الأحد 2022/10/02

آخر تحديث: 11:11 (بيروت)

مسيرة "وردية" تضامناً مع مريضات السرطان: الحكومة تقتلنا

الأحد 2022/10/02
مسيرة "وردية" تضامناً مع مريضات السرطان: الحكومة تقتلنا
الدولة اللبنانية تدفعهم يومياً نحو الانتحار (علي علوش)
increase حجم الخط decrease
مع حلول مناسبة "أوكتوبر الوردي" العالمية، للتوعية حول مخاطر سرطان الثدي عند النساء، وسبل الوقاية منه، ولتذكيرهن بضرورة إجراء فحوصهن بشكل دوري، بغية اكتشاف المرض بشكل مبكرٍ لمعالجته. نظمّت جمعيّة بربارة نصار، مسيرةً تضامنية مع مريضات السرطان، اليوم الأحد، في ساحة الشهداء في بيروت.

حقوق مسلوبة
عند التاسعة والنصف صباح  اليوم الأحد، تجهزت مسيرة مريضات السرطان في لبنان، بلباسٍ زهري موحدٍ، وبالشرائط الوردية، وانضمت النساء إلى المسيرة، للتضامن مع مريضات سرطان الثدي، فمشين من أمام تمثال المغترب إلى ساحة الشهداء.

كما شاركت نقابة الصيادلة في لبنان، وتجمّع الأطباء وعائلات مرضى السرطان بهذه المسيرة التضامنية. كما انطلقت مسيرات تضامنية في الوقت عينه، في كل من مصر وفرنسا وتونس.

وتحت شعار "ما بدنا أضوية، بدنا أدوية"، ارتفعت صرخات مرضى السرطان، في المسيرة وأمام المنابر الإعلامية، تعبيراً عن معاناتهم مع  فقدان الأدوية منذ عامٍ ونصف. وبعدما كانت حالات كثيرة شارفت على التعافي، خصوصاً في سرطان الثدي، سُدّ الطريق أمامهن مجدداً بسبب انقطاع الدواء أو احتكاره في السوق السوداء. لاسيما أن 80% من أدوية السرطان مفقودة اليوم وغير متوفرة، وحوالى خمسة أدوية من أصل تسعة، وهي التي وضعتها وزارة الصحة ضمن نظام المكننة الجديد المعتمد في بعض المستشفيات، مفقودة أيضاً.

تنصل الدولة
بدت اليوم الصورة مختلفة، مرضى السرطان الذين اعتادوا دوماً على بث الأمل والطاقة الإيجابية بين بعضهم البعض، باتوا اليوم يواسون بعضهم البعض بالدموع والبكاء. وسيطرت عليهم مشاعر الخوف والرعب، وهم يلاحظون أن الدولة اللبنانية تدفعهم يومياً نحو الانتحار أو تتعمد قتلهم، علماً أنّ عدداً كبيراً منهم رضخوا لمرضهم بعد عجزهم عن توفر الدواء، أو تأمين مبالغ  خيالية لتلقي العلاج الشهري. ولذا، كانت النسوة اليوم يرفعن شعارات عدّة تدين الدولة اللبنانية في إهمالها، ومنها: "الحكومة تقتلنا"، "نريد حقنا في الحياة، نريد أدويتنا"، "لا نريد أكاليل من الورد على قبورنا"..

أعداد متزايدة
في حين تحاول بعض الجمعيات الخاصة تأمين الأدوية المفقودة للمرضى، إلا أنها لم تستطع تغطية حاجاتهم كلها. وحسب هاني نصار، رئيس جمعية بربارة نصار، المعنية بتأمين الأدوية لمرضى السرطان، فإنه يتلقى يومياً أكثر من 300 إتصال هاتفي من المرضى للحصول على أدويتهم. والجمعية لا تستطيع تلبية أكثر من 10% من المرضى فقط. فسنوياً، يزداد عدد مرضى السرطان 13 ألف مريض في لبنان. أما الأدوية الموجودة في الجمعية فتعود لمصادر عدة، كالهبات والمساعدات من المرضى المتعافين، أو من عائلات المتوفين.

حلول بديلة
ولا تنحصر معاناة المرضى في إيجاد الأدوية للعلاج، إنما ساهم انقطاع دواء المورفين المسكِّن منذ أكثر من 4 أشهر، في مضاعفة أوجاعهم الجسدية والنفسية. ولتسكين أوجاعهم، لجأ البعض منهم إلى شراء زيت الحشيشة لتخدير آلامهم.

ودعماً لمرضى السرطان، ولتخفيف آلامهم النفسية والجسدية، أعلن هاني نصار في حديثه مع "المدن"، عن توجه الجمعية إلى توسيع نطاق عملها والانتقال نحو مركز كبير للسرطان. وقال أن هذا المشروع سيبصر النور بعد حوالى ثلاثة أشهر، وهو مجانيّ. وسيعمل هذا المركز، الموجود في منطقة الأشرفية، بعد حصوله على ترخيص من وزارة الصحة، على تأمين كميات كبيرة من الأدوية للمرضى، ومساعدتهم في تلقي علاجهم. وسيضم المبنى مستوصفاً وصيدلية. كما سيتم متابعة المرضى من قبل مجموعة من الأطباء لإتمام علاجهم إلى جانب علاجهم النفسي، حيث ستتم متابعتهم من قبل مختصين للدعم النفسي. وفي المرحلة الثانية، سيؤمن المركز أسرّة للمرضى الذين يحتضرون.

أدوية منتهية الصلاحية
الشابة فاديا مكاوي (29 عاماً) روت لـ"المدن" معاناتها مع سرطان الثدي من عام ونصف عام. فقد توقفت عن تلقي علاجها الشهري بسبب عدم توفر الدواء من وزارة الصحة. وقد علمت لاحقاً بوصول الدواء إلى الوزارة، فتوجهت أكثر من أربع مرات إليها بغية الحصول عليه، إلاّ أنهم رفضوا تسليمها الدواء، وطلبوا منها القدوم الأسبوع التالي بسبب انقطاع الإنترنت، أو "مراجعة أوجيرو". فتأخر علاجها لشهر كامل، فأجبرت على طلبه من تركيا، ولامس سعره 800$، وبعد وصوله إلى لبنان، اتجهت إلى المستشفى لأخذ العلاج، فتبين أنه منتهي الصلاحية وفاسد. وأمام عجزها على تأمين مبلغ 800$ شهرياً، وصعوبة تأمينه من وزارة الصحة، باتت تفكر اليوم في ايقاف علاجها بعد استمرار معاناتها.

الرضوخ للموت
يأتي شهر "أوكتوبر الوردي" على نساء العالم، لتشجيعهن على الخضوع لفحص الثدي في المرافق الصحية، ولمساعدتهن على مكافحة المرض عبر تأمين علاجهن وأدويتهن، ولدعمهن للتمسك بالحياة. إلا أنه "أوكتوبر سوداوي" على مريضات لبنان، العاجزات على تأمين حبة دواء، أو إجراء فحص سنوي واحد تتعدى تكاليفه 300$، فيشعرن أنهن في سباق سريع مع الموت، في بلدٍ انهارت مؤسساته وقطاعاته الصحية، حتى صار مواطنوه أرقاماً وملفات. فلا فرق عند الدولة اللبنانية، في موت مريض سرطان لانقطاع علاجه، أو موت طفل في تفجير أو في زورق بمنتصف البحر.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها