وهكذا، زعمت الولايات المتحدة أن القوانين الإنسانية الدولية الحالية كافية لتنظيم أنظمة الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل، واتخذت الصين موقفاً غامضاً، مع الإصرار على تعريفٍ ضيّقٍ لها. وفي غضون ذلك، ترفض روسيا حتى النظر في القضية، مستخدمةً أدوات إجرائية دبلوماسية للمماطلة وتقليل الوقت الذي تكرسه الأمم المتحدة لمناقشة الموضوع.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها