الثلاثاء 2022/01/11

آخر تحديث: 17:07 (بيروت)

عمليات خطف ببيروت والبقاع: عباس خياط وعبدالله طه مثالاً

الثلاثاء 2022/01/11
عمليات خطف ببيروت والبقاع: عباس خياط وعبدالله طه مثالاً
معظم المخطوفين معروفة وجهة اختطافهم والجهات التي اختطفتهم (المدن)
increase حجم الخط decrease

عباس الخياط شاب ثلاثيني، خطف بعد أيام من وصوله إلى لبنان لقضاء أسبوعي العيد في بلده. القضية كشفتها إبنة خالته ريف سليمان، إثر منشور لها على صفحة فايسبوك، أعقبته بشرح ذكرت فيه أنه شوهد في المرة الأخيرة بمنطقة قريطم، إلى حيث أوصل صديقته بعد منتصف الليل، فباغته عدد من الأشخاص مدعين صفة أمنية، وطلبوا منه مرافقتهم، واقتادوا أيضاً صديقته قبل أن يخلفوها في منتصف الطريق لاحقاً. وبعد تلك اللحظة، لا تعرف العائلة عنه شيئاً. فيما تجنبت سليمان في حديث تلفزيوني الإدلاء بتفاصيل إضافية، حول ما إذا كان ذووه قد تلقوا اتصالات من خاطفيه تحدد مطالبهم، حماية له ولسرية التحقيق بكشف مصيره.

وجهة الخاطفين
عباس ليس الأول الذي يختطف من قبل أشخاص يدعون الصفة الأمنية لاقتياده. وفي سجلات الأجهزة الأمنية أكثر من إفادة مشابهة عن عمليات اختطاف وتشليح، جرت في أكثر من منطقة لبنانية وبالأسلوب نفسه. وإنما عباس قد يكون "أكثر حظاً" من سواه، لأن قضية اختطافه حظيت اهتماماً أمنياً، مدفوعاً بضغط إعلامي مارسته إبنة خالته الصحافية ريف سليمان، من خلال تحويلها إلى قضية رأي عام. وهي جهود لا بد منها في بلد كلبنان، حيث يمكن لأحدهم أن يغيّب لأشهر، ولا يعرف أحد بقضيته، خصوصاً إذا كانت عائلته لا تعلم بمفاتيح الضغط الإعلامي والأمني.

تتكثف الجهود وفقاً لمعلومات أمنية للكشف عن مصير عباس الخياط، بعدما أصبحت وجهة اختطافه معلومة -وفقاً لعائلته- باتجاه البقاع. إلا أن ذلك لا يعني بأن الجهود ستفضي إلى كشف الخاطفين، بل ربما تنتهي قصته بسيناريو تحرير المخطوفين سابقاً، والتي غالباً ما تطوى على "فرار المخطوف من خاطفيه"، من دون أن يقبض ولو على خاطف من هؤلاء.

قضية عدنان دباجة من بلدة القرعون، الذي بقي مخطوفاً لسبعة أشهر ونصف الشهر قبل أن يفر من خاطفيه، كما ادعى، ما زالت ماثلة في الأذهان. ومثلها العديد من القصص التي اختتم التحقيق فيها بمجرد تحرّر المخطوف.

إبن كامد اللوز المغترب
إنما يبقى الضغط الإعلامي عاملاً مؤثراً، حتى لا يغلب النسيان قضايا "المخطوفين"، وتخمد حتى جهود الأجهزة الأمنية في كشف مصيرهم. وهو ما حصل تحديداً مع المخطوف عبدالله سعيد طه.

فطه مغترب لبناني خمسيني من بلدة كامد اللوز البقاعية، عاد إلى بلدته ليستقر فيها منذ نحو عام، إلا انه أمضى حتى الآن نصف هذه الفترة تقريباً معتقلاً لدى خاطفيه، من دون أن تلمس عائلته جهوداً جدية من قبل أجهزة الدولة لتحريره.

الصدفة وحدها قادتنا إلى منزل طه العائلي لسماع قصة اختطافه من والدته وشقيقته. ووفقا لهما، فإن عبدالله، الذي كان يعمل تاجراً في الإكوادور، عاد منذ مدة ليستقر في لبنان، حيث بنى له منزلاً نائياً عن سائر منازل القرية، يرتاح فيه بعد أن يتردد على منزل والديه. في يوم اختطافه كان عبدالله عائداً من زيارة والديه، باغته خاطفوه وعددهم ستة. حضروا ملثمين في سيارتين، وفقاً لما أظهرته تسجيلات المراقبة بمحيط المنزل، واقتادوه مباشرة من سيارته، من دون أن يتمكن حتى من التقاط هاتفه. وبينما كان يقاوم للفرار، أطلق أحد الخاطفين النار عن طريق الخطأ، فأصيب زميل لهم، يعتقد أنه توفي ورمي لاحقاً في منطقة معمل البصل على طريق كامد المصنع الدولية.

وفقاً لشقيقة عبدالله، فإن هوية الخاطفين معروفة، وقد قادت إليها التحقيقات الأولية، التي جرت بعد العثور على جثة يعتقد أنها لأحد أفراد العصابة الذي قتل أثناء عملية الخطف. وشقيقها على ما تعتقد مخطوفٌ من قبل عصابة في بعلبك، طلبت منهم بداية مبلغ 300 ألف دولار وفّرتها لهم العائلة، لتعود وتطالب بعشرة ملايين دولار. منذ أكثر من شهر لم تعد العصابة تتواصل مع العائلة، كونها لم تتمكن من توفير المبلغ، إلا أنها تلقت اتصالات سابقة، سمح خلالها لعبدالله بأن يحدّث أفراد عائلته، وبدا تحت الضغط النفسي والجسدي، عندما كان يحث أشقاءه على توفير المبلغ وتحريره. إلا أن المسألة حسب شقيقته ليست سهلة، لأنه حتى لو كان المبلغ متوفراً في المصارف، فهي تمتنع عن دفع مثل هذه المبالغ للمودعين.

أجهزة أمنية تراقب
المستفز فيما ترويه شقيقة عبدالله أن عائلتها لا تملك التفاصيل عن كيفية تسديدها المبلغ الأول الذي طلبه الخاطفون. وكل ما تعرفه أن عملية التسليم جرت بمعرفة أحد فروع الأجهزة الأمنية، التي اتخذت موقف المراقب، وطبعاً من دون أن تفضي مراقبتها إلى معرفة مكان المخطوف.

إلا أن تجربة العائلة مع تعاطي الدولة وأجهزتها مع قضية اختطاف ابنهم، وإنعدام الجدية في كشف مصيره وتحريره، ليست خيبة الأمل الوحيدة بالنسبة لها. وإنما الأسوأ كما بدا من عتب الوالدة وشقيقة المخطوف هو لامبالاة أبناء بلدته، إلى حد استعداد بعضهم لتحميل عبدالله مسؤولية اختطافه، فيصبح أسوأ سؤال تواجهه عائلة المخطوف في صراعها لسماع ولو خبر مطمئن عن إبنها: "لماذا خُطف؟". وكأن هناك ما يبرر هذا الخطف، وحتى لو كان المخطوف في بعض الأحيان متورطاً بمشاكل مالية مع خاطفيه كما ترغب المجتمعات أن تصدق.

في قضية اختطاف عبدالله طه همس ببلدة كامد اللوز عن أنواع من التجارة غير المشروعة، ربما تكون ورطته مع خاطفيه. وهذا وفقاً لشقيقته غير صحيح إطلاقاً. بل هي تؤكد بأن الأجهزة الأمنية التي حللت الاتصالات على هاتفه، لم تعثر ولو على شبهة واحدة تورط شقيقها في قضية اختطافه. ولكنها تسأل في المقابل "حتى لو كان ذلك صحيحاً، هل مسموح بأن تنتزع الحقوق بالأيدي، وأين مسؤولية الدولة في معاقبة المرتكبين وحماية المظلومين".

الصرخة من غياب الدولة ومسؤوليتها ترفعها أيضاً ريف سليمان في منشورها التي حركت من خلاله الرأي العام، متسائلة عما يمكن أن يشكل استهتاراً أكبر باللبنانيين، حيث باتت الغربة أكثر أماناً لهم من بلدهم.

وتضيف سليمان "ضربنا البلد وبعد في شوية سياحة قضيتو عليها.. هيك خبر من وراه كتير شباب فلّو. هربوا عالغربة اللي من وراكم حتصير وطنن ومأمنن وأمانن". محذرة اللبنانيين "ولادكن مش بأمان يا عالم.. هيك خبر بيدعي كل حدا فينا يحمل سلاح، لأنه غلطة عباس ولا مرة تزعرن ولا مرة أذى ولا مرة حمل سلاح.. لا بدكن تحمونا ولا بدكن نحمي حالنا شو بدكن؟ والله الغربة أشرف من أنك تكون غريب ببلدك ومخطوف ومنهوب من شعبك وبنوكة بلدك. بالقليلة برا إلك قيمة!"

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها