وبكثير من الاستهجان ينتظر الأهالي مساعدة مباشرة لهم، وهم من دفع الأقساط كاملة. ومن تأخر أو عجز عن تأمينها يعرف أنه مدين للمدرسة بهذه المبالغ وسوف يسددها تباعًا. فكيف تتجاوز هذه المساهمة الأهل لتصل إلى المدارس، ولا تمحو متأخراتهم أو تعينهم في دفع الأقساط؟ وهذا التلاعب على الألفاظ والتسميات نجح في نشر وهم أن المساهمة ستوجه إلى الأهالي المأزومين أصلًا، فأخمدت حال الاعتراض عند إقرار القانون.
دولة تسرق مواطنيها
تفصّل المادة الثامنة من القرار كيف تصرف المدارس المساهمة التي تصل إليها على دفعتين، وهي مشروطة بدفع متأخرات رواتب الهيئات التعليمية والعاملين في المدرسة وقيمة اشتراكات صندوق التعويضات عن 2019-2020، ثم صرف المتبقي بشكل متناسب بين المعلمين والعاملين. الملفت أن المدارس بغالبيتها لديها متأخرات في صندوق التعويضات يعود إلى مرحلة إقرار القانون 46، حين لم تسدد غالبية المدارس متوجباتها حسب القانون 46، أي الدرجات الست التي تمنعت المدارس عن تسديدها، عِلمًا أن الأهالي قد سددوا الأقساط للعام إياه بالرغم من أن العام الدراسي الحضوري توقّف في شباط 2020، وبالتالي انخفضت المصارفات التشغيلية للمدارس وبدلات النقل للمعلمين. إذًا الأهالي سددوا الأقساط بنسبة عالية، ومن ضمنها رواتب المعلمين والعاملين واشتراكهم في صندوق التعويضات والضمان، ولم يلحظ قرار الوزير آلية للتحقّق من أعداد الأهالي الذين سددوا أو لم يسددوا، ولا آلية تحديد كيفية صرف المدارس الأقساط التي تقاضتها من الأهالي، ولا الأسباب التي حالت دون تسديد المدارس اشتراكاتها في صندوق التعويضات والضمان. وتحصل المدارس على المساهمة المالية حسب أعداد التلامذة غير المستفيدين من منح ومساعدات اجتماعية، لتغطي بهذه القيمة متأخرات رواتب وأجور واشتراكات من المفترض أنها مًسددة، فتستفيد المدارس لسداد متأخراتها في دفع الدرجات الست للمعلمين عن السنوات الخمس، والتي يفترض أنها قبضتها عندما رفعت الأقساط بعد إقرار القانون 46. وها نحن اليوم أمام مدارس تحصل على مبالغ مضاعفة، مرة من الأهل وأخرى من خزينة الدولة (من المواطنين وضرائبهم أو ديون مستجدّة).
سلوك الوزارة هذا والمجلس النيابي وكارتيل المدارس، يؤدّي إلى تفكك المنظومة التعليمية بلا تأمين بديل، ويضع الناس مرة أخرى أمام خيارات سوداوية. وإذا سكتت المدارس ورضي المعلمون هذه السنة، ماذا يكون مصير التعليم السنة المقبلة، وكيف يتعامل الأهالي مع هذا الغبن واللامساوة الممارس من قبل الدولة، وكيف يؤمنون أقساط مدرسية للسنة التالية؟
الدولة تسرق أموال مواطنيها مرتين: الأولى في عدم مراقبة موازنات المدارس والمصارفات فيها وأرباحهم الخيالية وغير القانونية، والثانية في هدرها أموال المواطنين والأهل بمساهمات مجانية تم تسديدها من الأقساط المدرسية.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها