السبت 2021/09/18

آخر تحديث: 12:52 (بيروت)

الطبيب محمد خليفة وصحة اللبنانيين: الأمراض تتكاثر والوفيات ترتفع

السبت 2021/09/18
الطبيب محمد خليفة وصحة اللبنانيين: الأمراض تتكاثر والوفيات ترتفع
خليفة: تراجع كبير في جودة الرعاية الصحية (المدن)
increase حجم الخط decrease

يواجه لبنان أزمة اقتصادية متصاعدة، وصفها البنك الدولي بأنها قد تكون واحدة من بين أسوأ ثلاث أزمات منذ منتصف القرن التاسع عشر، فاقمها انفجار المرفأ في آب من العام 2020 وبقاء البلاد بلا حكومة منذ ذلك التوقيت وحتى منتصف أيلول الحالي، ما أدى إلى مواجهة قطاعات عدة تحديات تتزايد يومًا بعد يوم. ووفقًا للبنك الدولي أيضًا، فإن الناتج المحلي الإجمالي تراجع من حوالى 55 مليار دولار أميركي عام 2018 إلى نحو 33 مليار دولار أميركي عام 2020، فيما تراجع إجمالي الناتج المحلي للفرد بالدولار الأميركي بنسبة نحو 40%

ويعد القطاع الصحي واحداً من أبرز هذه القطاعات التي تعاني مع عدم توافر الأدوية ونقص المحروقات اللازمة لتشغيل المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى، إضافة إلى العناصر البشرية العاملة في هذا القطاع الحيوي وفي مقدمتهم الأطباء. من بين هؤلاء، الطبيب محمد خليفة، المختص بالأمراض المعدية ومقاومة المضادات الحيوية بمنظمة أطباء بلا حدود في لبنان، الذي تحدث في حواره عن انعكاسات الأزمة على مجتمع الأطباء والعاملين في المجال الصحي والأعباء اليومية التي تزايدت مع الوضع الراهن.

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، ما أبرز التحديات والهواجس التي تواجه العاملين في القطاع الصحي في لبنان؟
- يواجه الأطباء والعاملون في المجال الصحي في لبنان العديد من التحديات. من أبرزها: ازدياد عبء العمل بشكل هائل، نتيجة هجرة الأطباء من لبنان إلى الخليج والولايات المتحدة وأوروبا، إلى جانب الشح في الأدوية الّذي أدى إلى تعقيد عملية علاج المرضى على عدة مستويات، كما يهدر الأطباء كثيرًا من وقتهم وطاقتهم في إيجاد بدائل للأدوية غير المتاحة. ولا تتوفر هذه البدائل دائمًا، ما يؤدي إلى سوء إدارة الحالات، وبالتالي، زيادة انتشار المرض وارتفاع الوفيات، ما يقلل من جودة الرعاية. وتزيد جميع هذه العوامل من الضغوط على الأطباء والعاملين في المجال الصحي.

كذلك تبرز عدم القدرة على علاج أمراض يمكن علاجها بسهولة بسبب الوضع المتدهور في لبنان. فانقطاع أدوية علاج سرطان الثدي على سبيل المثال، حوّل هذا الأخير إلى مرضٍ قاتل. وحتى لو توفرت هذه الأدوية من جديد، فإن انقطاعها لفترة قد يؤدي إلى معاودة الإصابة بالمرض، وفقدان التقدم بالعلاج الذي أحرزه المريض. كما أنَّ انقطاع المواد الطبية الحيوية والأدوية يحول دون القيام بإجراءات وعمليات جراحية كان يمكن تنفيذها في لبنان في وقت سابق. إضافةً إلى التشخيص غير السليم نتيجة نقص المواد اللازمة في المختبرات والأشعة (صبغة الأشعة، اللوازم الطبية الاستهلاكية..) مع صعوبة الوصول إلى المستشفيات والمراكز الطبية بسبب نقص الوقود، وانقطاع الكهرباء وشح الوقود اللازم لتشغيل المولدات في مرافق الرعاية الصحية. كل ذلك يُراكم العبء النفسي والاجتماعي ويجعل من الصعب تحمل الأطباء الشباب الذين يخضعون للتدريب ويتقاضون رواتب منخفضة بالليرة اللبنانية نفقاتهم اليومية (كتكاليف التنقل والطعام والسكن..).

لذا، ينتاب الاستياء جميع العاملين في القطاع الصحي مع انخفاض الرواتب وفقدان الدافع لتقديم جودة الرعاية نفسها كما كان الحال سابقًا. وهذا يحدث في ظل نقص العمالة المتمرسة في مجال الرعاية الصحية الذين يهتمون برعاية المرضى. وزد على ذلك جائحة كوفيد-19، لا سيما إذا انتشر في مستشفى يعاني بالأساس من نقص في العمالة. ومن بين أهم الهواجس التي تراود الأطباء والعاملين في المجال الصحي، يفكر أغلب العاملين في مجال الرعاية الصحية في لبنان بمغادرة البلاد بحثًا عن فرص عمل في الخارج لتحسين ظروفهم المعيشية وليمارسوا المهنة بشكل أفضل. لكن أعتقد أن هذا هو حال جميع اللبنانيين. على الأرجح أن الأمر أسهل بالنسبة إلى الطواقم الطبية لأن العثور على فرص في القطاع الصحي أسهل بشكل عام.

هل من حلّ لأزمة نقص الأدوية؟
- يطلب أغلب المرضى الذين يستطيعون تحمل تكاليف الدواء بالدولار الأدوية من خارج لبنان، من دول مثل تركيا والأردن. في المقابل، تعمل العديد من المنظمات المحلية غير الحكومية على دعم مبادرات الحصول على أدوية من الخارج للأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل تكاليفها. وفي مرافق منظمة أطباء بلا حدود لا نزال قادرين على توفير الأدوية للمرضى بالمجان.

ما من حلول تُذكر في هذا الإطار، إذا لم يتمكن المريض من الحصول على أدويته. فعلى الأرجح، ألا تتمكن المؤسسة الطبية من الحصول عليها في معظم الأوقات. وعلى غرار الأدوية الأخرى غير المتاحة، بات شراء المضادات الحيوية من الصيدليات أكثر صعوبة. بالتالي، انخفض استهلاك المضادات الحيوية بشكل كبير. يمكن أن يحمل هذا الانخفاض تأثيرًا إيجابيًا في تقليل مقاومة المضادات الحيوية في البلاد. لكنْ لا يمكننا إغفال نتائجه الصحية السلبية على المرضى الذين يحتاجون إلى مضادات حيوية ولا يتلقَونها.

مشكلة انقطاع التيار الكهربائي أثرها السلبي؟
- تعاني المستشفيات والمرافق الطبية في عموم لبنان من ضغوط نتيجة انقطاع الكهرباء، وتواجه منظمة أطباء بلا حدود - مثل باقي المؤسسات العاملة في لبنان- تحديات، نتيجة الأزمة الاقتصادية. لقد عانت فرق المنظمة العاملة في مستشفى بر الياس (سهل البقاع) انقطاعًا في التيار الكهربائي استمر أكثر من 44 ساعة على مدى ثلاثة أيام، مما أجبرهم على تقليل العمليات الجراحية بنسبة 50% خلال تلك الأيام، وتقنين استخدام الوقود لضمان الاستجابة لحالات الطوارئ. كذلك، لم يعد باستطاعة السكان تحمّل تكاليف الرعاية الطبيّة الخاصة. وهناك ارتفاع غير مسبوق في عدد الأشخاص الذين يتوافدون للحصول على المساعدة الإنسانية للوصول إلى خدمات الرعاية الصحية. وتشهد فرق أطباء بلا حدود ذلك مباشرة في عياداتها، حيث ازداد عدد الأشخاص الذين يستنجدون للحصول على خدمات طبية مجانية.

يتزامن ذلك مع ازدياد عدد مرضى الأمراض المزمنة الذين يتلقون الدعم الطبي من أطباء بلا حدود في البقاع بنسبة 60% منذ بداية العام الماضي، وتضاعف عدد المرضى اللبنانيين. وتقدم المنظمة الرعاية الطبية إلى 3500 مريض يعانون من أمراض مزمنة في سهل البقاع، وتحديداً في الهرمل وعرسال. يشار إلى أنَّه طيلة مدار العام الماضي قدمت أطباء بلا حدود قرابة 153 ألف استشارة خارجية و12ألف استشارة صحة نفسية وعالجت زهاء عشرة آلاف شخص في مستشفياتها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها