الجمعة 2022/01/07

آخر تحديث: 11:33 (بيروت)

العملة الرقمية: تجارة الشبان.. واليائسين المفلسين في لبنان

الجمعة 2022/01/07
العملة الرقمية: تجارة الشبان.. واليائسين المفلسين في لبنان
ظهرت في منطقتي الضاحية الجنوبية والحمراء محال لبيع وشراء العملات الرقمية (المدن)
increase حجم الخط decrease
شهدت العملات الرقمية إقبالاً واسعاً في الآونة الأخيرة. وعلى الرغم من جميع التحذيرات من عواقب سلبية مختلفة على المستثمرين ومخاطر تلك العملات الكبيرة، كونها خارج نطاق المظلة الرقابيّة، ظل الإقبال عليها يتنامى في جميع دول العالم.

تجارة جديدة
وبعد فقدان الليرة اللبنانية أكثر من 95 في المئة من قيمتها، وانهيار القطاع المصرفي، لجأ لبنانيون كثيرون إلى استخدام هذه العملات، لعلّها تنقذ ما تبقى من أموالهم. وكانت هذه العملات قد ظهرت للمرة الأولى باسم "البيتكوين" (Bitcoin) عام 2009، ولكنها لم تحظ بأي اهتمام. وكان سعرها زهيداً لا يتعدى الدولار الواحد. ولكن سعرها في عام 2020 لامس 50 ألف دولار أميركي. وشجع هذا الارتفاع المفاجئ الناس على التعامل بها، آملين تحقيق أرباح هائلة. 

وفي مشهدٍ غير معهود، ظهرت في منطقتي الضاحية الجنوبية والحمراء محال لبيع وشراء العملات الرقمية. وهذا ما يؤكد ارتفاع الطلب على هذه المحال، بعدما تهافت المواطنون على تداول هذه العملات. فأبو شوقي فمثلًا يملك محلاً لاستثمار العملات الرقميّة، ولجذب انتباه المارة وضع لوحة تجاريّة للتعريف بنشاط المحل، فذكر اسم أول عملة رقميّة  BITCOIN، وعملة TETHER المعروفة بUSDT، وبيع بطاقات للمساعدة على تعدين العملات، إضافة إلى تقديم الدعم الكامل للمستثمرين والمبتدئين الجدد في سوق العملات الرقمية. 

ودرس حسن المعروف بـ"أبو شوقي" تكنولوجيا الكمبيوتر والشّبكات. وعمل في مجالاتٍ عدة، كالمطاعم وصيانة الهواتف. وقد لاحظ خلال فترة الحجر الصحي اهتمام الشبّان بالعملات الرقمية وارتفاع الطلب عليها. وبعد أبحاثٍ عديدة للاطلاع على أسرار هذه العملة وتداعياتها، فتح أبواب محلّه لاستقبال المستثمرين. وفي زيارة لمحلّه، تلاحظ انتشار صور العملات الرقمية معلقة على الجدران الأربعة مع رموزها. وعلى عكس ما اعتدناه في باقي المحال التجارية من توزيع البضائع المعروضة للبيع في زوايا المحل، فإن محل "أبو شوقي" لا وجود فيه للبضائع، سوى عرضه في واجهة زجاجية صغيرة البطاقات التي تساعد على تعدين العملات، وتتراوح أسعارها بين 1500$ و2800$.  

ويبع محله عملة USDT ويشتريها باعتبارها عملة مستقرة. وتتمثل مهمتها في بناء جسر بين العملات الورقية والعملات المشفرة، ويتم ربطها بالدولار الأميركي، وتحافظ على نسبة 1 إلى 1 مع الدولار من حيث القيمة. ولأنه مرتبط بالدولار فإن TETHER لا يمثل مخاطرة عالية مثل العملات الرقمية كالـBITCOIN وETHEREUM أو باقي العملات الجديدة الموجودة في السوق. ويعتمد على ربحه بنسبة 1 في المئة على كل تحويلة. ونعني تحويله 99 USDT مقابل كل مائة دولار. ويقصده زبائنه لجني أرباحهم أو لبيع إحدى عملاتهم التي تتدنى قيمتها. وتتم عملية البيع والشراء بالدولار فقط أمام كاميرا المراقبة. 

إقبال الشباب
ويشرح حسن لـ"المدن" عن إقبال الزبائن على محله منذ الصباح الباكر وحتى العاشرة مساءً. وأكثر زبائنه من فئة الشباب ما بين 20 و35 سنة. وعدد من زبائنه لم تتجاوز أعمارهم 13 سنة، ولكنهم على إطلاع كامل بالتكنولوجيا وبسوق هذه العملات. والعديد من الزبائن يقصدونه بدافع الفضول لمعرفة معلومات عن هذه العملات وطرق جني الأرباح بسرعة.

ويقول حسن: على الرغم من أن هذه العملات عبارة عن أرقام ورموز موجودة على شاشة الكمبيوتر، ألا أنها رائجة جداً في أنحاء العالم، وتحظى باهتمام معظم سكانه. ولا يعتقد أنها موجة وستندثر بعد مدة، بل هو يعتقد تبعاً لأبحاثه ومعلوماته عن تاريخ هذه العملات، أن العالم بأكمله سينتقل إلى اعتمادها. كما أنه قام بإنشاء مجموعة على التليغرام لزبائنه لتقديم كافة المعلومات الجديدة عن هذه العملات مع نصائح يومية من أجل استثمار أفضل. 

بصيص أمل مستقبلي  
وفي حديث "المدن" مع أحمد يونس -وهو لبناني في منتصف العقد الثاني، درس المحاسبة ويعمل في محل لبيع الأدوات الكهربائية ويتقاضى مليونين ومائة ألف ليرة فقط، وشارك في ثورة 17 تشرين أملاً أن تتغير أحوال لبنان، فيئس- قرر الدخول في عالم العملات الرقمية على اعتبار أن خسارة بضعة مئات الدولارات ليست أصعب من خسارة وطنٍ. وبمساعدة صديقه قام بتحميل منصة BINANCE وقام بشراء 120$ من عملة USDT لاستعمالها وشراء عملات رقمية أخرى. وخلال فترة قصيرة حقق أرباحاً وصلت إلى 240$ وما لبثت أن انخفضت قيمة بعض العملات فأدت إلى خسارته. ويعتبر أحمد أن هذه العملات كالبورصة، تارةً ترتفع وطوراً تنخفض، ومن الممكن تحقيق أرباح هائلة أو خسارة طاحنة. ورغم خسارته سيعاود شراء العديد من العملات، لأنه على ثقة بأن العملات الرقمية الجديدة المنخفضة الأسعار تحقق أرباحاً هائلة كما حصل مع BITCOIN، وأن بضعة مئات من الدولارات غير قادرة على شراء منزل أو سيارة في لبنان، ولكنها قادرة على شراء أنواع عديدة من العملات. 

عمال المناجم
أما فراس (27 سنة) فيروي لـ"المدن" تفاصيل تعدينه العملات الرقمية. وقد جاء قراره في منتصف عام 2020، بعد أن بلغت أرباح صديقه مئات آلاف الدولارات. ففي عام 2014 انخفضت قيمة البيتكوين خلال شهر نيسان لتصل إلى 240$، فقام بشراء عملة BITCOIN بقيمة 480$ وظلت أسعارها ترتفع حتى وصلت إلى 55 ألف دولار للعملة الواحدة. لذا قرر فراس الدخول في هذا العالم الافتراضي سعياً لجني الأرباح. فاشترى العام الماضي بطاقة تعمل على حاسوبه، وصنع محفظة خاصة على المنصة التي يتم عبرها تداول العملات وبيعها أو شرائها. وقصد متجراً لبيع أجهزة التعدين وانتقى واحدة بـ2300$ من شركة نيفيديا. ويقول: في ظل أزمة لبنان خاطرت وأنفقت كل ما أملك. فهذا الجهاز قادر على إعطائي مبالغ مالية يومية من الدولار وتحقيق أرباح شهرية تصل إلى 200$. لذا خلال عدة أشهر أستطيع استرجاع هذا المبلغ وإنتاج المزيد من البيتكوين، مما يحقق لي أرباحاً هائلة في المستقبل.

وعلى الرغم من تحذيرات الخبراء من خطر هذا التداول للعملات لما لها من آثار سلبية، كالاحتيال والنصب، يؤمن فراس بأن الحظ سيبتسم له كما حصل مع صديقه الذي تجاوزت أرباحه 100 ألف دولار خلال سنوات قليلة، من دون أي مجهودِ. كما أنه اشترى عدداً من العملات الجديدة التي يروج لها المؤثرون، ومنها: CARDANO المرمزة بـADA وRIPPLE المرمزة بـXRP، وBITTORRENT ورمزها BTT وDOGECOIN ورمزها XDG.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها